رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مخطط تهجير الفلسطينيين يستهدف الدولة المصرية

د. جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس لــ«الوفد»: أمريكا شريك رئيسى فى الحرب على غزة

بوابة الوفد الإلكترونية

مصر مخلصة فى إجراء المصالحة ووحدة الجبهة الفلسطينية

السودان يعيش أجواء حرب أهلية.. ومخاوف التقسيم قائمة

لدينا جيش قوى يستطيع ردع أى عدوان

اضطراب المنطقة العربية يصب فى صالح الكيان الصهيونى

 

المحلل السياسى الكبير الدكتور جمال سلامة على أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة السويس، يعد من أهم الخبراء المعنيين بدراسة الصراع العربى الإسرائيلى عبر مؤلفاته ولقاءاته وأحاديثه.

شغل المفكر الكبير العديد من المناصب المهمة، فهو منسق لجنة العلوم السياسية فى الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، وأحد الخبراء الذين قاموا بوضع المعايير القياسية الأكاديمية القومية لمواد العلوم السياسية للجامعات والمؤسسات التعليمية، وواحد من الخبراء المشاركين فى مشروع الأمم المتحدة لدعم القدرات فى مجال حقوق الإنسان وعضو لجنة العلوم السياسية بالمجلس الأعلى للثقافة.

له العديد من الكتب والمؤلفات الرصينة التى تعد مرجعًا مهمًا فى العلوم السياسية ومنها «تحليل العلاقات الدولية.. دراسة فى إدارة الصراع الدولى» و«قانون البحار فى عالم متغير» و«النظام السياسى والبناء الاجتماعى» و«النظم الانتخابية.. دراسة فى التنمية السياسية» و«أمة قلقة.. أمريكا الديمقراطية ويمينها الدينى والمحافظ» و«الرأى العام بين الكلمة والمعتقد» وكتابه الأهم «ذاكرة أمة.. قراءة فى ملفات الصراع العربى الإسرائيلى» بالإضافة إلى الأبحاث المهمة مثل «أزمة البرنامج النووى الإيرانى.. بين تكلفة المواجهات وجدوى العقوبات» و«أسباب وأدوات سيطرة المحافظين الجدد على الساحة الأمريكية».

«الوفد» التقت الخبير والمحلل السياسى الكبير الدكتور جمال سلامة وهذا نص الحوار.

< ما تقييمك لوضع العالم العربى بشكل عام فى المرحلة الراهنة وهل يمكن اللوم على ثورات الربيع العربى فيما آل إليه؟

<< العالم العربى حاليًا هو امتداد لحقبة جفت فيها المواهب سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى أو على المستوى الثقافى، وبالتالى نجد أنَّ العالم العربى يقدم أو ينتج ما هو أسوأ، فى ظل ذلك لا ننتظر أن يكون هناك قيادات فيه على المستويات السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية تستطيع أن تتقدم الصفوف وتستطيع أن تكون جزءًا من حلول، فنحن نجد ما نراه الآن على الساحة العربية هم جزء من الأزمة، وليسوا جزءا من الحلول، وهذا بصفة عامة، فهذا عالم تسوده المصالح الضيقة والشللية، ولذلك نرى هذا المشهد على المستويات المصغرة فى الحكومات التى لم يضربها مد التخريب أو المد الفوضوى.

المحلل السياسي د. جمال سلامة أثناء حواره لـ"الوفد"

< كيف ترصد الصراع العربى - الإسرائيلى فى ظل أزمة القضية الفلسطينية وكيف ترى مصطلح «دمج إسرائيل فى المنطقة»؟

