عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى فى المنطقة أحد مفاتيح استراتيجية أمريكا

الخبير الاستراتيجى اللواء دكتور سمير فرج لـ«الوفد»: مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء

بوابة الوفد الإلكترونية

مصر تحترم قرار السلام مع إسرائيل.. وجرائم الكيان الصهيونى ضد غزة عقاب جماعى 

الحرب الروسية الأوكرانية غيرت موازين القوى الدولية.. ولا أتوقع حدوث حرب عالمية

أموال الشعب الليبى تنفق على المرتزقة.. و«إفريقيا» مسرح للصراعات الدولية

السودان يدخل فى نفق مظلم.. ولا يمكن التنبؤ بنهاية الصراع

 

الخبير الاستراتيجى والمحلل السياسى اللواء دكتور سمير فرج قامة عسكرية كبري، أحد أهم أبناء القوات المسلحة المصرية، صاحب بصمة مميزة فى كل المناصب التى تولاها سواء فى العمل العسكرى أو المدنى.

وبالعودة إلى الجذور فقد ولد فى مدينة بورسعيد، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1963م ثم التحق بسلاح المشاة ليتدرج فى المناصب العسكرية إلى أن وصل إلى درجة قائد فرقة مشاة ميكانيكى، وتخرج فى كلية أركان حرب المصرية عام 1973، والتحق بعدها بكلية«كمبرلى» الملكية لأركان الحرب بإنجلترا عام 1974، وهى أكبر الكليات العسكرية فى المملكة البريطانية، وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم، وفور تخرجه فيها، عين مدرسًا بها، ليكون أول ضابط يعين فى هذا المنصب من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطانى.

تولى «فرج» العديد من المناصب العسكرية منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية، كما عمل مديرًا لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ومدرسًا فى كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية على المناصب العسكرية فحسب وإنما عمل فى العديد من المناصب المدنية منها وكيل أول وزارة السياحة ورئيس دار الأوبرا المصرية ومحافظ الأقصر لمدة 7سنوات. حصل على العديد من الدرجات العلمية فى العلوم العسكرية بعد تخرجه فى الكلية الحربية عام 1963 بتقدير امتياز.

كما حصل على الدكتوراه عن «دور الإعلام فى إعداد الدولة لتحقيق الأمن القومى المصري»، اختارته القوات المسلحة المصرية عام 1975 ليمثلها فى مناظرة رسمية، تذاع على التليفزيون البريطانى الرسمى «Bbc» أمام إرييل شارون، رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلى الأسبق للتحدث عن دور مصر فى حرب أكتوبر 1973. كان ذلك عندما كان طالبًا فى كلية «كمبرلي» الملكية بإنجلترا.

نال العديد من الأوسمة والتكريمات ومنها وسام الجمهورية ونوط الواجب العسكرى ونوط الخدمة الممتازة، وكرمه رئيس الجمهورية.

 «الوفد» التقت الخبير الاستراتيجى والمحلل السياسى اللواء دكتور سمير فرج، وهذا نص الحوار.. 

اللواء سمير فرج اثناء حواره مع الوفد

< بداية.. 50 عامًا على نصر أكتوبر.. كيف رأيت شكل الشخصية المصرية بين هزيمة 67 والانتصار فى حرب أكتوبر 1973؟

<< كل الحسابات فى المراكز الاستراتيجية الخارجية قبل حرب أكتوبر كانت تقول إن إسرائيل لديها تفوق عسكرى فى حجم القوات والنوعية والمعدات، لكن عندما بدأت أكتوبر73 فوجئ العالم بأن مصر انتصرت  فى الحرب بالرغم من تفوق إسرائيل عسكريًا، فقد أصبح هناك عامل جديد، وهو المقاتل المصرى الذى كان من أهم عناصر النجاح فى حرب أكتوبر المجيدة.

