رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الدول التى تتباهى علينا دائماً بالديمقراطية وحقوق الإنسان، هناك ما يعرف بــ«العقاب الديمقراطى»، وهو فى أبسط معانيه أن يدفع الرئيس أوالمسئول ثمن أخطائه السياسية سياسياً عبر الانتخابات، بأن تعاقبه الهيئة الناخبة بعدم اختياره مرة أخرى. 

على مستوى العدوان على غزة من المنتظر أن تدفع أطراف عدة ثمن مجازر غزة، وأقل ثمن هو فقدان مواقعها ومناصبها، على رأس هؤلاء قولاً واحداً رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى كان يعانى فى الأصل ما قبل هجوم المقاومة فى السابع من أكتوبر من مشاكل قانونية وقضائية وسياسية كبيرة على مستوى الداخل الإسرائيلى، بلغت حد انتظاره للسجن فى أى وقت، لكن جاءت الحرب على غزة الذى يحاول نتنياهو إطالة أمد العدوان لإنقاذ نفسه أولاً وأخيراً وتوفير ملاذ لخروج آمن على الأقل ينقذه من السجن، أما عن المستقبل السياسى فالإسرائيليون قبل العالم يعرفون أن نتنياهو ومشروعه السياسى انتهى وللأبد.

لكن يبقى السؤال؛ هل يمتد العقاب السياسى والديمقراطى للحرب على غزة إلى دول أخرى؟ نعم، على ما يبدو كذلك، والمنصب الثانى المعرض للعقاب هو منصب رئيس أكبر دولة فى العالم، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، لكن قبل أن تفرح وتتشفى عزيزى القارئ فهذا العقاب ليس من باب الإنسانية البحتة من الناخب الأمريكى، فالعدوان على غزة والكيفية التى أدارت بها الإدارة الأمريكية الأزمة هى قضية من عدة قضايا رئيسية يحكم بها الناخب الأمريكى على رئيسه وحزبه، بالإضافة طبعا إلى عمر الرئيس الذى يزيد الشكوك حول قدراته الصحية والذهنية، ونحن نتحدث عن أكبر رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة، احتفل منذ أيام بعيد ميلاده الـ81. لكن يزيد تأثير غزة والصراع العربى الإسرائيلى هذه المرة فى ظل العدوان الإسرائيلى الغاشم والقوة الغاشمة، التى جعلت إسرائيل للمرة الأولى منذ نشأة الدولة العبرية تخسر معركة الرأى. والمعسكر الآخر الجمهورى لأسباب سياسية بحتة على رأسها رغبة حثيثة وأكيدة فى العودة للبيت الأبيض يستغل هذه الأوضاع. وترامب وكل مرشحى المعسكر الجمهورى يسعون لنيل ثقة الناخبين اليهود بإظهار دعم وتأييد كبير لإسرائيل، على رأس هؤلاء ترامب نفسه الذى قال إن «الولايات المتحدة ستقف إلى جانب إسرائيل بنسبة 100%- دون تردد ودون شروط ودون أى اعتذار. لن نعتذر»، ترامب أضاف أيضاً «إذا أهدرتم قطرة دماء أمريكية، فسنريق جالونا من دمائكم».  لكن قبل ذلك كله لا ننسى أن ترامب هو أول من نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية فى إسرائيل للقدس.

لكن عامة استطلاعات الرأى الأخيرة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى تراجع الرئيس بايدن فى مواجهة منافسه الرئيسى الرئيس الجمهورى السابق دونالد ترامب؛ حيث أظهرت الاستطلاعات تقدم ترامب فى 5 ولايات حرجة من الولايات الست الحاسمة، حيث ينتقد الناخبون بايدن، حسبما أظهر استطلاع جريدة النيويورك تايمز، وأظهر الاستطلاع أن الناخبين فى الولايات الحاسمة يثقون فى دونالد ترامب أكثر من الرئيس بايدن فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة الخارجية والهجرة، حيث تظهر قاعدة بايدن متعددة الأعراق علامات التآكل. فى هذه الولايات الست الحاسمة، ويمنح الناخبون المسجلون فى هذه الولايات الست ترامب أفضلية فى الثقة على بايدن فى التعامل مع الاقتصاد والهجرة والأمن القومى والصراع الإسرائيلى الفلسطينى، لكنهم يثقون أكثر فى بايدن فيما يتعلق بالإجهاض، مع وجود انقسام وثيق حول التعامل مع الديمقراطية.