<< الصراع العربى الإسرائيلى هو صراع لن ينتهى إلا بانتهاء مسبباته، فنحن نتحدث عن صراع ولد ليستمر، ونحن هنا لا نتحدث عن الصراع بمعنى الحرب، فالحرب هى مجرد أداة من أدوات الصراع، لكنها ليست كل الصراع، فالصراع هو مفهوم أشمل وأعم من مفهوم الحرب، فمصر وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل فى مارس 1979 لكن مع ذلك هل انتهى الصراع بينها وبين إسرائيل، لا بالطبع، فقد انتهت حالة الحرب فقط، وبالتالى أرى أن مصر ما زالت فى قلب الصراع العربى الإسرائيلى وأن الحرب هى مجرد أداة أو مرحلة من مراحل الصراع. بل إنَّ حالة الحرب بين مصر وإسرائيل قابلة للتجدد مرة أخرى، فى هذا السياق فإنَّ ما يحسب للسياسة المصرية حكومةً وشعبًا أنه برغم توقيع اتفاقية سلام أو تسوية، فإنه منذ 1979 حتى يومنا هذا ليس هناك تطبيع مع إسرائيل، وهذا ما يثير غضب الكيان الصهيونى ويثير حنقه على مصر، رغم أننا شهدنا حالة من الهرولة العربية نحو التطبيع التى سيدفع العرب ثمنها عاجلا أم آجلا.

< إسرائيل روجت لمقترح تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.. متى بدأت فكرة الترويج لهذا المقترح وما أبعاد ومخاطر دعوات الترويج التى تتصدى لها مصر، خاصة أن البعض يرى أنها بدأت فى فترة تولى الإخوان سدة الحكم فى مصر؟

<< كمحلل سياسى منصف ليس لدى دليل يثبت أن الإخوان هم أول من روَّج لهذا المقترح، فليس لدى دليل على ذلك، ومن ثم لا نستطيع القول إنه كانت هناك صفقة بين الإخوان وإسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فهذا كلام أطلقه البعض ومنهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فحماس وأهل غزة أنفسهم لم يكونوا ليقبلوا بمخطط التهجير، فهذا يعنى أنهم ينحرون أنفسهم بأيديهم، ولذلك أعتقد أنَّ هذا المخطط هو مخطط إسرائيلى قائم، فإسرائيل دولة قزمية، فمساحة فلسطين المحتلة بما فيها الأراضى التى تحتلها إسرائيل والأراضى التى يقطن فيها الفلسطينيون فى الضفة وغزة 27 ألف كيلو متر مربع كمساحة جغرافية، ومصر مساحتها مليون متر مربع، فنحن أكبر من حجم فلسطين المحتلة بما فيها إسرائيل بأربعين مرة، وبالتالى فإنَّ إسرائيل لديها خطط توسعية فى استجلاب مزيد من اليهود أو تخفيف الكثافة السكانية لديها عبر استيطان غزة والضفة، ولا بديل لها إلا بتهجير أهالى غزة إلى سيناء وأهالى الضفة إلى الأردن، وهذا هو المخطط الإسرائيلى، وهو الذى يجب التحسب له، لكن متى يتم تنفيذ هذا المخطط، هذا يعتمد على مدى قوة الدولة المصرية، ولا أعنى الجبهة العسكرية، بل الجبهة الشعبية والعسكرية والسياسية، فنحن نتحدث عن دولة بمعنى الدولة، وهذا يعتمد أيضًا على الأردن، بالرغم من أن دولة مثل الأردن ليس لديها إمكانيات لمواجهة إسرائيل، وهذه حقيقة، فالأردن إمكانياتها محدودة سواء إمكاناتها العسكرية أو المادية، فهذا من الممكن أن يكون فى فترة زمنية معينة تقفز إسرائيل على الواقع وتحاول أن تهجر هؤلاء إلى الضفة وأيضًا بالنسبة لقطاع غزة.