< ما دور الدبلوماسية المصرية لتهيئة المجتمع الدولى للدفاع عن قضية مصر فى استرداد أراضيها فى حرب 73 وبعد الحرب، وما أهم العقبات التى واجهتها فى سبيل تحقيق ذلك الهدف؟

<< أولى هذه العقبات كانت الانحياز الأمريكى الكامل لإسرائيل، والذى نراه حتى اليوم، فاستمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى على مصر والدول العربية هو أحد مفاتيح الاستراتيجية الأمريكية، ثانيًا: اللوبى الصهيونى فى أمريكا كان ضد مصر، وأن تحصل على أسلحة، وبالتالى كانت هذه هى أهم المعوقات، لكن الدبلوماسية المصرية قامت بدور جيد جدًا، وأوضحت دور مصر وأحقيتها وأحقية الفلسطينيين فى استعادة أرضهم، وأحقية مصر فى استرداد الأرض التى فقدتها عام 1967، وبعد حرب 1973 استغلت مصر هذا النصر الذى أعطاها قوة كبيرة، فالشعب حارب حتى يسترد أرضه.

< فى رأيك كيف نجحت ثورة 30 يونيو فى استعادة التوازن بالمنطقة فى كل ما شهدته دولها من اضطرابات كان سببها ما سمى بالربيع العربى؟

<< أمريكا قبل 30 يونيو كانت تساند الإخوان، وأوباما كان واضحًا وصريحًا فى هذا الشأن، والسفارة الأمريكية بالقاهرة كانت تستضيف الإخوان يوميًا، وآن باترسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى سابقًا ذهبت إلى حزب الإخوان فى مكتب المرشد العام بالمقطم، وكان «أوباما» يتخيل أن الذى سيسيطر على المنطقة فى الفترة القادمة هم الإخوان المسلمون، فلا الشيوعيون ولا الناصريون سوف يسيطرون على المنطقة، وهذا ما أكده محمد حسنين هيكل خلال زيارتى له ونحن فى المجلس العسكرى، ولذلك فإن ثورة30 يونيه غيرت الفكر وخلصت مصر والمنطقة من جماعة الإخوان، فلو ظلوا فى حكم مصر كانوا سيسيطرون على المنطقة كلها، وقد قلت للرئيس السيسى خلال حوارى الشهير معه: كل ما فعلته شىء وأنك خلصت مصر من الإخوان شيء آخر وسيذكر التاريخ ذلك.

< كمحلل استرتيجى وخبير عسكرى، ما هو هدف إسرائيل من عدوانها العنيف ضد غزة وهل من الممكن أن تجتاح بريًا حسبما زعم جيش الاحتلال؟

<< الهدف الرئيسى من عدوان إسرائيل العنيف على قطاع غزة هو تهجير المدنيين من الفلسطينيين بشكل قسرى من شمال القطاع إلى جنوبه، لتفرض سطوتها على هذا الجزء من فلسطين، فهذه ليست المرة الأولى التى يثار فيها هذا الموضوع، فقد أثير من قبل، وبالذات فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأكدت وسائل إعلام وقتها أن هناك اتفاقًا أمريكيًا إسرائيليًا لتفريق أهل غزة، لأنهم يمثلون قنبلة موقوتة للإدارة الإسرائيلية، وبعد رحيل «مرسي» تم رفض هذا الأمر شعبيًا ورسميًا من قبل القوات المسلحة، وموقف مصر واضح من هذا المخطط، فمصر لن تسمح بتنفيذ المخطط الإسرائيلى بتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير المواطنين من قطاع غزة إلى سيناء، فمصر لن تفرط فى شبر واحد من سيناء، ولن تسمح بدخول أحد إليها، ولن يستطيع أحد المساس بالأراضى المصرية، وبالعربى الفصيح» محدش يقدر يمس حدود أرضنا»، وما قالت به مصر عن وقف القتال لضمان تدفق المساعدات الإنسانية هو عين الصواب، والتفاوض للتهدئة، وإذا اقتحمت إسرائيل(غزة) ستخسر كثيرًا جدًا، فالقتال فى المدن هو أسوأ قتال لأى جيش نظامى، خاصة أن حماس مستعدة لهذه اللحظة، وهذا اليوم، فهذه الحرب السابعة بين حماس وإسرائيل، وثانيًا الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ومصر تحترم قرار السلام مع إسرائيل، وفكرة تهجير الفلسطينيين لسيناء تهدد هذا السلام، وتمثل إجهاضًا للقضية الفلسطينية، ولذلك لابد أن يبقى الفلسطينيون فى أرضهم يدافعون عنها لآخر قطرة دماء، وهذا ليس تهربًا لمصر من المسئولية، فمصر هى أول دولة تحملت القضية الفلسطينية منذ زمن الرئيس جمال عبدالناصر، وهو الذى قدم منظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات إلى كل دول العالم.

