رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمليات الموساد القذرة لإعادة هندسة صفوف القيادات

بوابة الوفد الإلكترونية

قال رئيس أركان الاحتلال هرتسى هاليفى، فى كلمته فى مؤتمر الأمن القومى فى هرتسيليا بمطلع يونيو الماضى، إن السبب الذى دفعهم لاغتيال إياد الحسنى خلال معركة مايو «ثأر الأحرار» لم يكن تاريخه النضالى، أى دوره فى عملية ديزنغوف وبيت ليد، لكن السبب كان ما ينتظره من دور فى المستقبل. 

ويدفع هذا الطرح، للتأكيد على فلسفة اللجوء إلى الاغتيال والتصفية الجسدية فى عقلية الاحتلال، وهى ليست فعلاً انتقامياً حيوانياً أهوج فقط، وإن كانت هذه الاعتبارات حاضرة فى هوامش الدوافع فى كثير من الأحيان، ولكن، أى عملية اغتيال، لشخصية قيادية، ليست سوى الشق العملى، من دراسات نظرية طويلة ومعمقة ودقيقة، طرحت فيها وفق جملة من الأسئلة، من مثل:

- ما الدافع إلى الاغتيال؟

وأى ثمار يمكن أن نجنيها على المدى التكتيكى والبعيد من هذه العملية؟

وهل بإمكاننا استيعاب ردة الفعل؟ 

وما هو تأثير الاغتيال على بنية التنظيم أو الحزب، ومن هى الشخصية البديلة؟

فى تجربة منظمة التحرير وحركة «فتح»، يظهر لنا، أن الوصول إلى أوسلو الذى وقع فى 1993، مر بطريق، استخدمت فيه إسرائيل سلاح الاغتيالات، لإعادة هندسة البيئة القيادية لحركة «فتح». 

لقد انتقى جهاز «الموساد» ضحاياه بشكل مدروس، وقد بنت كل عملية اغتيال لبنة جديدة، على طريق تصدير تيار الواقعية السياسية، ولم تكن عملية «ربيع الشباب» التى اغتيل فيها كل من كمال عدوان وكمال ناصر وأبويوسف النجار فى العام 1973، سوى المقدمة، لمسلسل اغتيالات طويل، سيقضى فيه كل عنصر قيادى جذرى، يعارض الطرح الواقعى المتمثل فى المشروع السياسى، سيغتال خليل الوزير فى 1988، وصلاح خلف، فى 1991، سيبقى أبوعمار وحيداً مع سلاحٍ يشتهيه، ولا يقوى على استخدامه، وبينما تجفف عنه منابع المال، يطرد من عاصمة إلى أخرى، يتبقى فى حاشيته، الواقعيون، الذين ترى فيهم إسرائيل، مفتاحاً للتأثير على عرفات، وإعادة قولبته سياسياً. 

إن للاغتيال، فى الفهم الصهيونى، أهدافا مركبة وعميقة ممتدة، مرتبطة بدفع الكيانات أمام ظرف ضاغط ما صنعه الاغتيال، إلى تصدير شخصيات، وإنهاء مستقبل آخر، سلوك طريق سياسى، على حساب آخر، تموضع سياسى، على حساب آخر، تصدير أشخاص أقل جذرية، على حساب الشخصيات القيادية العنيفة، المواقفية الجذرية.

إسرائيل ستتدخل بشكل خشن فى إعادة هندسة الصف القيادى فى حركة «حماس» من خلال الاغتيال، كما حدث فى حركة فتح، أن إسرائيل، يزعجها أن من يتصدر المشهد القيادى فى حركة «حماس» اليوم، قناصان ناجحان، استطاعا صناعة سياسية خطيرة، تستهدف ليس أحشاء المشروع الاستيطانى الإسرائيلى فى المدى التكتيكى، إنما سلامة وجوده على الصعيد الاستراتيجى، وما يقوم به يحيى السنوار، وصالح العارورى، أكبر وأخطر من أن تستطيع إسرائيل احتماله، وتعتقد إسرائيل أن لديها عاماً ونصف العام، هى المدة التى تفصلنا عن أخطر انتخابات داخلية، ستعيشها حركة «حماس» منذ سنوات، وهذا الوقت، هو فرصة للعمل على التدخل الخشن، فى إعادة هندسة الصف القيادى الأول لحركة «حماس». 

لقد ارتكتب إسرائيل عدة أخطاء بالغة الغباء، الأول أنها أطلقت يحيى السنوار وصالح العارورى، والثانى أنها أبعدت صالح العارورى إلى الخارج، أما الخطأ القاتل، الأكثر غباءً، أنها طردت صالح العارورى من تركيا، ليجد فى الضاحية الجنوبية ملاذاً أخيراً له. 

القادة الإسرائيليون اليوم يبصقون فى المرآة على وجوههم، فى ظنى، أن فى حركة «حماس» قادة ترى إسرائيل أنهم خيار أقل سوءًا من السنوار وصالح العارورى، قادة يمتلكون هامشاً أكبر من المرونة، ليس استخدام أدوات الصراع، أى ليس فى نظرتهم إلى المقاومة المسلحة، بل الإدارة المرحلية لهذا الصراع، وفى نقاط التموضع على الصعيد الإقليمى، قادة يسكنون فى الدوحة، وليس فى الضاحية الجنوبية، يمتلكون موقفاً علق به الكثير من الأبعاد الشخصية والسياسية والدينية على مر السنوات الماضية، من إيران وحزب الله وسوريا، يمتلكون هامشاً من المرونة، يبقون الباب موارباً دائماً، لأى طرح دولى، من شأنه شراء الهدوء.

لقد بث العارورى الرعب بين قادة المؤسسة الأمنية الصهيونية لأن فوزه فى انتخابات المكتب السياسى المقبلة، ومحافظة السنوار على مكانة مؤثرة فى مركز صنع القرار فى الحركة «حماس» يعنى أن إسرائيل ستكون على موعد مع أربع سنوات أخرى، سينضج فيها على نحو غير محسوب سيناريو «وحدة الساحات»، أربع سنوات جديدة، ستفاوض «حماس» إذا اضطرت للمفاوضات، بالنار وبالنار فقط، وهذا ما لا تريده.