< بعد الترويج للمخطط الإسرائيلى لتوطين أهل غزة فى سيناء ما تقييمك لرد الدولة المصرية.. وهل ترى أن هناك ضغوطًا تمارس على مصر فى هذا الإطار؟

<< ضغوط من أجل التهجير لا، فليس هناك ضغوط تمارس على مصر من أجل التهجير، فنحن لدينا قيادة على وعى تام بمقتضيات الأمن القومى وطبيعة المشروع الصهيونى، لكن أعتقد بالطبع أن إسرائيل تريد أن يصبح الأمر واقعًا، بمعنى أنها تضغط على الفلسطينيين، ومن ثم يضطرون تحت وطأة الضربات وآلة القتل الإسرائيلية فى غزة عندما يحدث اجتياح برى إلى اللجوء إلى مصر، وهذا حدث لم يكن وليد الساعة، فقد حدث ذلك عام 2009، تم الضغط على الفلسطينيين، ولم يكن ضغطًا عسكريًا ولا قتاليًا، ولكن مجرد قطع للخدمات (الكهرباء والمياه والغاز) عن الفلسطينيين، ومن ثم نزوح حوالى 700 أو 800 ألف فلسطينى من غزة، ووقتها كان سكان غزة 1.6 مليون نسمة، أصبح النصف، بما يعنى نزوح نصف سكان غزة من القوة البشرية العاملة لو استثنينا الأطفال والشيوخ سنجد أن كل سكان غزة تقريبًا نزحوا إلى سيناء لشراء بعض حاجياتهم وعادوا مرة أخرى، فقد نزحوا وعادوا طوعًا، ولم تكن إسرائيل متواجدة فى القطاع، فما بالك إذا كانت إسرائيل متواجدة فى القطاع، وهؤلاء نزحوا قسرًا إلى مصر وليس طوعًا، هل ستسمح لهم مصر بالعودة مرة أخرى، ولذلك أعتقد أنَّ ذلك هو مخطط إسرائيلى، وهذا ما تتخوف منه مصر وتتحسب له، فمصر لا تسمح بتهجير أهالى غزة إلى مصر، لكن هذا قد يكون قسرًا، وسنجد مصر أمام أمر واقع عليها أن تتعامل معه إما سلمًا أو حربًا.

د. جمال سلامة بين أروقة مكتبته

< فى رأيك.. لماذا تتشبث دولة الاحتلال بمنع الممرات الآمنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى الأراضى الفلسطينية؟

<< إسرائيل تريد أن يدفع شعب غزة كله فاتورة حماس، فهى تعاقب حماس فى شكل حصار غزة، فإذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة تقول إن حماس لديها 200 رهينة إسرائيلية أو أمريكية، فإسرائيل والولايات المتحدة لديها 2.3 مليون رهينة فلسطينية، فغزة كلها رهينة فى يد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والولايات المتحدة الأمريكية هى الكيان المحرك لإسرائيل، فإذا كنا نعتبر نتنياهو مجرم حرب، فإن جو بايدن هو أكثر إجرامًا من نتنياهو.

< ماذا تريد إسرائيل من حربها على غزة فى تقديرك؟ هل تريد الأساس تريد «جر شكل» مصر؟

<< هى تريد تحقيق حلمها فى المقام الأول، أما مصالح إسرائيل فهى متحققة بالسلام مع مصر، فهى لا تريد جر شكل مصر، لكن هى تريد أن تحقق خطتها التوسعية، فى الوقت نفسه هى تريد أن تحل مشاكلها على حساب مصر وليس جر شكل مصر، فمشكلة إسرائيل هى مشكلة فكرة العمق الاستراتيجى والعمق الجغرافى وهذا ليس موجودًا بالنسبة لها، ومشكلتها مشكلة وجود مقاومة فلسطينية فى الضفة وفى غزة، وبالتالى ترحيل أهالى غزة إلى مصر سوف يحل مشاكل إسرائيل فى تصورها، لكن أستطيع القول إنه لن تحل مشاكل إسرائيل ولن تنعم بالأمن إلإ إذا أقيمت دولة فلسطين، أو إذا أٌعطى الفلسطينيون جزءًا من حقوقهم، لا أقول حقوقهم بالكامل (أراضى 4 يونيو 1967)، وبالتالى إسرائيل لا تريد جر شكل مصر، فليس من مصلحتها وليس فى قدرتها، فمصر دولة قوية لديها جيش يستطيع ردع أى عدوان، كذلك فإن إسرائيل الآن فى وضع لم تكن تحلم به، فهناك تطبيع مع عدة دول عربية، وهناك دولة مهمة فى المنطقة من حيث المكانة الدينية (السعودية) تتفاوض، لا أقول تتفاوض سرًا بل فى العلن مع إسرائيل، وهناك زيارات متبادلة بين مسئولين سعوديين وإسرائيليين، فمن كان يتصور حدوث مثل هذا، فكان ذلك فى الماضى يعد قمة الخيانة، فكل هذه التابوهات بالنسبة لإسرائيل اليوم أصبحت مكسورة، ومع ذلك بهذا الغباء وهذه الغطرسة والسياسة الإجرامية والعدوانية قد تخسر مثل هذا.