وجرائم الاحتلال الإسرائيلى فى غزة تعد عقابًا جماعيًا، فإذا كانت مشكلة إسرائيل مع حماس، فما ذنب 2.2 مليون فلسطينى لتحرمهم من المياه والكهرباء والغذاء والخدمات الطبية، فقد تم ضرب المستشفيات، فالعدوان الإسرائيلى يتحجج بحماس التى لا تشكل سوى أقل من 10% من القطاع، ومصر تتصدى لهذه الأساليب لمنع تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها.

< ما هى قراءتك لمخرجات «قمة السلام» بالقاهرة وهل نجحت فى مساعيها؟

<< مصر تبوأت دورًا عظيمًا لها فى المنطقة بل فى العالم كله لأنها استطاعت أن تجمع ممثلين من 31 دولة ما بين رئيس وملك ووزير، الممثلين لأهم الدول فى العالم، بالإضافة إلى 3 منظمات دولية، أعتقد أن هذا إنجاز كبير، ثانيًا: أن الرئيس «السيسي» زادت شعبيته كثيرًا فى الفترة السابقة من خلال القرارات العظيمة التى أخذها، ونحن نعلم منذ البداية أن هناك خلافات فى الرأى بين المجتمع الأوروبى والمجتمع العربي، وفى الثلاثة أيام 7و8و9 أكتوبر عندما حققت حماس ضربات رائعة للعدو الإسرائيلى استغلوها بشكل جيد، وأظهروا أن حماس هاجمت المستوطنات، وضربت وقتلت وأدارت الميديا الأوروبية بنجاح بعد ذلك من خلال الفعل الفاضح الذى قامت به إسرائيل والضربات المميتة للبشر فى غزة، خاصة مستشفى المعمدانى ، وتحول الموضوع تمامًا.

< استعادة مصر لدورها الإقليمى بشكل أكثر فاعلية فى المحيط العربى.. هل من شأنه أن يسهم فى التصدى للتدخلات الإقليمية فى المنطقة؟

<< بالطبع؛ لأن مصر بها أكبر قوة عسكرية، فأين ليبيا والسودان واليمن وسوريا والعراق التى كان جيشها يحتل المركز الثانى فى المنطقة؟ كل ذلك تم تدميره، ولم يبق إلا مصر، أما السعودية والإمارات، فليس هناك تعداد سكانى وجيوشها ليست بالحجم المطلوب، لكن مصر هى الدولة الوحيدة التى تقدم الدعم للأمن القومى العربى، فمصر أكبر دولة عربيًا وعسكريًا وإفريقيًا، فإذا حدث شىء لمصر سقطت الدول العربية، فالدور المصرى فى المنطقة كبير وسيظل كبيرًا، حتى لو كانت هناك دول كبيرة اقتصاديًا، فالاقتصاد بدون قوة عسكرية تحميه لا يساوى شيئًا، ولدينا درس اليابان، ففى الحرب العالمية الثانية هزمت، وتم ضربها بالقنبلة الذرية، فركزت على الاقتصاد، حتى قرر البرلمان اليابانى إنشاء جيش قوى جديد، حتى أصبح اليوم هو الجيش رقم 6 فى العالم.

