عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فى حوار خاص لـ «الوفد»:

200 عالم من 62 دولة يناقشون الفضاء الإلكترونى والوسائل العصرية للخطاب الديني

د. محمد مختار جمعة
د. محمد مختار جمعة وزير الاوقاف

نرفض الإساءة إلى مقدساتنا.. وحرق المصحف استفزاز للمسلمين

التطرف الفكرى أخطر التحديات أمام المجتمعات العربية والإسلامية

مصر ومؤسساتها الدينية رائدة فى صنع السلام وترسيخ أسس العيش المشترك

2,266 مليار جنيه حصيلة إيرادات هيئة الأوقاف.. وأطلس لحصر ممتلكات الوقف على مستوى الجمهورية

العاصمة الإدارية الجديدة أقوى مشروع قومى فى العصر الحديث

 

حقق الدكتور محمد مختار جمعة منذ توليه مسئولية وزارة الأوقاف، الكثير من الإنجازات ومنها استعادة المنابر ومنع غير المختصين من القيام بأى نشاط دعوى، كما استطاع مواجهة التطرف من خلال تنفيذ خطط دعوية لنشر الوسطية والاعتدال، وهى خطط زمنية مدروسة ومتخصصة ومرنة، إضافة إلى تجديد الخطاب الدينى، سواء فى تقديم المحتوى العلمى أو تأهيل العنصر البشرى من دعاة وأئمة وعاملين.

«الوفد» اقتربت من فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف قبيل انعقاد المؤتمر الدولى الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية واستعرضت بعضًا من الإنجازات التى تحققت خلال سنوات معدودة من توليه المسئولية، وهذا نص الحوار..

< بداية.. فى الأيام القليلة القادمة تعقد وزارة الأوقاف مؤتمرها الدولى الرابع والثلاثين تحت عنوان «الفضاء الالكترونى والوسائل العصرية للخطاب الدينى بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة فماذا عن أهم الأبحاث التى ستناقش خلاله؟

<< بداية نتوجه بالشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى على تفضله برعاية المؤتمر الدولى الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذى تعقده الوزارة خلال الفترة من 9-10 سبتمبر، وهذا المؤتمر يعد من أعلى المؤتمرات حضورًا وتمثيلا ومشاركة حيث يشارك فيه أكثر من 200 عالم من نحو 62 دولة لمناقشة الفضاء الإلكترونى والوسائل العصرية للخطاب الدينى، ويتضمن هذا المؤتمر المحاور التالية: الفضاء الالكترونى ضرورة العصر، والوسائل غير التقليدية وأثرها فى تناول الخطاب الدينى، والفتوى الإلكترونية والتحفيظ والتدريس عن بعد، والاستخدام غير الرشيد للفضاء الإلكترونى وتصحيح المسار، والاستخدام غير الرشيد للوسائل العصرية فى المجال الدعوى وتصحيح المسار.

< البعض يزعم أن هناك تناقضًا بين الدين والهوية فما ردكم على هذا الطرح؟

<< إن التدين الصحيح صمام أمان لكل شيء، ونراه من أهم الضوابط إن لم يكن أهمها على الإطلاق فى توجيه سلوك البشر وتصرفاتهم، ولا ينكر عاقل أو منصف أن الدين بصفة عامة أحد أهم عوامل بناء الشخصية وتشكيل الهوية، وأن الفهم الصحيح للدين يسهم بقوة فى بناء شخصية إيجابية بناءة، وأن الفهم الخاطئ للدين أو الانحراف عن الأديان كلية يؤدى إلى خلل فى تكوين الشخصية بقدر الانحراف عن صحيح الدين أو قدر الفهم الخاطئ له، بما قد يصل إلى درجات بعيدة من السلبية أو الهدم أو العقد النفسية المدمرة لصاحبها أو للمجتمع أو لهما معًا، على أن التدين الحقيقى هو الخالص لوجه الله وليس التدين الشكلى أو النفعى، ولاشك أن ظاهرة التدين الشكلى تعد من أخطر التحديات التى تواجه المجتمعات العربية والإسلامية، فهناك من يركزون على الشكل والمظهر ولو كان على حساب اللباب والجوهر، وإعطاء المظهر الشكلى الأولوية المطلقة، وأخطر من هذا التدين الشكلى التطرف الفكرى، كما أننا بحاجة أكثر إلى إبراز أثر الدين فى نشر القيم الأخلاقية والإنسانية وإبراز أن دور الأديان هو عمارة الدنيا بالدين وليس تخريبها باسم الدين، فالدين فن صناعة الحياة لا صناعة الموت.