< هل آن الأوان لاتخاذ قرارات عربية جادة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وترتيب البيت من الداخل من جديد؟

<< بالطبع.. إن لم يكن هناك داعٍ للمصالحة فى هذا الوقت فمتى تكون المصالحة الفلسطينية، وأعتقد أن هذا يحتاج إلى جهد فلسطينى وجهد عربى، وليس جهدًا فلسطينيًا، فالفلسطينيون أنفسهم لم يتفقوا، حماس ولا فتح ولاسيما بعدما كان بينهم ما كان، لكن أعتقد أنه إذا كانت هناك جهود مخلصة أعتقد أن دولا مثل السعودية والإمارات لو أرادت ستحدث مصالحة، فهناك دول لا تريد أن تحدث المصالحة حتى تظل هى رمانة الميزان، وأستطيع أن أقول إن مصر بالفعل مخلصة فى سعيها لإجراء مثل هذه المصالحة وكم سعت كثيرًا سواء فى عهد الرئيس الأسبق مبارك أو عهد الرئيس السيسى، لكن مع ذلك كان هناك من يدخل طرفًا فى المنتصف ليفشل مثل هذه المصالحة بين الفلسطينيين، وبالتالى أعتقد أنه فى ظل هذه الأحداث التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة ليس هناك حديث يعلو إلا حديث المقاومة وحديث المصالحة ووحدة الجبهة الفلسطينية.

< ماذا عن قراءتك لمخرجات «قمة السلام» بالقاهرة، وهل نجحت مساعيها فى رأيك وما أهم أهدافها وآليات التنفيذ؟

<< أستطيع أن أطلق عليها (منتدى) لإلقاء الكلمات، لكن لا توجد مخرجات لهذه القمة ولا يوجد بيان ختامى، وهذا كان متوقعًا، لأن القمة كانت تجمع أشتاتًا، فكل طرف من هذه الأطراف له رؤية وتصور، كثير منهم أو الأطراف ذوو التأثير هم من يتبنون الرؤية أو الرواية الصهيونية أو الإسرائيلية سواء كان حضر ممثل عن الولايات المتحدة الأمريكية أو وزيرة خارجية ألمانيا، كل هؤلاء حجوا إلى إسرائيل وتشبعوا بالرواية الإسرائيلية، وحينما جاءوا إلى القمة فى القاهرة رددوا نفس الأقاويل التى كانوا يرددونها فى إسرائيل، فنحن لسنا أمام قمة عربية أو إفريقية، وبالتالى تؤخذ قرارات أو يتم تمرير البيان الختامى عبر التوافق أو (تطييب الخواطر) ثم بعد ذلك تصدر القرار، فالقرار فى كثير من القمم يصدر قبل أن تعقد ويكون هناك تصور معين للبيان النهائى، أما فى هذه القمة فلم يكن من المتوقع أن يصدر بيان نهائى حتى لو كان يدين أو يشجب أو يطالب، وهذا ما جعل الرئاسة تصدر بيانًا يبدو فيه نبرة الغضب أكثر من النبرة التوافقية، لكن حسنًا أن هذه القمة عقدت لتوجيه رسالة إلى العالم بعدما فشلت الأمم المتحدة وهى المعنية بحفظ الأمن والسلم الدوليين أن تأخذ قرارًا فى هذا الصدد، أما القرارات التى عرضت من مجلس الأمن هى مجرد هدنة - فقط- لتمرير المساعدات وليس وقف إطلاق النار، ومع ذلك قوبل بالفيتو الأمريكى، فما بالك إذا تحدثنا عن مشروع قرار يقدم إلى الأمم المتحدة يدين إسرائيل أو يطالب بوقف إطلاق النار أو وقف العدوان، فى المقابل أعدت الولايات المتحدة قرارًا يؤيد إسرائيل فى عدوانها ضد الشعب الفلسطينى ويرفض وقف إطلاق النار، وبالتالى فى ظل ذلك فإنَّ العرب باتوا لا يملكون من أوراق الضغط الكثير، فلجأت القاهرة إلى مثل هذا المؤتمر.