< شابت العلاقة المصرية الأمريكية العديد من الاضطرابات بعد ثورة 30 يونيو فهل ترى أن العلاقات بين البلدين تسير فى شكلها الصحيح فى الوقت الراهن؟

<< بالفعل فقد شابتها التوترات أيام الرئيس أوباما، أما فترة «ترامب» فكانت من أحسن الفترات فى العلاقة بين أمريكا ومصر خلال الـ20 سنة الماضية، حيث قام بحل معظم المشاكل التى كان أوباما قد أوقف حلها، وعندما وصل «جو بايدن» إلى البيت الأبيض كانت الأمور غير واضحة فى بداية الأمر، ولكن بعد نجاح مصر فى إيقاف الحرب الإسرائيلية الرابعة التى استمرت 11 يومًا ضد غزة، فمنذ أول يوم أرسل الرئيس السيسى عناصر إلى إسرائيل وغزة وأوقف الصراع، وفى اليوم 11 اتصل به الرئيس الأمريكى جو بايدن وأخبره بأنه أدرك أن مصر هى عنصر الاستقرار فى المنطقة، وفى العام الماضى أعطى جو بايدن مصر صفقة سلاح قيمتها اثنان ونصف المليار دولار لم نكن نحلم بها، وهذه الصفقة عززت المكانة والقدرة القتالية لمصر، أيضًا سمحت أمريكا لنا بتنوع مصادر السلاح، ففى عهد الرئيس «مبارك» كانوا يرفضون أن تقوم مصر بتنويع مصادر السلاح، وهذا يعود إلى قوة مصر، فالعلاقات المصرية الأمريكية اليوم ممتازة.

< إفريقيا أسيرة للنفوذ الأجنبى وسلب ثرواتها الطبيعية والصراعات الداخلية والقبلية داخل الدولة الواحدة أو مع الدول المجاورة فإلى متى ستظل القارة السمراء مسرحًا للصراعات الدولية؟

<< للأسف ستظل إفريقيا مسرحًا للصراعات الدولية لفترة، فالصين متغلغلة جدًا فى القارة السمراء، وكذلك روسيا ثم تركيا ومصر، لكن مصر لم تتغلغل بهدف السيطرة اقتصاديًا، بعكس تركيا التى تهدف للسيطرة اقتصاديًا، ومؤخرًا بدأت أمريكا تتنبه إلى أهمية أفريقيا، حتى عقد (جو بايدن) مؤتمر القادة الأفارقة فى أمريكا والذى حضره الرئيس «السيسى»، لكن مصر هذه الأيام تتقرب مرة أخرى إلى إفريقيا، ففى عهد الرئيس «عبدالناصر» كنا نتغلغل فى إفريقيا بصورة ممتازة فى كل مكان، فليس هناك مكان أو شارع فى إفريقيا إلا باسم جمال عبدالناصر، وفى عهد السادات ومبارك ابتعدنا عنها، ثم جاء الرئيس «السيسى» الذى نجح فى إعادة علاقتنا مع إفريقيا، ومصر يهمها إفريقيا لأسباب عدة أولاً: اعتبار الأمن القومى المصرى وحوض نهر النيل، ثانيًا: أن إفريقيا العام القادم سيكون لها مقعد دائم فى مجلس الأمن، فعدد الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن الآن خمسة سيزدادون إلى تسعة أعضاء وستمثل مصر القارة الإفريقية.

< كيف قرأت مخرجات القمة الروسية - الإفريقية بمدينة «سان بطرسبرج» خاصة أنها القمة الأولى بعد الحرب الروسية الأوكرانية 2022؟

<< هناك صراع بين الصين وروسيا وأمريكا، فروسيا تريد السيطرة على إفريقيا، وروسيا تعد ثانى دولة فى العالم بعد الصين، وتتفوق على أمريكا وتريد أن يكون لها تواجد، فإفريقيا أحسن سوق تجارى موجود اليوم، ولذلك فإن الصراع على إفريقيا بين الصين وروسيا وأمريكا يشتد كثيرًا.

< هل ترى أن الحرب الروسية - الأوكرانية أحدثت حالة من الاستقطاب السياسى وهل ترى أنها غيرت شكل التحالف الدولى؟