< قضية الهوية والانتماء من أهم القضايا التى إما أن تؤدى للأمن والاستقرار حال الالتفاف حول قضايا الوطن والإيمان به، وإما أن تؤدى للتشرذم والتفكك حال التنكر له ولحقه على أبنائه فماذا تقول؟

<< جميع الدول والقوميات والأعراق والمذهبيات سواء تلاقت أم تداخلت أم توازت أم تناقضت فإن كلا منها يسعى ويعمل على تعميق الولاء والانتماء له لدى منتسبيه أو مستهدفيه، كما أن هناك صراعًا تاريخيًا أو شبه تاريخى يقوى ويطفو على السطح حينًا ويخفت ويستتر حينًا آخر، لكنه موجود بصورة أو بأخرى على أية حال، وهو ذلك الصراع بين الحريصين على هوية الدولة الوطنية وتعميق وترسيخ وتجذير الانتماء لها، ومن يعملون أو يدينون بولاءات أخرى، والفهم الخاطئ الذى أصلته ورسخته كثير من الجماعات المتطرفة لدى عناصرها هو أن الولاء للجماعة والتنظيم فوق الولاء للوطن، وهذا الفهم تتبناه جميع الجماعات الإرهابية والمتطرفة التى ترى أن الدولة الوطنية بحدودها الراسخة المستقرة تقف صخرة وعقبة كئود فى وجه مشروعاتهم السلطوية للقفز على الدولة الوطنية، ونؤكد دائمًا أن حب الوطن والحفاظ عليه فطرة إنسانية أكدها الشرع الحنيف، كما نؤكد أهمية تعميق وترسيخ الولاء والانتماء الوطنى والاعتزاز بالوطن، والاستعداد لفدائه بالنفس والنفيس، والحفاظ على ترابه وثراه، والتأكيد على أن الوطنية ليست نقيضًا للدين أو مقابلًا له، بل هى من صلب الدين، فمصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، كما أن الهوية الوطنية قد تتلاقى مع هويات أخرى عربية أو إسلامية أو إفريقية أو أسيوية حسب ظروف وموقع كل دولة، على ألا يكون ذلك توجه أفراد أو جماعات أو أحزاب أو قبائل بمعزل عن التوجه الوطنى، مما يؤدى إلى تمزق الدول وتفككها وتشتيت كيانها بل ربما تشرذمها، بل أن تكون الدولة الوطنية على قلب رجل واحد فى توجهاتها بما يعطيها القوة فى محيطها الإقليمى وفى علاقتها الدولية.

< نود من فضيلتكم إلقاء الضوء على بعض الإنجازات التى تحققت خلال العام الحالي؟

<< وزارة الأوقاف حققت عددًا من الإنجازات أهمها تحسين الأحوال المالية للأئمة، فقد تم ذلك بزيادة قدرها 400 جنيه شهريًا فى بدل صعود المنبر، فضلًا عن العلاوة المقررة لجميع موظفى الدولة، كما تحسين الأحوال المالية لخطباء المكافأة على بند التحسين، وفى إطار خطة الوزارة فى التدريب والتثقيف المستمر وتزويد الأئمة بالعلوم العصرية داخل مصر وخارجها نفذت وزارة الأوقاف 281 برنامجًا تدريبيًا تأهيليًا ومتخصصًا لأكثر من 28037 إمامًا وواعظًا وإداريًا، كما كثفت وزارة الأوقاف من الأنشطة الدعوية بالمساجد واستحدثت أنشطة جديدة لأول مرة، ما أدى إلى إقبال غير مسبوق على المساجد، كما أطلقت الوزارة عام 2023م عامًا للدعوة الالكترونية لتنطلق فى فضاء السوشيال ميديا من خلال 36 صفحة وموقعًا وقناة على مواقع التواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى، فضلًا عن مواقع وصفحات المديريات والإدارات التى نشطت نشاطًا كبيرًا، والإعداد لأول مؤتمر حول الفضاء الإلكترونى فى مجال الدعوة بعنوان: «الفضاء الإلكترونى والوسائل العصرية للخطاب الدينى.. بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة» فى الفترة من 9-10 سبتمبر 2023.

< وما هى جهود الوزارة فى الاهتمام بالقرآن الكريم؟

<< فى إطار اهتمام الوزارة بالقرآن الكريم وتعليمه وحسن تلاوته وإكرامًا لأهل القرآن تم إنفاق أكثر من 55 مليون جنيه على الأنشطة القرآنية خلال 2022-2023 فى ضوء زيادة الأنشطة المتصلة بخدمة القرآن الكريم واستحداث العديد من الأنشطة، فلأول مرة انعقاد الختمة المرتلة بمسجد سيدنا الحسين، فى أقل من 36 ساعة بمشاركة نحو 40 قارئًا من أعلام دولة التلاوة المصرية، ومقارئ الأئمة، ومقارئ الجمهور، وإطلاق عدد (100) مكتب لتحفيظ القرآن ليصل إجمالى المكاتب إلى 3369 على مستوى الجمهورية، وإطلاق حلقات التحفيظ ببرنامج التحفيظ عن بعد داخل مصر وخارجها، وإطلاق برنامج تلاوات لعدد 29 قارئًا من أعضاء المقارئ وقراء السورة وافتتاح 14 مركزًا لتلاوة القرآن الكريم للرجال والسيدات تمنح إجازات التلاوة بأسماء كبار القراء، كما تم عقد المسابقة العالمية التاسعة والعشرين للقرآن الكريم فى 4–8 فبراير 2023 برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى.