< كيف ترى سيناريوهات الاجتياح الإسرائيلى لقطاع غزة والمخاطر المترتبة عليه وهل يمكن التراجع عنه؟

<< أرى أنَّ السيناريوهات لاجتياح قطاع غزة سيكون وضعًا كارثيًا للسكان هناك، قطاع ليس به خدمات، بالإضافة إلى ذلك فكرة القتل، حيث ستعمل إسرائيل آلتها العسكرية فيهم، فبالتالى أيضًا قد لا يكون أمامهم مفر إلا اللجوء إلى مصر مضطرين ومجبرين لا مختارين، وإذا حدث ذلك ستكون هناك نكبة جديدة مثل نكبة 1948، أما الطرف الآخر المتضرر من هذا الاجتياح فهو مصر، لأنها ستكون أمام خيارين كلاهما مر، إما تبقى تندد أو تشجب أو تدين، وأما سترد بالقوة، وهذا الأمر أيضًا فى كلتا الحالتين يفتح جبهة جديدة، ولا أشكك فى قدرة وجاهزية قواتنا المسلحة المصرية الباسلة، لكن أن تفتح حربًا إقليمية جديدة، هذه الحرب لن تبقى ولن تذر، فهناك دول كثيرة ستدخل طرفًا فى هذه الحرب الإقليمية، فحاملات الطائرات التى أرسلتها الولايات المتحدة والدعم الإضافى 14 مليار دولار لإسرائيل موجهة فى الأساس لتفزيع مصر، فإسرائيل تستطيع ضرب حماس واجتياح غزة دون أى مساعدة، وإسرائيل تستطيع بما لديها أن تدك حزب الله وبيروت ولبنان كما تريد، لكن مصر لن تتدخل إلا عندما يتم تهجير أهالى غزة، فإذا تم تهجير أهالى غزة بالقسر أو بالقوة حتى تظل مصر صامتة وساكنة، فحاملات الطائرات لتفزيع مصر وإرهابها وللضغط عليها حتى تظل صامتة، فهم يحاولون تحييد الجبهة المصرية.

< إسرائيل ترى أنها ليست عدو العرب الأول وأن إيران هى التى تتصدر قمة العداء مع العرب، فكيف ترى هذا الطرح؟

<< إسرائيل تحاول ذلك بمساعدة العرب أيضًا، فإسرائيل وجدت من العرب من يروج لهذا الطرح، وإيران شأنها كأى دولة تريد أن تنمو وتكون قوة إقليمية أو دولية، وهذا من حقها، ولا أستطيع أن أفهم لماذا لا توجد علاقات مصرية إيرانية حتى اليوم، فى حين أن دول الخليج كلها لها علاقات مع إيران، فالسعودية لها علاقات مع إيران وانفتحت عليها، وعندما حدثت أزمة 7 أكتوبر رأينا ولى العهد السعودى يتصل بإبراهيم رئيسى الرئيس الإيرانى تليفونيًا لبحث تداعيات الازمة، ولذلك أرى أن إظهار إيران بأنها العدو الأول مثل إسرائيل ليس فى صالح الدول العربية، وبالتالى فإن إسرائيل هى المستفيد الأكبر من هذه المقولة وتصدير أن إيران هى العدو حتى وإن كانت ليست أكبر من إسرائيل، على الأقل هى تساوى إسرائيل من وجهة نظر البعض، فإيران من الممكن أن تكون بأى شكل من الأشكال داعمًا للحقوق العربية على الأقل من الناحية السياسية.