<< بالطبع، فقد كانت سياسة واستراتيجية الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب خلال فترة حكمه، ترى أن حلف شمال الأطلسى أو حلف الناتو، لم يعد قادرًا على تحقيق الأهداف التى أنشئ لأجلها خاصة أن معظم أعضائه لم يلتزموا بتنفيذ الاتفاقيات العسكرية أو تنفيذ تعهداتهم، وأهمها سداد المقررات المالية المطلوبة منهم، ولم يقتصر الأمر على ترامب، بل ساد نفس الانطباع بين عدد من دول الحلف، حتى إن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون صرح بأن الحلف يمر بمرحلة «الموت السريرى»، بل وذهب لأبعد من ذلك بدعوته لإنشاء جيش أوروبى موحد، وبدا للجميع أن نهاية حلف الناتو صارت وشيكة، إلا أن رحيل الرئيس ترامب، وتولى الرئيس جو بايدن فرضت وجهات مختلفة نتيجة لتغير الاستراتيجيات منها ضرورة تعزيز قدرات حلف الناتو للتصدى لطموحات «الدب الروسى» وهو التوجه الذى أيده الحدث الجلل المتمثل فى الحرب الروسية الأوكرانية، التى اندلعت يوم 24 فبراير 2022، إذ أفاق أعضاء الحلف على الخطر الروسى وشرعوا فى إعادة حساباتهم نحو تقوية حلف شمال الأطلسى وقاد ذلك التوجه الجديد الرئيس الأمريكى جو بايدن، وبدأت بعض الدول غير النووية، وعلى رأسها ألمانيا بتقوية قوتها العسكرية حتى وصل الأمر لزيادة إنفاقها العسكرى لهذا العام بمقدار 100 مليار دولار، وبدأت اجتماعات حلف شمال الأطلسى تسير نحو تقوية وزيادة قواتها العسكرية وزيادة الإنفاق العسكرى خاصة مع انضمام كل من فنلندا والسويد ليرتفع عدد أعضاء الحلف إلى (21) عضوًا، بل واتجه الحلف إلى تضييق الخناق على روسيا من ناحية القطب الشمالى الذى أصبح إلى حدٍ كبيرٍ تحت سيطرة حلف الناتو.

وهنا وجد الدب الروسى نفسه فى موقف صعب، فبدأ التحرك من خلال محورين أولهما التقارب مع العدو الأول حاليًا للولايات المتحدة وهى الصين وثانيهما: العدو اللدود كوريا الشمالية بطموحها النووى، وقد ساعد روسيا الاستفزازات الأمريكية العديدة تجاه الصين بدعم تايوان اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، ورغم كل تلك الاستفزازات فإن الصين استقبلتها ببرود كبير ولم تقدم على أى عمل إيجابى ضد أمريكا، اللهم إلا من بعض التحركات والمناورات العسكرية فى بحر الصين، وإطلاق تجارب الصواريخ الباليستية، يقينًا منها بأن أمريكا تستهدف دفعها لعمل عسكرى من شأنه تعطيل مسيرتها فى النمو والتقدم الاقتصادى، فلم تنجرف لأى استفزازات لتستكمل مسيرتها الاقتصادية، خاصة أن مشروع الحزام والطريق سينتهى العمل به خلال العام الحالى، وتتوقع الصين البدء فى جنى ثماره اعتبارًا من العام المقبل. ورغم ما أدت إليه تلك الحرب الروسية الأوكرانية من إعادة توحيد الصف بين الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلسى وراء التوجه بتعزيز قدرات قوات الحلف ورفع كفاءتها خاصة فى أوروبا، فإنها وعلى الطرف الآخر دفعت قوى مختلفة لإعلان تقاربها وإن لم تصل بعد إلى مرتبة تشكيل حلف عسكرى، مثلما هو الحال بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، بما من شأنه تغيير موازين القوى فى العالم خاصة أن كلًا من الدول الثلاث تملك قوة نووية، تزيد من قدراتها وأهميتها الاستراتيجية فى حال ترجمة ذلك التقارب إلى كيان رسمى، وعليه فإن الولايات المتحدة تكرس مساعيها حاليًا فى الحيلولة دون وصول ذلك التقارب لمرحلة التحالف وإلا عاد العالم مرة أخرى، إلى عهد الحرب الباردة بين القوتين الأعظم التى سيمثل طرفيها فى هذه المرة، الولايات المتحدة ودول حلف الناتو من ناحية، مقابل الصين وروسيا وكوريا الشمالية من ناحية أخرى كنتيجة للحرب الروسية الأوكرانية التى يأمل شعوب العالم أن تنتهى بسلام تفاديًا للدخول فى حرب باردة جديدة بين تلك المحاور التى ستفرزها هذه الحرب.

