عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

برزت تسمية أطفال الحجارة خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، بعد انتشار عدة صور لأطفال عزل فى المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعية فى مواجهة الآليات العسكرية والرصاص الكثيف الذى كان يرد به جنوب الاحتلال الإسرائيلى. وظل أطفال الحجارة سمة فى سمات المقاومة الفلسطينية تعاطفًا إعلاميًا عالميًا، حيث تقف القوات الإسرائيلية المدججة بالسلاح والدروع الواقية لتواجه مجموعات الصغار العزل من السلاح إلا من الحجارة لتبدأ مواجهة غير متكافئة بإطلاق الجنود الإسرائيليين النار الكثيفة على الأطفال من طلقات رصاص مطاطية ورصاص حى مما كان إلى فقئ عيون مئات الأطفال وقتل مئات الضحايا المدنيين الفلسطينية. وقفت وطأة انتفاضة الحجارة عام 1991 وانتهت عند عقد اتفاقية أوسلو عام 1993.

رغم بساطة سلاح أطفال فلسطين الذى كان عبارة عن حجر ومقلاع فى مواجهة القنبلة والصاروخ الإسرائيلى، إلا أنه كان يهز الكيان الصهيونى. وكان الجنود الإسرائيليون عندما يمسكون بهؤلاء الأطفال يعذبونهم بوحشية، وقضى بعض الأطفال شهورًا فى أقفاص العراء خلال الشتاء القارس، وتعرض بعضهم لتهديدات جنسية، وحوكم بعضهم الآخر دون وجود من يدافع عنهم.

كل هذا التعذيب البشع كان بسبب إقبال أطفال فلسطين على استخدام الحجارة فى مواجهة الترسانة الوحشية للمحتل فكل هذا التهذيب بسبب حجر قد لا يصل لغايته، إن استخدام الطفل الفلسطينى للحجر هو ما يخيفهم، لا لقوته، بل لما يحمله لهم من رمز مقدس لا يجوز من وجهة نظرهم أن يكون بيد أعدائهم.

يذكر أن حربًا دارت بين الفلسطينيين واليهود، بدأت بتقدم «جليات» الفلسطينى للمبارزة كما كانت عادة الجيوش آنذاك، و«جليات» محارب عملاق الجثة يصل طوله لثلاثة أمتار، وبصفة العهد القديم، منقول: «إنه كان يمسك بدرع تزن سبعين كيلوجرامًا، وعلى رأسه خوزة من نحاس وجرموق نحاس فى رجليه، ومرزاق نحاس بين كتفيه، وسنان رمحه وزنها حوالى ثمانية كيلو جرامات». وصرخ جليات فى وجه الجيش اليهودى قائلًا: «اختاروا لأنفسكم رجلًا ولينزل إلى فإن قدر أن يحاربنى ويقتلنى نصير لكم عبيدًا، وإن قدرت أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم عبيدًا وتخدموننا»، ففزع الجيش اليهودى، وما زاد من خوفه أن «جليات» ظل يكرر عليهم هذا التحدى أربعين يومًا وليلة، مما دفع ملك اليهود آنذاك «شاوول» للإعلان عن أن سيكافئ من يقتل «جليات» بتزويجه لابنته وتنصيبه ملكًا.

وتذكر القصة أنه لم يتقدم من بنى إسرائيل للمبارزة سوى غلام من رعاة الغنم، وكان من الطبيعى أن يقابل الملك «شاوول» عرضه بالرفض، إذ كيف لهذا الغلام أن يبارز «جليات» العملاق، كما أن الهزيمة ستحول الشعب اليهودى إلى عبيد، إلا أنه اضطر فى النهاية إلى الموافقة أمام إصرار الغلام الذى أكد أنه يملك المهارة الكافية لقتل العملاق، فقد سبق له أن قتل أسدًا ودبًا هاجما غنم والده، وبخاصة أن أحدًا لم يتقدم للمبارزة من الجنود.

واستعدادًا للمبارزة طلب منه الملك أن يلبس عدة الحرب، فاعتذر مكتفيًا بعصاه وخمسة أحجار ملساء ومقلاع.. وتقدم نحو الفلسطينى الذى ما أن رآه حتى نظر إليه وإلى سلاحه بسخرية واستخفاف، قائلًا له: «لعلى أنا كلب لتأتى إلى بهذا السلاح. تعالى إلى فأعطى لحمك لطيور السماء ووحوش البرية» وعلى الفور بادره الغلام برمية حجر من مقلاعه صوبها إلى جبهته فأسقطته أرضًا، ثم أسرع فتناول سيفه وقطع رأسه.. وعلى الفور لحق الجيش اليهودى بالجيش الفلسطينى الذى لاذ بالفرار وقضى على جموعة المتفرقة، محققًا النصر المؤزر، واستعبد الشعب الفلسطينى.

نعم.. يهتز الكيان الصهيونى كلما أمسك طفل فلسطينى مقلاعًا وحجرًا، فالمقلاع والحجر بالنسبة لهذا الكيان عقيدة وسلاح أقوى من أى سلاح كيميائى أو ذرى، فبهما فقط تمكن اليهود من القضاء على الجيش الفلسطينى المدجج بالسلاح. هذا كيان يخشى أشد ما يخشى أن يعيد التاريخ نفسه.. مع تغير الأدوار والأحوال، فالغلام اليهودى يصبح فلسطينيًا، والحجر الذى صوبه إلى جبهة «جليات» يوجه إلى جبهة الكيان الصهيونى، وما كان سببًا لانتصارهم بالأمس البعيد، يصبح اليوم سببًا لانتصار خصمهم الأزلى الشعب الفلسطينى.. وبدلًا من أن يحتل هذا الكيان فلسطينى، يستعبد الشعب اليهودى ويهزم.. لذا فقد هذا الكيان عقله، وصار يمارس الوحشية بأبشع صورها مع أطفال الحجارة.