عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

مر 46 عامًا على خطاب أنور السادات فى الكنيست الإسرائيلى وكأنه ألقاه اليوم، فماذا قال الزعيم أنور السادات فى عقر دار آل صهيون بعد أن حطمهم الجيش المصرى فى السادس من أكتوبر 1973، وهزمهم «السادات» فى الحرب ولقنهم درسًا فى السلام.

قال الزعيم السادات فى عقر دار إسرائيل أقول لكم «إن عليكم أن تخلوا نهائيًا عن أحلام الغزو، وأن تتخلوا أيضاً عن الاعتقاد بأن القوة هى خير وسيلة للتعامل مع العرب. إن عليكم أن تستوعبوا جيدًا دروس المواجهة بيننا وبينكم، فلن يجيبكم التوسع شيئًا».

ثم تحدث الزعيم بكل قوة وفخر عما قام به الجيش المصرى من تحطيم خط بارليف المنيع وعبور قناة السويس فى 6 ساعات يوم السادس من أكتوبر عام 1973.

فقال:« لقد كان بيننا وبينكم جدار ضخم مرتفع، حاولتم أن تبنُوه على مدى ربع قرن من الزمان. ولكنه تحطم في عام1973 ».

كان جدارًا من الحرب النفسية، المستمرة فى التهابها وتصاعدها. كان جدارًا من التخويف بالقوة القادرة على اكتساح الأمة العربية، من أقصاها إلى أقصاها. كان جدارًا من الترويج، أننا أمة تحولت إلى جثة بلا حراك، بل إن منكم من قال إنه حتى بعد مضى خمسين عامًا مقبلة، فلن تقوم للعرب قائمة من جديد.

كان جدارًا يهدد دائمًا بالذراع الطويلة، القادرة على الوصول إلى أى موقع وإلى أى بعد.

كان جدارًا يحذرنا من الإبادة والفناء، إذا نحن حاولنا أن نستخدم حقنا المشروع فى تحرير أرضنا المحتلة، وعلينا أن نعترف معاً بأن هذا الجدار، قد وقع وتحطم فى عام 1973، ولكن بقى جدار آخر، هذا الجدار الآخر يشكل حاجزًا نفسيًا معقدًا بيننا وبينكم حاجزًا من الشكوك، حاجزًا من النفور، حاجزًا من خشية الخداع، حاجزًا من الأوهام حول أى تصرف أو فعل أو قرار، حاجزًا من التفسير الخاطئ لكل حدث أو حديث، وهذا الحاجز النفسى هو الذى عبرت عنه فى تصريحات رسمية، بأنه يشكل سبعين فى المائة من المشكلة».

«وإننى أسألكم اليوم، بزيارتى لكم لماذا لا نمد أيدينا بصدق وإيمان وإخلاص، لكى نزيل معًا كل شكوك الخوف والغدر والتواء المقاصد وإخفاء حقائق النوايا؟ لماذا لا نتصدى معًا، بهذه الشجاعة والجسارة، لكى نقيم صرحًا شامخًا للسلام، يحمى ولا يهدد، يشع لأجيالنا القادمة أضواء الرسالة الإنسانية نحو البناء والتطور ورفعة الإنسان».

وفى خطابه أيضاً قال الزعيم السادات خلال زيارته إلى إسرائيل التى أطلق عليها «رحلة السلام» مذكرًا إسرائيل بقيمة التراب الوطنى ومقدار منزلته عند المصريين والعرب قال السادات: «ولكى نتكلم بوضوح فإن أرضنا لا تقبل المساومة، وليست عرضة للجدل. إن التراب الوطنى والقومى يعتبر لدينا فى منزلة الوادى المقدس طوى الذى كلم فيه الله موسى عليه السلام، ولا يملك أى منا، ولا يقبل أن يتنازل عن شبر واحد منه، أو أن يقبل مبدأ الجدل والمساومة عليه.

وكشف الزعيم السادات فى خطابه أمام أعضاء الكنيست الإسرائيلى والحكومة الإسرائيلية العديد من الحقائق التى يجب مواجهتها، بكل شجاعة ووضوح قائلًا: «هناك أراض عربية احتلتها، ولا تزال تحتلها إسرائيل بالقوة المسلحة، ونحن نصر على تحقيق الانسحاب الكامل منها، بما فيها القدس العربية.. القدس التى حضرت إليها باعتبارها مدينة السلام، والتى كانت وسوف تظل على الدوام، التجسيد الحى للتعايش بين المؤمنين بالديانات الثلاث».

وعن القضية الفلسطينية قال السادات فى الكنيست الإسرائيلى: «أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فليس هناك من ينكر أنها جوهر المشكلة كلها وليس هناك من يقبل اليوم، فى العالم كله، شعارات رفعت هنا فى إسرائيل، تتجاهل وجود شعب فلسطين، بل تتساءل: أين هو هذا الشعب؟

«إن قضية شعب فلسطين، وحقوق شعب فلسطين المشروعة، لم تعد، اليوم، موضوع تجاهل أو إنكار من أحد، بل لا يحتمل عقل يفكر أن تكون موضع تجاهل أو إنكار».

قال السادات عن أهمية السلام العادل: «لا معنى لأى حديث عن السلام الدائم والعادل، ولا معنى لأى خطوة لضمان حياتنا معا فى هذه المنطقة من العالم فى أمن وأمان، وانتم تحتلون أرضًا عربية بالقوة المسلحة. فليس هناك سلام يستقيم أو يبنى، مع احتلال أرض الغير.

ثم تحدث الزعيم السادات عن ضحايا الحروب فقال: ضحية الحرب الإنسان، إن الروح التى تزهق فى الحرب، هى روح إنسان، سواء كان عربيًا أو إسرائيليًا، إن الزوجة التى تترمل هى إنسانة من حقها أن تعيش فى أسرة سعيدة، سواء كانت عربية أو إسرائيلية. إن الأطفال الأبرياء، الذين يفقدون رعاية الآباء وعطفهم هم أطفالنا جميعًا، على أرض العرب، أو فى إسرائيل لهم علينا المسئولية الكبرى فى أن نوفر لهم الحاضر الهانئ، والغد الجميل.

رحم الله الزعيم السادات الذى وجه نداء إلى كل ضحايا الحروب من قلب إسرائيل، بأن يملأوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام وأن يملأوا الصدور والقلوب بآمال السلام وكأنه تحدث اليوم فى ظل ما يحدث من جرائم إسرائيل فى غزة.