< إذن فى ظل مرحلة الحرب الحالية بين الدولتين هل من الممكن أن يلجأ الرئيس الروسى للسلاح النووى وهل تتوقع حدوث حرب عالمية قادمة؟

<< أود أن أقول إن الدول التى لديها سلاح نووى فى العالم هى تسع دول أطلق عليها النادى النووى وهى: روسيا وأمريكا وإنجلترا وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل»، علمًا بأن المخزون النووى لروسيا فقط يمكن أن يدمر العالم كله، وهى التى تملك فعلاً أكبر مخزون نووى وتليها أمريكا، ولذلك إذا قامت حرب عالمية، فإن المخرون النووى لأى منها سوف يدمر العالم كله، من هنا يجب أن نفهم أولاً متى يستخدم السلام النووى لأى دولة من أعضاء النادى التسعة، وتعود الأحداث إلى أيام أزمة الصواريخ الكوبية عام 62، عندما قامت الثورة فى كوبا، الملاصقة لأمريكا وأصبح كاسترو، الزعيم الشيوعى رئيسًا لكوبا بدلاً من الحاكم باتيستا، حيث عقد معاهدة تعاون مع الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت، وفجأة وجدت أمريكا على حدودها الملاصقة فى كوبا صواريخ نووية سوفيتية، وساعتها كاد جون كينيدى، رئيس أمريكا، يدمر كوبا بما عليها من صواريخ نووية سوفيتية بضربة نووية أمريكية، واستمرار هذه الأزمة (14) يومًا انتهت بسحب الاتحاد السوفيتى الصواريخ النووية من كوبا، وأصدر الكونجرس الأمريكى قراره بعدم اتخاذ أى رئيس لأمريكا قرارًا باستخدام السلاح النووى إلا إذا تمت مهاجمة الأراضى الأمريكية، ومن يومها أصبح هذا القرار عرفًا تعمل به كل دول النادى النووى، ولذلك ونحن الآن فى مرحلة الحرب الروسية الأوكرانية فإن أى أسلحة تقدمها أمريكا أو دول حلف الناتو إلى أوكرانيا، يكون الشرط الأساسى هو ألا تستخدمها فى ضرب العمق الروسى، وإلا سيكون لروسيا الحق فى استخدام السلاح النووى ضد أوكرانيا، حتى لو كان سلاحًا نوويًا تكتيكيًا، وظهر ذلك واضحًا عندما قامت أمريكا بتسليح أوكرانيا بالمدفعية الصاروخية الجديدة «هيمارس» التى يصل مداها إلى 80 كيلو، ثم الطائرة F16 وكذلك ألمانيا وفرنسا عندما قامتا بتسليح أوكرانيا بالدبابات الليوبارد والدبابة AMX وأمريكا الدبابة MIAI وكان شرطهم ألا تستخدم أوكرانيا هذه الأسلحة لضرب عمق روسيا بل تستخدمها للدفاع عن مقدراتها واستعادة أراضيها المستولى عليها، ومن ذلك نفهم أن حدوث حرب نووية كاملة أمر أصبح مستبعدًا خلال الفترة القادمة فى الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو لا تريد أن تصل أحداث الحرب الروسية الأوكرانية إلى حافة الهاوية لذلك إذا توترت الأمور فإنه من الأسهل اللجوء إلى طرف ثالث لاحتواء الموقف، ومن ذلك كله ترى أن الفترة القادمة سيعمل فيها الجميع على عدم التهور وإصدار قرارات تؤثر على استقرار أى دولة، ومن هنا نرى أن قيام حرب نووية أمر مستبعد حدوثه حاليًا، لكنه من الممكن تنفيذ ضربات نووية تكتيكية من دول نووية ضد دولة غير نووية، وهذا ما تحاوله إيران من تصنيع القنبلة النووية، رغم أن أمريكا تمنع إسرائيل من تنفيذ الدول النووية، حتى لا يدخل العالم فى حرب عالمية تطيح بالعالم كله.

