عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

أشرف عبدالغفور من جيل الفنانين الذين كانوا يعودون ليلًا لمنازلهم بعد انتهاء المسرحية فى نفس الأتوبيس مع المتفرجين.. هذا الجيل لم يكن لمسرحهم أبواب خلفية تصطف أمامه أحدث السيارات والسائقون وأضخم البودى جاردات لحمايتهم من الجمهور!

أشرف عبدالغفور من جيل عظماء المسرح القومى الذى وقف على خشبته أساتذة كشموع تضيء بالمعرفة والثقافة لتقديم أجمل ما أبدعه عباقرة التأليف المسرحى العربى والغربى.. هذا الجيل الذى كان يخجل من المرور أمام الكباريه.. ترك خشبة المسرح لما نقلوا إليه الكباريه!

وإذا كنا اليوم حزانى لرحيل فنان كبير فى حادث مرورى عشوائى من سائق متهور لا تحكمه قوانين ولا نظام.. فمن قال إن ما يجرى على ما تبقى من مسرحنا وما يقوم به بعض الممثلين من اسكتشات تافهة تختلف كثيرًا عن موت فنان كبير فى حادث مرورى عشوائيًا.

مات أشرف عبدالغفور الذى ظل واحدًا من الأسرة المصرية منذ مسلسل «القاهرة والناس».. لم يشعروا أنه غريب عنهم لأنه ليس مختلفًا.. فهو يؤدى دوره بطبيعية جدا ويتحدث مثلهم ويرتدى نفس الملابس، ولذلك تعامل معه الجمهور وكأنه شيء طبيعى وليس استثنائيًا، ووجوده مهم ومؤثر وضرورى.. ولكنه عادى مثل الأخ والأب والجد!

أعتقد أن الموت غيب أشرف عبدالغفور لحكمة أو إنذار فى المرور والفن.. فما يحدث من حوادث للسيارات على الطرق لا يستوعبه عقل ولا يتسق مع الواقع والمنطق.. ففى الوقت الذى قامت الحكومة بإنشاء هذه الشبكة الضخمة من الطرق بأحدث المواصفات وأعلى المعايير ما زال من يقود السيارات عليها بشرًا من العصر الجاهلى.. حتى ولو معهم أعلى الشهادات وحصلوا على أعلى مستوى من التعليم.. فقيادة السيارات فى مصر عشوائية لا تختلف عما يجرى فى الفن والثقافة..!

نعم لدينا مسرح قومى تم تجديده وتحديثه.. ولكن ماذا يقدم؟!.. ومن هم عباقرة التمثيل الذين يقفون على خشبته مثلما كان يقف حمدى غيث وسميحة أيوب وأمينة رزق وشفيق نور الدين وأشرف عبدالغفور وعبد المنعم إبراهيم.. وما هى النصوص التى يقدمها أمام نصوص نعمان عاشور وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس؟! أما عن المخرجين وبقية الفنانين المبدعين لهذا المسرح، مثل يعقوب صنوع وجورج أبيض وذكى طليمات وجلال الشرقاوى وكرم مطاوع، فإننى فى الحقيقة أخجل من ذكر أسماء بعض الفنانين الحاليين بجوارهم؛ لأننا سنذكر أسماء هى أقرب لنفس السائق الذى أودى بحياة الفنان الكبير أشرف عبدالغفور، حيث إن الكثير من الفنانين لا يختلفون كثيرًا عن قائدى السيارات هذه الأيام!

نعم لدينا فن ومسرح.. ولكن مثله مثل حركة المرور بلا احترام للقواعد.. ولا أحد يستطيع أن يضبط قائد سيارة مخالفا ولا فنانًا غير ملتزم لأن ما يحتاجه الفن من التزام لا يختلف عما يحتاجه المرور من انضباط.. وهو أكبر من كل القوانين.. إنه الضمير والأخلاق! رحم الله أشرف عبدالغفور.. فإن بعض الموت السريع هو فى الحقيقة إنقاذ من حياة قاتلة بالبطيء!

[email protected]