عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

على مدار قرابة ربع قرن تابعت فيه أخبار الكيان المحتل.. لم أر دولة الاحتلال بهذا القدر من الضعف كما هى اليوم.. ضعف عسكرى.. سياسى.. اجتماعى.. واقتصادى.

أما الضعف العسكرى.. فيتجسد فى تدمير واحدة من أهم أسس العقيدة القتالية للاحتلال.. وذلك بنقل المعركة إلى أرضه.. فعقيدة القتال الإسرائيلية تقوم على.. خوض الحروب على أرض الآخرين.. وتبقى الجبهة الداخلية بعيدا عن النيران.. كما درج مقاتلو الاحتلال خلال عشرات السنين على المواجهات السهلة.. ضرب المدنيين عن بعد دون رد وبأقل خسائر.. لكن المواجهة البرية والقتال رجل لرجل.. هذا مالم يوضع فى الحسبان.. وقد أربك هجوم المقاومة فى 7  أكتوبر الجبهة الداخلية للاحتلال وكشف ضعفها.. وطال قوات الاحتلال نفسها وتمثل ذلك، فى تعدد حالات رفض الخدمة أو الهروب منها.. مع تزايد حالات الانهيار النفسى بين الجنود.. والتساؤل: لماذا نقاتل ومن أجل من نتواجد هنا.. كل هذا أحدثه عدد قليل لا يقارن بأى قوة قتال نظامية.. رغم ضعف تسليحهم وبدائيته.. وهو ما يطرح سؤال الرعب على الكيان المحتل.. ماذا لو كان عدد رجال المقاومة فى غزة أكبر.. وماذا لو كان التسليح أكثر ثقلا؟!.. وماذا لو تحركت جبهات أخرى داخل فلسطين وحدها؟!.. لتؤكد الأحداث أن كل ما يشاع عن قوة جيش الاحتلال أكاذيب سرعان ما تنهار بمجرد نقل المعارك إلى جبهته.

أما الانهيار الاجتماعى فتمثل فى ضرب نظرية الأمن الإسرائيلى واليد الطولى التى بدت مشلولة.. ومشاهدة الجميع سقوط الأسوار وأنظمة المراقبة والإنذار.. بجانب الإخلال بـ»عقد المواطنة» لدولة الاحتلال.. هاجر لتمنح الجنسية والمسكن والعمل من اليوم التالى.. ولتشهد دولة الاحتلال موجة جديدة من الهجرة العكسية. 

أما الضعف الاقتصادى.. فتمثل فى توقف الحياة وخسائر تقدر بالمليارات يوميا.. وهو ما يشير إلى عدم تحمل دولة الاحتلال للحرب فترة تدوم لأشهر ما لم تتدفق عليها شلالات الدعم المادى والعسكرى من حلفائها.. وهو ما أكدت عليه إحدى افتتاحيات صحيفة «هاآرتس» إجمالا بالقول.. «أمريكا مجددا، كم نحن ضعاف لا نستطيع أن نقاتل أو نحافظ على اقتصادنا بمفردنا دون المساندة الأمريكية».

أما على المستوى السياسى.. فبينما ظن نتنياهو أن حرب غزة ربما تكون طوق النجاة لحكومته الفاشلة.. وله شخصيا من الملاحقة الجنائية فى تهم فساد.. تحولت تلك الحرب إلى ترس ضخم يطحن ما تبقى من عظامه هو وحكومته المتطرفة.. فبينما أثارت الحرب غضب شعوب العالم «الحر» بأكمله ضد جرائم دولته.. وحشدت تعاطفا دوليا غير مسبوق للحق الفلسطينى.. أثارت أيضا غضبا شديدا فى الداخل بين كل التيارات المختلفة.. ففريق يصب اللعنات على الفكر المتطرف الذى أوصلهم لتلك المرحلة.. وآخر حانق لعدم شعوره بالأمان وإدراكه لفشل حكومتهم فى حمايتهم.. وثالث من المتطرفين يرى أن إدارة نتنياهو لجرائم القتل لا تروى شبقهم وعطشهم للدماء ويطلبون المزيد.. ورابع يرى أن الإصلاح يبدأ بإزالة حكومة المتطرفين ورئيسها الفاسد.. وقد تجسد ذلك فى مقولة أحد الكتاب الإسرائيليين.. «إن نتنياهو وعصابته المتطرفة هم الخطر الحقيقى على أمن إسرائيل».. وقول رئيس حكومتهم الأسبق ايهود أولمارت «نتنياهو مصاب بانهيار عصبى وبات خطرا على الدولة».. كل هذا الوهن والضعف أحدثه هجوم واحد.. محدود زمانا ومكانا.. كما وكيفا، مقارنة بحرب حقيقية.. فهل فعلا أوشكت دولة الاحتلال على الزوال كما تقول نبوءات توراتهم.. أم سيمنحها «الخذلان العربي» والمطبعون فرصة جديدة لنرى جولات أخرى على نفس المسار خلال السنوات المقبلة؟