وكما ذكرت شبكة CNN سابقاً، فإن بايدن يحتل مرتبة منخفضة فى استطلاعات الرأى الداخلية بالبيت الأبيض تماماً كما هى الحال فى أى من الاستطلاعات العامة.

أما استطلاع شبكة إن بى سى نيوز الذى أجرى فى الفترة من 10 إلى 14 نوفمبر– بعد أكثر من شهر على العدوان؛ فقد ركز على تأثير العدوان الإسرائيلى على غزة والتأييد اللامحدود من الإدارة الأمريكية الحالية لإسرائيل، حيث أشار إلى انخفاض معدل تأييد الرئيس جو بايدن إلى أدنى مستوى خلال رئاسته– 40٪– حيث لا توافق أغلبية كبيرة من جميع الناخبين على تعامله مع السياسة الخارجية والحرب بين إسرائيل وحماس، وجد الاستطلاع أن بايدن يتخلف عن الرئيس السابق دونالد ترامب لأول مرة الاستطلاع ذهب أيضاً إلى تآكل شعبية بايدن بشكل أكثر وضوحاً بين الديمقراطيين، الذين يعتقد أغلبهم أن إسرائيل قد ذهبت بعيدا جدا فى عملها العسكرى فى غزة، وبين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، حيث رفض 70٪ منهم طريقة تعامل بايدن مع الحرب. حيث يوافق 34% فقط من إجمالى الناخبين على طريقة تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحماس، مقابل 56% يقولون إنهم لا يوافقون على ذلك. وحسب الحزب، يقول نصف الناخبين الديمقراطيين فقط (51%) إنهم يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب، مقارنة بأغلبية المستقلين (59%) والجمهوريين (69%) الذين يقولون إنهم لا يوافقون على ذلك. الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الديمقراطيين منقسمون بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، فمن بين الناخبين الديمقراطيين، يعتقد 51% أن إسرائيل قد ذهبت أبعد من اللازم، مقابل 27% يقولون إن العمليات العسكرية الإسرائيلية مبررة. وبينما يؤيد أغلبية الناخبين (55%) تقديم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لإسرائيل، فإن ما يقرب من نصف الديمقراطيين (49%) يقولون إنهم يعارضون هذه المساعدة.

أما آخر الاستطلاعات وأحدثها بعد مرور 40 يوماً على العدوان على غزة؛ وجد استطلاع هارفارد، أن ترامب حصل على دعم بنسبة 48% بين المشاركين، بينما حصل بايدن على 41%، وقال 11% إنهم لا يعرفون أو غير متأكدين لمن سيصوتون. ويظهر الاستطلاع أن ترامب حصل على نقطتين مئويتين منذ إجراء استطلاع مماثل فى أكتوبر، ووضع الرئيس السابق على 46% وبايدن على 41%.

لذلك؛ وفى ضوء هذه النتائج من الواضح أن بايدن قد يدفع ثمن التأييد الأعمى لإسرائيل حتى إن كان هذا التأييد هو الورقة الأخيرة له فى السباق الانتخابى. لكن يبقى السؤال هل يمتد تأثير متتالية الدومينو لعواصم غربية أخرى خاصة مع اتساع نطاق الرفض الشعبى الغربى للعدوان الإسرائيلى، وهل تصحح الشعوب الغربية خطأ ومسار ازدواجية المعايير لحكوماتهم. وأعتقد أن المحطة القادمة هى لندن.