< وماذا عن التقارب السعودى الإيرانى وما تقييمك للعلاقة المصرية الإيرانية وسبب عدم التقارب حتى الآن من وجهة نظرك؟

<< شىء لا أفهمه ولا أتصوره ولا أقبله، فإذا كانت لدينا علاقات مع كل دول العالم، بلا استثناء بما فيها العدو الرئيسى، فمن باب أولى التقارب مع إيران، خاصة أنَّ دول الخليج كلها تقاربت مع إيران، فنحن نعيش فى عالم لا يعرف إلا لغة المصلحة، وأتمنى بالفعل أن تأخذ العلاقات معها طريقها إلى حيز الوجود، فإيران واقع لا نستطيع إزالته، ودولة لها تاريخ صاحبة الحضارة الفارسية، والنظام الإيرانى فى حد ذاته نظام راسخ، لابد من التعامل معه إلى أن يتم تغييره من الداخل من قبل الشعب الإيرانى.

< هل ترى أن أمريكا جادة فى رغبتها فى إنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى وإدخال المساعدات الإنسانية والوصول إلى حل الدولتين أم أنها ما زالت تراوغ لصالح الكيان الصهيونى؟

<< بالطبع أمريكا ليست جادة فى إنهاء الصراع، فأمريكا شريكة فى كل ما يحدث فى فلسطين، من غطرسة أو من عدوان ابتداء من 67 حتى يومنا هذا، بل أقول منذ 48 من بداية القرار 181 لسنة 47 بتقسيم فلسطين، ولذلك لا نستطيع القول إن أمريكا جادة فى إقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين، فأيام (رابين) كان يتم التحدث عن دولتين، لكن دولة بلا حدود معترف بها، دولة بلا سلاح وبلا مطارات بلا موانئ، وفى الوقت نفسه دولة بدون عودة اللاجئين، دولة دون القدس، وبالتالى الولايات المتحدة غير جادة فى الواقع فى إقامة دولة فلسطينية، خاصة أن إسرائيل تشعر أنها فى وضع لم يتح لها من قبل، فلا توجد ضغوط دولية ولا إقليمية ومعظم المنطقة العربية الآن مضطربة وهذا ما يخدم إسرائيل.

< هل ترى أن الحرب الروسية - الأوكرانية خلقت حالة استقطاب سياسى وتحالفات جيواستراتيجية عالمية جديدة؟

<< أعتقد أن روسيا حتى الآن لم تستطع أن تخلق نوعًا من الاستقطاب السياسى لصالحها إلا من خلال عدة دول، لكن حققت استراتيجيات فقد كسبت وخسرت، فروسيا كسبت سواء فى الأراضى التى أخذتها من أوكرانيا، وفرضت سيادتها على جزيرة القرم، لكنها خسرت من حيث علاقاتها مع دول العالم وفى حركة التجارة، فروسيا فقدت كثيرًا من المزايا أمام المكاسب التى حققتها.

< ما تقييمك للوضع الراهن فى السودان وكيف ترى دور مصر فى حل هذه الأزمة؟

<< يبدو بالفعل أنَّ الأمور فى السودان بدأت تميل إلى صالح عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السودانى، خاصة بعد الزيارات التى بدأ يقوم بها إلى الخارج، وبعد فك الحصار عنه هو ذاته، فقد كان محاصرًا فى الخرطوم، ومصر والسعودية يساندان البرهان، أما القضية الآن أن السودان نفسه يعانى كثيرًا من المشاكل سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فمنذ الإطاحة بعمر البشير حتى الآن لم يشهد السودان أى استقرار، فالسودان أصبح نموذجًا للدولة الفاشلة، وما زال مخطط تقسيم السودان قائما، وأول جزء مخطط له أن ينتزع من السودان هو دارفور، وبالتالى هذا سيؤثر على الأمن القومى المصرى، بأن يكون هناك دولة مفتتة وهى السودان.