< ما تقييمك للوضع الراهن فى السودان.. وكيف ترى دور مصر فى حل هذه الأزمة؟

<< نحن على مشارف حرب أهلية فى السودان، فالسودان يدخل نفقًا مظلمًا، لا نعرف نهايته للأسف، لأنه لأول مرة يكون هناك جيشان فى السودان، جيش عسكرى الخاص بالدولة وجيش ميليشيات، وهذا تعداده 200 ألف شخص والاخر 100 ألف وهذا يسيطر على الخرطوم والشوارع، وهذا لا يسيطر، والطرفان يحاولان استقطاب أطراف أجنبية لتساعده، ومصر تأخد موقفًا محايدًا مع الدولة، فلسنا مع طرف ضد آخر، ولكن السودان يمثل أمنًا قوميًا لمصر، فكما يقولون «من يعطس فى السودان نقول له فى مصر يرحمكم الله» فأى شىء يحدث فى السودان سوف يؤثر على مصر.

< البعض يشكك فى امتلاك ليبيا مقومات الدولة الوطنية فى ظل التعنت القبلى والسياسى على الأراضى الليبية ما رأيك؟

<< ليبيا مشكلتها بعد رحيل القذافى، فليبيا بلد قبلى ينقسم اليوم إلى نصفين، غرب ليبيا وشرق ليبيا، فمن يكون فى الغرب سيصبح هو المسيطر ومعه تركيا تدعمه بـ«20» ألف مرتزق، والقوات التركية تتواجد على الأراضى الليبية، أما الشرق ففيه حفتر وكل هدفنا أن تتم انتخابات، فلو كانت هناك انتخابات سيكون هناك رئيس وبرلمان، وهذا لا يتواجد الآن، فليبيا أيضًا تدخل إلى نفق مظلم لا نعرف نهاية له، فالشعب الليبى يعانى منذ (11) عامًا منذ رحيل «القذافى» بالإضافة إلى ما حدث مؤخرًا فى درنة من تدفق السيول والدمار، بسبب انهيار السدين لعدم وجود صيانة، فأموال الشعب الليبى تنفق على المرتزقة.

< شهدنا قمة مصرية تركية فى نيودلهى على هامش قمة العشرين بنيودلهى.. هل من الممكن أن تدفع العلاقات بين البلدين فى الفترة القادمة؟

<< لا أعتقد ذلك لأن هناك مشاكل ثلاث بين مصر وتركيا وهى أولاً: المنصات الاعلامية الموجودة فى تركيا، ثانيًا: الهاربون من أحكام مصر فى تركيا، أما الموضوع الثالث والأهم فهو التدخل التركى فى ليبيا، أو التواجد التركى هناك، فلا يمكن لدولة أن تضع دولة أخرى على حدودها، فعندما وجدت أمريكا صواريخ فى «كوبا» المجاورة لها كانت ستزيلها من الوجود فلا يقبل أحد أن تكون على حدوده قوات أجنبية لدولة أخرى، وتركيا تريد البقاء فى ليبيا بسبب إعادة الإعمار مما يسبب خطرًا على مصر.

< كيف ترى التقارب السعودى - الإيرانى خلال الأيام الماضية خاصة أن إسرائيل ترى نفسها أنها ليست عدو العرب الأول وأن إيران هى التى تتصدر قمة العداء مع العربى؟

<< مشكلة إيران السلاح النووى، لأنَّها إذا امتلكت السلاح النووى فستغير شكل المنطقة، ثانيًا أن إيران لها أربع أذرع فى المنطقة، هم الحوثيون فى اليمن الذين يسيطرون على باب المندب، حزب الله فى لبنان، حزب الله فى سوريا، حزب الله فى العراق، والعراق اليوم لا يستطيع أن يأتى برئيس وزراء منتخب، لأن إيران تمنع ذلك، ولبنان اليوم بدون رئيس جمهورية منذ سنتين ومن غير رئيس وزراء بسبب إيران، لكن الحمد لله مصر بعيدة لأنه يفصلنا فاصل استراتيجى وهو البحر الأحمر، لكنها تؤثر جدًا على السعودية واليمن، واليمن يؤثر على السعودية، ولذلك السعودية بدأت تتقارب مع إيران وهذا يعتبر ذكاء.

