رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتهت القمة العربية الإسلامية الطارئة يوم السبت الماضى 11 نوفمبر 2023 لبحث العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى ببيان ختامى فى مقدمته 11 «إذ» وما تلاها من إعراب وتأكيد واستنكار وإدانة وتحذير وترحيب، ثم شملت القرارات 31 بنداً لا تختلف عن مقدمة البيان، ونكتفى بهذا الحديث عن تلك القمة غير العادية، فالكلمات لن تستطيع التعبير عن حالة البؤس الذى وصل قمته، تزامناً مع ما يرتكبه العدوان الإسرائيلى من مجازر وعمليات إبادة جماعية وتهجير وجرائم حرب دخلت شهرها الثانى ضد الأبرياء من أهل غزة.

كانت تلك المقدمة للتوثيق ليس أكثر، وحتى لا يضيع وقت القارئ الكريم فى مناقشة وتحليل «إذ وما تلاها»، سأروى لكم قصة ذبح الأب «توما الكبوشى» وخادمه «إبراهيم عمار» فى حارة اليهود، ربما يستفيق الغرب الداعم لهذه الجرائم من تلك الغيبوبة التى يقع فيها، وانطلاقاً من تصريح «بلينكن» وزير الخارجية الأمريكى الذى وقف بكل فخر منذ شهر تقريباً يقول إنه فى إسرائيل بصفته «يهودى ابن يهودى» نبدأ الحكاية.

ولد الأب توما الكبوشى1780 فى إيطاليا ودخل رهبنة الكبوشية سنة 1807، كان الأب توما أديباً محبوباً عالماً يعالج المرضى فى دمشق مجاناً، وكان ماهراً بصناعة تطعيم الجدرى، وفى يوم الخامس عشر من شهر فبراير 1840 ذهب الأب «توما» لحارة اليهود بقصد تطعيم طفل ضد مرض الجدرى، وكان بالقرب من بيت هذا الطفل دار«داود هرارى » صديق الأب توما، ويعد «هرارى» من أتقى اليهود فى الشام، وكان الناس يبالغون فى توقيره وإكرامه، فلما رأى «هرارى» الأب «توما الكبوشى» ماراً أمام داره استدعاه للدخول، وكان موجوداً بالدار أخا «داود» وعمه واثنان من أكابر اليهود، وبعد دخول الأب أُغلق الباب وانقضوا جميعاً عليه، ووضعوا على فمه منديلاً وربطوا يديه ورجليه، حتى أظلم الليل، واستعدوا لذبحه، فلما جاء حضرة الحاخام، استدعوا حلاقاً يهودياً اسمه «سليمان» وأمروه بذبح القسيس فخاف الحلاق وامتنع، فَهَّم «داود هرارى» الرجل التقى الوقور صديق الأب توما وأخذ السكين ونحره بنفسه!

وعندما بدأت يد «هرارى» ترتجف توقف عن إكمال العملية، فجاء أخوه «هارون» لمساعدته، وكان الحاضرون يتناولون الدم فى إناء ثم يضعونه فى زجاجة بيضاء، تم إرسالها فيما بعد إلى الحاخام باشا «يعقوب العنتابى»، وبعد أن تمت تصفية دم الأب «توما» نزعوا ثيابه وأحرقوها، ثم قَطَّعُوا الجسد قطعاً وسحقوا عظامه سحقاً «بيد هون»، ثم ألقوا تلك العظام المسحوقة وهذا الجسد المقطوع فى أحد المصارف، وظنوا أنهم بهذه الطريقة قد دفنوا الجريمة فى قبر عميق.

ولما طال وقت رجوع الأب «توما» إلى ديره قلق خادمه «إبراهيم عمار»، وتوجه إلى حارة اليهود يسأل عنه، لأنه كان يعلم أن معلمه قد ذهب إلى هناك، وعندما وصل إلى دار «داود هرارى» يسأل عن الأب «توما»، أدخلوه وذبحوه كما ذبحوا معلمه.

وأثناء التحقيقات اعترف سبعة من المتهمين بأنه قبل الواقعة بأيام أخبرهم الحاخام باشا بأنه يلزم الحصول على دم بشرى لاستعماله فى عيد الفصح القريب، فأجابه «داود هرارى» بأنه سيتحصل على ذلك مهما كلفه من أموال.

وخلال محاكمة هؤلاء المجرمين هاج يهود أوروبا وحاولوا الحصول على عفو للمتهمين ولكن خاب مسعاهم وصدر الحكم على عشرة منهم بالإعدام، واستمرت المساعى والمحاولات لإنقاذ المحكوم عليهم، ووصل مندوبان من قبل جمعية الاتحاد الإسرائيلى إلى مصر، ورفعا عريضة لمحمد على باشا التمسا فيها إعادة النظر فى الدعوى، فقبل محمد على هذا الالتماس، وأصدر عفواً عن المجرمين فى نهاية الأمر!!

تلك القضية الخاصة بذبح الأب توما وخادمه «إبراهيم عمار» وما كشفته التحقيقات ليست من وحى الخيال، بل ذكرها «شارل لوران» فى كتابه «المسائل التاريخية عما جرى فى سوريا سنة 1840» وترجمها عن الفرنسية الدكتور يوسف نصر الله، بالإضافة إلى كتاب «اليهودى حسب التلمود» للدكتور«روهلنج » وضمهما فى كتابه «الكنز المرصود فى قواعد التلمود 1899»، يقول الدكتور نصر الله فى مقدمة الكتاب: «لا تظن أيها القارئ اللبيب أن هذين الكتابين من عندياتى لأنهما ذكرا فى كثير من الكتب المشهورة لدى العموم ككتاب «صراخ البرىء» لصاحبه حبيب أفندى فارس وكتاب فرنسا اليهودية لأدوار دريمون». 

وقد جاء فى كتاب «صراخ البرىء 1891» واقعة مشابهة لواقعة الأب «توما»، وهى اختفاء الطفل «هنرى عبدالنور» أحد أبناء طائفة الأرمن الكاثوليك فى دمشق، الذى تم العثور على جثته فى بئر مغطاة، وكُتبت قصيدة رثاء فى هذا الطفل تصلح رثاءً لأطفالنا فى غزة اليوم، نذكر بعض أبياتها، ربما يشعر كل من يدعم هذا الكيان الوحشى بصرخات هذا الدم البرىء:

يا أيها الحاخام رجعنى إلى.. أمى وأهلى ليس ينفعكم دمى

لم يسمع القاسى الصراخ وإنما.. زاد العذاب بضرب سوط مؤلم

نا ديت يا ربى أزل عنى عذابهم.. فمن قولى لقد سدوا فمى

 

[email protected]