< هل من الممكن أن يتجه السودان إلى الدخول فى حرب أهلية؟

<< السودان يعيش الآن أجواء الحرب الأهلية، وقد تزداد حدتها إذا تم انفصال دارفور عن السودان، لأن دارفور من أكبر الكتل السكانية أو الديموغرافية المرشحة لذلك.

< الملف الليبى يعج بالاضطرابات والبعض يشكك فى قدرة ليبيا على امتلاك مقومات الدولة الوطنية فى ظل التعنت القبلى والسياسى الموجود على الأراضى الليبيبة فما رأيك؟

<< لدينا نماذج من الدول تحيط بمصر هى نماذج تمثل خطورة على الأمن القومى المصرى، سواء كنا نتحدث عن ليبيا، ففكرة تفكك الدولة الليبية واردة، لأن ليبيا نفسها كانت تتكون من أقاليم، فنحن أمام دولة مفككة بشكل عملى، فنحن نجد أكثر من حكومة وأكثر من ممثل لليبيا للحديث عنها، حتى داخل الإقليم الواحد.

< كيف قرأت عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية هل هى خطوة جادة لإعادة العلاقات العربية - العربية أم أنها عودة شكل لا مضمون؟

<< بالتأكيد هى عودة شكلية لا مضمون، فالبعض ما زال ينظر إلى سوريا على اعتبار أنها ذراع من أذرع إيران، وسوريا ليس لها شراكات غربية، فسوريا أصبحت أيضًا نموذجًا من الدول الفاشلة بسبب تفككها.

< مصر حصلت على عضوية «بريكس» ثم شاركت فى قمة مجموعة العشرين بنيودلهى كيف قرأت ذلك، وما أهم المكاسب التى حصلت عليها مصر؟

<< هو شىء جيد من الناحية السياسية والمعنوية، لكن من الناحية العملية لابد أن يكون اقتصاد مصر قويًا ولديها قاعدة صناعية قوية جدًا، حتى لا تصبح مجرد متلقٍ، فالبريكس اقتصادًيا أشبه باتفاقية الجات، فأتمنى أن تنهض اقتصادًيا، وهذه النهضة الاقتصادية تكون نهضة صناعية قبل أن تكون نهضة زراعية، وبالتالى تستطيع أن تكون عضوًا فاعلًا فى مجموعة البريكس وتبادل منتجاتها، أما خلاف ذلك فهى عضوية أشبه بعضوية «الجات» فبمقدار ما لديها من قدرة اقتصادية وصناعية سوف تستفيد من هذه العضوية.

< سد النهضة مصدر قلق للجميع داخل مصر وخارجها.. كيف ترى التعنت الإثيوبى وفشل المفاوضات وهل من الممكن اللجوء للحل العسكرى فى ظل الظروف الراهنة؟

<< اللجوء للحل العسكرى غير وارد، فهذا ليس من طبيعة مصر، بالرغم من أن البعض يدعو لذلك بشدة وطالبوا القيادة السياسية باللجوء إلى هذا الحل، لكن هذا غير وارد لأكثر من سبب، السبب الأول وهو انقلاب العالم على مصر بما فيها الدول الإفريقية التى تأخذ صف إثيوبيا، وترى أن هذا حق من حقوق إثيوبيا فى إقامة مشروعات، وفى الوقت نفسه ستكون فرصة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الدولة المتربصة بمصر أن تفرض عقوبات من مجلس الأمن وتفرض عقوبات اقتصادية، ولذلك أعتقد أن الحل العسكرى غير وارد، أما الحل السياسى فقد انعدم، فمصر خاضت جولات عديدة من المفاوضات.