< هل ترى أن العائق فى علاقة مصر وإيران هم الأمريكان أم مصلحة مصر مع دول الخليج أم أنه صراع سنى - شيعى؟

<< كل هذه الأسباب مجتمعة، فمصر ترفض أن تقترب إيران منها - بالرغم من أنها تعرض دخول 2 مليون سائح إيرانى إلى مصر سنويًا لكن إيران شيعة، وهذا مرفوض، لأن الأساس هو الأمن القومى المصرى، ومصر تدعم الدول العربية للتصدى لهذه الأذرع، لأنها لا تريد مشاكل، فإيران تسيطر على باب المندب وقناة السويس، ثلث الدخول القومى لمصر، ولذلك مصر تحاول أن توازن العلاقة مع إيران.

< كيف قرأت عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية وهل هذه خطوة فى سبيل حل الخلافات العربية - العربية؟

<< خطوة ممتازة، فكون سوريا خارج الجامعة العربية فهذا لا يقبله أحد، ولكن ما سيحدث خلال الفترة القادمة سيكون صعبًا، على أساس أن هناك مشاكل فى سوريا، فالبعض يرفض نظام الحكم هناك، بالإضافة إلى مشكلة اللاجئين السوريين الموجودين فى الأردن ولبنان، وتركيا، لكن هى خطوة على الطريق وهى بداية، فوجود سوريا فى الجامعة مهم، حتى يحدث التقارب العربى.

< سد النهضة مصدر قلق للجميع داخل مصر وخارجها.. كيف ترى التعنت الأثيوبى فى مشكلة السد وفشل المفاوضات؟

<< أبى أحمد رئيس وزراء أثيوبيا لديه 20 قومية ويريد أن يجمع هذه القوميات وحتى يحدث ذلك لابد من إقامة مشروع قومى، مثلما حدث مع عبدالناصر فى عام 1956 عندما قرر بناء السد العالى واستطاع من خلال هذا القرار جمع الشعب المصرى كله، ولذلك «أبى أحمد» قام ببناء سد النهضة، ومشكلة  السد سيتم حلها فى إطار سياسى، فمن الصعب أن يكون هناك تدخل عسكرى. فإذا حدث أى ضرر للسد سيغرق السودان مثلما حدث فى درنة بليبيا.

< أخيرًا.. ما تقييمك لإنجازات الدولة اقتصاديًا والمشروعات التنموية خلال الفترة الماضية؟

<< ما تم إنجازه فى مصر حلم بكل المقاييس، فهناك طفرة عظيمة حدثت فى مصر، نتجت عن القرار الجرىء الذى حقق الاتزان لمصر، وأتاح لها الاستثمار فى المشروعات القومية ومشروعات البنية الأساسية التى تستهدف الوصول بالبلاد إلى مكانتها اللائقة، ومن ذلك ما تقوم به مصر لتنمية سيناء من أجل تأمينها، حتى بدأت الدولة تنفذ خطة متكاملة للتنمية، بدأت بربط سيناء بباقى البلاد من خلال خمسة أنفاق لتيسير حركة الاستثمار، وبالتالى توفير فرص العمل لأهالى سيناء وإنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة المرافق لتوطين أهالى سيناء بها بدلاً من ترحالهم وفقًا لمصادر المياه، بالإضافة إلى تأسيس وإنشاء المدارس والجامعات الحديثة بها، أيضًا ما تقوم به الدولة المصرية بالاستثمار فى كل الخدمات التى تمس المواطن سواء بتطوير العملية التعليمية أو الاهتمام بالصحة من خلال المبادرات التى أطلقها الرئيس السيسى مثل مبادرة القضاء على فيروس سى أو مبادرة صحة المرأة، والقضاء على الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى منظومة جديدة وفاعلة للتأمين الصحى الشاملة، بالتزامن مع إضافة إنجازات جديدة فى مجالات الكهرباء والطاقة، والزراعة واستصلاح 2.5 مليون فدان أرضًا زراعية جديدة وتبطين الترع، وحياة كريمة، كل هذه إنجازات عظيمة لا ينكرها أحد.