رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

نواصل حكاية «نوبار» باشا, أحد عشاق المحروسة, والذى تفانى فى حبها, وضحى من أجلها بكل غال ونفيس.

حدث خلاف بينه وبين عباس حول مسألة التمثيل الدبلوماسى، وفقــًا للفرمانات العثمانية، فقدّم نوبار استقالته - وكانت سابقة جديدة فى نظام الحكم فى مصر- ولكن انتهى الخلاف بأنْ قال له عباس «إننى يا نوبار لا أستغنى عن خدماتك».

وفى نهاية عام 1867 كان نوبار فى باريس، فتلقى برقية من الخديو إسماعيل يستدعيه إلى القاهرة,  وعندما وصل قال له إسماعيل إنه تقدم ببعض الطلبات للسلطان العثمانى منها  إلغاء تحديد عدد قوات الجيش وحق مصر فى أنْ يكون لها أسطول حربى وحقها كذلك فى وضع التشريعات الخاصة بها, وإيفاد وزراء مصريين لدى الدول الأجنبية وعقد معاهدات تجارية وإدارة كاملة لمصر.

وافق «نوبار» على هذه الطلبات ولكنه قال لإسماعيل «إنّ ما تـُريده لا يصلح لأنْ يكون موضع طلب بل إنّ مثل هذه المطالب إنما تـُنتزع بالسيف.. إنه الاستقلال.. ما تطلبه هو الاستقلال فإذا أردتَ أنْ تكون مًستقلا حقــًا فإنّ عليك أنْ تكون سيد نفسك.. إنّ حكومتك عبارة عن 17 قنصلا, فهناك 17 قنصلية تتمتــّع كل واحدة منها بسلطة تـُضاهى سلطة حاكم مصر..إنّ ما يلزمنا هو أنْ نخرج من الوضع الذى نحن فيه الآن.. وأنْ نكون أسياد البلاد.. وإذا حققنا ذلك نـُصبح مُستقلين حقــًا .. إنّ ما يُـضايقنا هم القناصل الذين يشاركونك السلطة.. ثم هذه المُستعمرات الأوروبية داخل مصر..هل تريد أنْ تـُحرر نفسك؟ تستطيع ذلك يا سيدي.. إن المائة وخمسين ألف أوروبى الموجودين فى مصر، يمثلون الثلاثمائة مليون أوروبي, والأوروبيون أشبه بالمماليك وعليك أنْ تفعل بهم ما لم يستطع جدك أنْ يفعله معهم, لقد أرغم جدك المماليك على الانصياع للنظام والخضوع له, وهذا النظام هو القانون, ومن أجل إخضاع هؤلاء للقانون يجب أولا أنْ تخضع أنتَ نفسك للقانون.

وهكذا كان «نوبار» شـُـجاعًا فى مواجهة الخديو إسماعيل, وفى رسالة منه إلى السيدة زوجته كتب «إننى أحب مصر.. ولا أنتِ ولا أنا نستطيع العيش فى مكان آخر.. ومع ذلك فما دام الأوروبيون يعيشون بلا قيد يكبح جماحهم وبلا قوانين فى مصر، وليس لدينا محاكم، فسيكون من المستحيل بالنسبة لى أنْ أعيش هنا, إننى أعانى والظلم يُسبّب لى الضيق.  يجب أنْ ننشىء محاكم تحمينا من الأوروبيين ومن الوالى، حتى نستطيع أنْ نحيا فى أمان وكرامة, نحن فى حاجة إلى محاكم حتى تكون مصر هى مصر، ولكى أكون وزيرًا حقيقيًا وليس مجرد حاجب فى محكمة.

انفجر السلطان التركى غضبًا بمطالب إسماعيل وتأييد نوبار, وفى الزيارة التى قام بها  نوبار إلى الأستانة وجد كبار الدول العثمانية يتهمون روسيا بأنها وراء مطالب إسماعيل.

وكانت روسيا فى ذلك الوقت وراء ثورة «كريت» المناهضة للسيطرة العثمانية, وقال على باشا -رئيس الوزراء العثماني- لنوبار «مصر بلد مقهور بالسيف, أنتم تـُريدون الاستقلال عن الإمبراطورية. كيف يتجاسر إسماعيل ويطلب هذه المطالب؟» واعترف نوبار فى مذكراته أنه تعرّض لإهانات شديدة فى الأستانة, واشتدّ غضب الوزير التركى فقال: أنتم تـُريدون زيادة عدد قوات الجيش وأسطول حربى، أليس هذا هو الاستقلال؟ ثم ذكــّره بفرمان عام 1848 والتهديد بأنه إذا عاد الوالى إسماعيل وكرّر هذه المطالب فإنّ الأستانة ستنظر فى ضرورة اتخاذ إجراءات بشأنه.

ولكن نوبار لم يُرهبه هذا التهديد فقال فى تحد واضح «مطلبنا الآن الحصول من الباب العالى على وسيلة للدفاع عن 5 ملايين مسلم ضد تعديات وانتهاكات الأجانب فى مصر, وضد الاستغلال الذى يُمارسه 100 ألف أجنبى ضد سكان مصر, وكل المصريين يساندون الوالى فى هذه المطالب»، فرد على باشا «مصر شجرة مزروعة فى أرض تنتمى للإمبراطورية ولذلك فإنّ الشجرة تنتمى إليها» فماذا كان رد نوبار؟ هذا ما ستعرفه فى اللقاء القادم.

 

حفظ الله مصر وأهلها

SALAH_ALWAFD@YAHOO.