رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فكرة إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين بدأت منذ أيام حملة نابليون بونابرت عام 1799، حيث دعا يهود آسيا وأفريقيا للانضمام إلى حملته من أجل بناء مدينة القدس القديمة، وقد جنّد منهم عددًا كبيرًا فى جيشه، إلا أن هزيمة نابليون حالت دون ذلك. ثم بدأت الفكرة تظهر على السطح مرة أخرى، وبدأ العديد من زعماء الغرب وكبار اليهود يهتمون بها، ويؤسسون كثيرًا من الجمعيات المنادية لهذا الأمر، وبدأ التخطيط الفعلى من إصدار تيودور هرتزل الزعيم الصهيونى عام 1896 كتابه «الدولة اليهودية»، وجاء فى خطابه بهذا المؤتمر: «إننا نضع حجر الأساس فى بناء البيت الذى سوف يؤوى الأمة اليهودية»، ثم اقترح برنامجًا يدعو إلى تشجيع القيام بحركة واسعة إلى فلسطين، والحصول على اعتراف دولى بشرعية التوطين، وكان من قرارات ذلك المؤتمر: إنشاء «المنظمة الصهيونية العالمية» لتحقيق أهداف المؤتمر، والتى تولت أيضاً إنشاء جمعيات عديدة علنية وسرية، لتخدم هذا الهدف، ودرس اليهود حال المستعمرين، فوجدوا أن بريطانيا أنسب الدول لهذا الأمر التى تتفق رغبتها فى وضع داء فى وسط الأمة الإسلامية موالٍ للغرب، مع رغبة اليهود فى وطن قومى لهم، وكانت أكثر البلاد العربية تحت سيطرتها، فدبروا معها المؤامرة، وأخذوا بذلك وعداً من «بلفور» رئيس وزراء بريطانيا ثم وزير خارجيتها عام 1917 أعلن فيه: أن بريطانيا تمنح اليهود حق إقامة وطن قومى لهم فى فلسطين، وأنها ستسعى جاهدة فى تحقيق ذلك. وكان اليهود قد بدأوا الهجرة إلى فلسطين فى الوقت الذى كانت فيه فلسطين تحت الانتداب البريطانى، فاستطاع اليهود بسبب الهجرة تكوين دولة داخل دولة، وكانت الحكومة البريطانية تحميهم من بطش المسلمين، وتتعامل معهم بكل التسامح، فى الوقت الذى تتعامل فيه مع المسلمين بكل شدة وتنكيل.

ولما أخفقت بريطانيا عن تحقيق أمانى اليهود أحالت الأمر إلى الأمم المتحدة التى بدورها استلمت الدور البريطانى فى المنطقة، فأرسلت الأمم المتحدة لجانها إلى فلسطين، ثم قررت هذه اللجان تقسيم فلسطين بتخطيط يهودى وضغط أمريكى، فأعلن قرار التقسيم لفلسطين بين المسلمين واليهود فى 29 نوفمبر 1947. فقررت الحكومة البريطانية بعده الانسحاب من فلسطين، تاركة البلاد لأهلها وذلك بعد أن تأكدت أن اليهود قادرون على تسلم زمام الأمر، فحال خروجها فى مايو 1948، أعلن اليهود دولتهم التى اعترفت بها أمريكا بعد إحدى عشرة دقيقة، وكانت روسيا قد سبقتها بالاعتراف، ثم استطاعت هذه الدولة اليهودية أن تقوم على قدميها، وأن تخوض ضد المسلمين عدة حروب، منى فيها المسلمون بهزائم، وما زالت هذه الدولة قائمة فى قلب الأمة الإسلامية، فاليهود منذ أزمان بعيدة وهم داء، أينما حلوا نشروا الفساد والشحناء والعدوان بين أهل البلاد التى يحلون فيها، وقد رأت الدول الغربية أنها ستكسب مكسبين عظيمين من إقامة هذا الكيان فى جسد الأمة الإسلامية!

أحدهما: أنها تسلم من شرور اليهود وسيطرتهم، وفسادهم وتحكمهم فى البلاد وثرواتها.

ثانيهما: أنها تضع فى قلب الأمة الإسلامية دولة حليفة لها، وهى فى نفس الوقت علة تستنزف قوى الأمة الإسلامية، وتضع بذرة الفرقة والخلاف بين أفرادها، حتى لا تقوم لها قائمة.

وهذا الوضع ما زال قائما، وفى كل يوم يظهر الهدف واضحا، وتظهر الشخصية اليهودية الحقيقية أكثر وأوضح، وما لم يقف العرب لهذا الواقع المرير، فإنه لن يتغير الحال، بل ستزداد الأزمات والمصائب، فإن تجمع العرب واتفاقهم على هدف واحد لصون وحدتهم مقدمة لتكون فلسطين حظيرة لليهود، ومؤذنة بفنائهم والقضاء على بذرتهم الخبيثة.