عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

تعد السياسات المالية والنقدية عوامل مساعدة مهمة لإدارة النشاط الاقتصادى.. لكنها ليست النشاط الاقتصادى نفسه.. ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها لإدارة النشاط الاقتصادى.

فتلك السياسات تعمل بشكل أساسى على تحفيز النشاط الاقتصادى.. وإزالة العقبات التى تواجهه.. أما النظر لها باعتبارها مجرد أداة للجباية دون مراعاة الأبعاد الاقتصادية لها.. فذلك يجعل منها عائقاً حقيقياً أمام عجلة الاقتصاد.. وهنا لابد أن تكون هناك وقفة حقيقية أمام أهداف تلك السياسات ومدى توافقها مع متطلبات الاقتصاد بشكل عام.. والأمثلة على ذلك كثيرة.

فقد أعلنت الحكومة مؤخراً فى نوفمبر 2023 عن مبادرة لبيع العقار بالدولار.. وهل كان البيع بالدولار ممنوعاً أصلاً فى دولة أزمتها الرئيسية الدولار.. يا للعجب!!.. من الذى منع؟ ولماذا، وما هدفه؟

لقد نسيت أو تناست الحكومة توجه الدولة للاستثمار العقارى منذ مقدمها.. بل تناست حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل 6 سنوات كاملة عن تصدير العقار.. فكيف لم تتوافق قوانينها مع توجهها.. وكيف تناست فى ظل سعيها للحصول على الدولار بأى ثمن أن لديها قانوناً يمنع البيع بالدولار؟!.. وبالطبع كان نتيجة ذلك الوضع الغريب دخول الدولارات للسوق الموازى.. ومنح الحكومة المأزومة سعر العقار بالجنيه!.

قبل عدة أشهر أصدر وزير المالية قراراً بإعفاء الذهب القادم مع المصريين من الخارج من الجمارك.. وفى نفس اليوم وبعد سلسلة من الارتفاعات غير المبررة لأسعار الذهب.. انخفض سعر الجرام 600 جنيه دفعة واحدة.. وبالطبع لا يستطيع أحد أن يتجاهل العلاقة الوطيدة بين أسعار الذهب والدولار فى مصر.. فهل أدركت «المالية» من أين تأتى الأزمات؟!.

وننتقل من الذهب إلى انخفاض تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 30,8%.. فهل بحثت الحكومة أسباب ذلك الانخفاض الضخم الذى يصل لـ10 مليارات دولار؟!.. وهل أدركت أن سلوكيات صغار الموظفين فى البنوك.. ونهج التعامل اليومى مع تحويلات المصريين بالخارج.. والمماطلة فى صرف الحوالات أو إجبار المتعاملين على صرفها بالجنيه.. كانت سبباً رئيسياً فى البحث عن طرق ووسائل أخرى لتحويل الأموال بعيداً عن يد الحكومة وبنوكها؟.

قد يقول قائل إن ذلك السلوك يستهدف محاصرة السوق الموازى.. ولهذا أقول: وماذا كانت النتيجة؟.. فأقل الفهم الاقتصادى يشير إلى أنه حتى لو خرجت هذه الأموال إلى السوق الموازى.. فمن شأنها أن تحدث تشبعاً فى ذلك السوق.. يؤدى إلى انخفاض قيمة الدولار نتيجة زيادة العرض بدلاً من المحاولات البائسة للحاق به عبر تخفيض قيمة العملة رسمياً!.

نفس الحديث ينطبق على التجارة الإلكترونية وأموال البلوجرز.. ففى الوقت الذى بدأت الكثير من الدول الغربية التى لا تعانى أزمات عملة.. فى فتح أبوابها لهؤلاء.. ومحاولة جذبهم بشتى السبل للعيش على أراضيها.. من منطلق أن وجودهم داخل الدولة سيجذب لها المزيد من العملات الصعبة التى ستنفق حتماً فى الداخل.. نجد أن هذه الفئة ونتيجة إجراءات التتبع والتعسف.. وعدم القدرة على تيسير عملها وجذب المزيد منهم.. بدأت البحث عن ملاذات أخرى لأموالها.. والبحث عن قنوات أخرى لتحويل الدولار.. أو الإبقاء عليه فى الخارج. 

الخلاصة أن الوضع الاقتصادى الراهن وأزمة الدولار.. يحتمان على الدولة وقفة جادة وفاعلة لإزالة كل العقبات الإدارية والمالية والشخوص المعرقلة أمام دخول الدولار إلى الدولة.. وخلق مناخ جاذب من الثقة يتيح لمن يملك الدولار الأمان وحرية التصرف فيه.. سواء تم ذلك عبر القنوات الشرعية أو حتى السوق الموازى.. فما دام ذلك التصرف بالداخل، ففوائده ستعود على الاقتصاد حتماً.