رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

لا يختلف اثنان على أن نتائج الانتخابات الرئاسية (2024) ألقت بحجر ثقيل فى المياه الراكدة بالأحزاب المصرية، فحركتها وقذفت بما فى أعماقها من شوائب وخلافات وصراعات إلى السطح، أدت إلى حالة من التقييم الداخلى والمحاسبة الذاتية لبعض الأحزاب التى ترغب بصدق وفاعلية المشاركة فى الحياة السياسية وتطويرها، وصناعة مشهد سياسى لم تألفه مصر منذ سقوط حكم الإخوان.

ولا يختلف اثنان أيضاً على رغبة الإرادة السياسية للدولة المصرية فى تشكيل واقع سياسى جديد يواكب تطلعات وآمال المواطنين فى تحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التى تسهم بشكل أو بآخر فى تحقيق تنمية سياسية لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 

إن وجود ثلاثة مرشحين حزبيين تنافسوا فى سباق رئاسى، حصلوا فيه على كل فرص الظهور والتحرك والتحدث وعرض البرامج فى مختلف القنوات والوسائل الإعلامية، يعنى أننا مقبلون على مرحلة تنمية سياسية أو إصلاح سياسى أعتبره ضرورة الآن لتقدم مصر واستقرارها.

ولا أذهب بعيداً إن قلت إن هذا الإصلاح المرتقب ليس كثيراً على شعب سجل أعلى مشاركة فى الانتخابات، فذلك أقل شىء يمكن أن نكافئ به المواطن المصرى على ما قدمه للدولة والوطن من وعى سياسى، كان العمود الفقرى لنجاح أول استحقاق رئاسى يشهد منافسة حزبية واقعية بين ثلاثة مرشحين من أحزاب مصرية كبيرة مختلفة التوجهات والأيديولوجيات متحدة الهدف، وهو الانتماء للوطن. 

إن الأحزاب المصرية التى تستحق الدخول فى (موسوعة جينيس) بعددها الذى يزيد على 105 أحزاب، يجب أن تستغل الحراك السياسى الذى أنتجته جلسات الحوار الوطنى وتستثمر تلك الحالة الجديدة التى أفرزتها الانتخابات الرئاسية فى مراجعة أدواتها ولوائحها وأنظمتها الداخلية، وأن تندمج فيما بينها لإعادة تشكيل أربعة أو خمسة أحزاب كبرى، لها قواعد و«مفارخ سياسية» قوية فى مختلف المحافظات، تسهم فى تهيئة البيئة المناسبة لاتخاذ القرار السليم عبر غرفتى البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ )، ومن ثم تحقيق حلم المواطن فى أن يجد فى النهاية قانوناً أو قراراً يخدمه ويلبى طموحاته ويحقق أمانيه؛ فى أن يعيش حراً كريماً فى وطن يستحق مناخاً سياسياً مختلفاً وحياة حزبية أفضل لا تقل عما نشاهده فى الدول المتقدمة.

كما يجب على الأحزاب أن توجه حالة الحماس السياسى للشباب والذى أفرزه السباق الرئاسى لإحداث تنمية سياسية تتصدرها قيادات شابة، تعمل على تنشيط الحياة الحزبية وتشارك بجدية فى ترسيخ قيم الديمقراطية والحرية المسئولة ببرامج وأنشطة تعين القيادة والحكومة على أداء دورها المنشود.

إنها فرصة ثمينة وعظيمة أمام الأحزاب المصرية الآن لكى تثبت للعالم أنها ليست كرتونية أو ورقية، وإنها ليست مجرد لافتات على مكاتب تذروها الرياح أو مجرد غرف صامتة فوق سطح منزل قديم أو تحت سلم مبنى حديث لا نسمع صوت أعضائها أو نشاهد خلقتهم ووجوههم إلا فى المناسبات ومواسم «الاستنفاع السياسى».

إن مصر، كنانة الله فى أرضه، ذات التاريخ السياسى العظيم تنتظر تنمية سياسية تليق بها وبما كانت عليه من حياة حزبية قبل ثورة 1952، يكون للمعارضة فيها صوت قوى يبنى ولا يهدم، يساند الدولة فى الحق، يصحح للحكومة عيوبها، يقدم لها الحلول المناسبة لعلاج المشكلات والعقبات.

إن استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لنظرائه المنافسين من الأحزاب بعد فوزه الساحق، وإعلانه رغبته الصادقة فى التعاون معهم يعد بشرى خير وضوءاً جديداً فى نفق الحياة الحزبية المصرية، ودافعاً قوياً لأن تعيد هذه الأحزاب بناءها من الداخل فيما بينها لتفوز بتمكين ديمقراطى يعيد تحسين صورتها المشوهة والمنقوصة فى المشهد السياسى المصرى، وعلى الدولة أن تساعدها على ذلك ولو بدعم بعضها مالياً كى تقوم بدورها كمعارض له أرضية جماهيرية يحمى الوطن ويساهم فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

 

[email protected]