عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قد حاول كثير من حاخامات اليهود تفسير فكرة الاختيار حتى أتوا بتفسيرات متنوعة، علمًا بأن فكرة الاختيار بشكل عام تؤكد فكرة الانفصال والانعزال عن الآخرين وتعبير عن القداسة الناجمة عن الحلول الإلهى فى الشعب– وفقًا لمعتقداتهم-، وقد جاء فى التلمود أن جماعة (يسرائيل) يُشبَّهون بحبة الزيتون لأن الزيتون لا يمكن خلطه مع المواد الأخرى، وكذلك أعضاء جماعة يسرائيل يستحيل اختلاطهم مع الشعوب الأخرى، وأتى فى التفسير أيضاً أن أعضاء الشعب المختار المقدَّس الذى يفترض أن الإله قد حل فيه، وجدوا أنهم من أصغر الشعوب فى الشرق الأدنى القديم وأضعفها، ولم يكونوا بأية حال أكثرهـا رقيًا أو تفوقًا، كما لحقت بهـم عدة هزائم انتهت بالسـبى البابلى، وكل هذه التفسيرات هى فى نهاية الأمر تعبير عن درجات متفاوتة من الحلول فإن ازدادت النزعة الحلولية زادت القداسة فى الشعب ومن ثم زادت عزلته واختياره، والحلولية هى الاعتقاد بأن الإله يحل فى بعض بنى الإنسان، حيث يدور الفكر اليهودى الحلولى دومًا حول ثلاثية الإله والأرض والشعب، فيحل الإله فى الأرض، لتصبح أرضًا مقدَّسة ومركزًا للكون، ويحل فى الشعب ليصبح شعبًا مختارًا، ومقدَّسًا وأزليًا، ولم يختر الإله اليهود بوصفهم شعبًا فحسب، بل اختارهم كجماعة دينية قومية توحِّدها أفكارها وعقائدها، وقد عُرضت الرسالة على شعوب الأرض قاطبة، فرفضت هذه الشعوب حملها، وحملها الشعب اليهودى وحده، لذلك حوَّلهم هذا الإختيار إلى مملكة من الكهنة والقديسين، وإلى أمة مقدَّسة تتداخل العناصر الدينية والقومية فيها، واختيار الإله لليهود هو جوهر العهد أو الميثاق المبرم بينه وبين إبراهيم، ووفقًا للمعتقدات يدل الاختيار على تفوق اليهود عرْقيًا، فقد اختير إبراهيم عليه السلام لنقائه، واختير اليهود لأنهم من نسله، وقد جاء فى التلمود: "كل اليهود مقدَّسون.. كل اليهود أمراء.. لم تُخلَق الدنيا إلا لجماعة يسرائيل.. لا يُدْعى أحد أبناء الإله إلا جماعة يسرائيل.. لا يحب الإله أحدًا إلا جماعة يسرائيل»، ويدل الإختيار على تفوق اليهود الأخلاقى، فقد اختار الإله الشعب اليهودى لأنه أول شعب يعبده وحده، أى أنه اختار الشعب لأن الشعب اختاره، وبذلك تنحسر النزعة الحلولية قليلًا بحيث يصبح الاختيار علامة على التفرد وحسب (لا على التفوق)، وقد قلَّص أحد المفكرين الإسرائيليين نطاق فكرة الاختيار بحيث جعلها تنصرف إلى علاقة الشعب بالإله وحسب، لا إلى علاقة اليهود بكل البشر، وما سبق يعتبر من أوهام الصهيونية حيث أن الشعور بالاستعلاء والاستكبار على جميع الخلق داء عضال ومزمن عند الأمة اليهودية، ذكره القرآن الكريم عنهم فى آيات كثيرة، وتزخر به نصوص كتبهم المقدسة لديهم، ومنها ما ورد فى توراتهم المحرفة، والمؤسف أنهم تمادوا فى ادعائهم بأن لهم حق السيطرة على العالم ما داموا أنهم أبناء الله وأحباؤه – حسب قولهم ومعتقداتهم-، وأختم مقالى هذا بتأكيد بطلان هذه الأفكار والدليل على ذلك الآية الكريمة بسورة المائدة، حيث قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أبناء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير) صدق الله العظيم، وللحديث بقية إن شاء الله.

دكتور جامعى وكاتب مصرى

[email protected]