< حدثنا عن جهود الوزارة فى مجال التأليف والترجمة والنشر وإعمار المساجد؟

<< تم تأليف وترجمة ونشر 45 كتابًا مؤلفًا ومترجمًا خلال هذا العام ليصل إجمالى الكتب المؤلفة والمترجمة إلى 433 كتابًا وفى إطار خطة الأوقاف لإعمار بيوت الله (عز وجل) بلغ إجمالى عدد المساجد التى تم إحلالها وتجديدها وصيانتها وتطويرها فى عهد الرئيس السيسى 10387 مسجدًا بتكلفة تزيد على عشرة مليارات وستمائة مليون جنيه، وقد كللت هذه النجاحات بافتتاح مسجد مصر الذى يعد مفخرة عظيمة لعمارة المساجد فى العصر الحديث، وكذلك مركز مصر الثقافى ودار القرآن الكريم التى لا مثيل لها فى العالم، والتى هى بمثابة التدوين أو الكتابة الثالثة للقرآن الكريم، فبعد كتابة القرآن الكريم فى عهد سيدنا أبى بكر فى الكتابة الأولى وفى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه فى الكتابة الثانية، يأتى هذا التدوين العظيم بأن يدون القرآن الكريم على لوحات رخامية مضبوطة بالشكل والنقط وكأنه صورة فوتوغرافية من صفحات المصحف الشريف فى ثلاثين قاعة بكل قاعة جزء من القرآن، فضلًا عن سماعه بأصوات كبار القراء وتفسيره ولغاته وترجماته.

كما تم بحمد الله وتوفيقه وبتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية (حفظه الله) افتتاح مسجد السيدة نفيسة (رضى الله عنها) يأتى ذلك فى إطار خطة الدولة المصرية لعمارة بيوت الله (عز وجل) مبنى ومعنى بصفة عامة واهتمامها بالقاهرة التاريخية ومساجد آل البيت بصفة خاصة، فبعد افتتاح مسجد مصر ومركزها الثقافى الإسلامى وافتتاح مسجد الإمام الحسين (رضى الله عنه) ومسجد سيدنا عمرو بن العاص (رضى الله عنه) ومسجد الظاهر بيبرس والحاكم بأمر الله والسيدة فاطمة النبوية بعد تطوير هذه المساجد تطويرًا يليق بمكانتها وتاريخها يأتى افتتاح مسجد نفيسة العلم (رضى الله عنها).

ولا شك أن اهتمام الرئيس (حفظه الله) بعمارة بيوت الله (عز وجل) وتوجيهه بتطوير مساجد آل البيت بما يليق بمكانتها وحرصه على افتتاح هذه المساجد بنفسه سواء ما تم تطويره كمسجد الإمام الحسين ومسجد السيدة نفيسة أو ما تم إنشاؤه وتشييده كمسجد مصر ومركزها الثقافى الإسلامى أيقونة العمارة الإسلامية فى العصر الحديث كان الداعم الأكبر لخروجها على هذا المستوى المشرف الذى يليق بمكانة هذه المساجد و بجمهوريتنا الجديدة و هو ما نسأل الله (عز وجل) له القبول.

ومن ثم نقول شكرًا للرئيس على اهتمامكم بعمارة بيوت الله (عز وجل)، شكرًا على تشريفكم لافتتاح مسجد السيدة نفيسة (رضى الله عنها)، بارك الله فيكم وجعل ذلك فى ميزان حسناتكم، وجعل عمارة هذه المساجد بركة على مصر وأهلها أجمعين.

< ما هى أبرز الخدمات الأهلية التى تقدمها الوزارة؟

<< فى مجال البر وخدمة المجتمع تم صرف أكثر من 411 مليون جنيه خلال العام المالى الحالى، أما بالنسبة للمبادرات والخطط التى تم وضعها لحماية ممتلكات الوقف وحسن استثمارها، فقد تضاعفت إيرادات الهيئة بنسبة أكثر من 500٪ وكانت الإيرادات قبل 30 يونيه، قد بلغت 400 مليون جنيه لتحقق ولأول مرة فى تاريخ هيئة الأوقاف المصرية إنجازًا غير مسبوق بتجاوز 2 مليار و266 مليون جنيه صافى أرباح وإيرادات فى عام مالى واحد إلى يونيه 2023، كما تم إعداد أطلس الأوقاف الذى يوثق ويحصر جميع ممتلكات الوقف على مستوى الجمهورية ومنع أى تعديات عليها فى 92 مجلدًا لتوثيق أعيان الوقف بجانب تطوير نظام التحصيل والتحول الرقمى فى أعمال الهيئة.

< وماذا تحقق فى أكاديمية الأوقاف الدولية منذ نشأتها حتى الآن؟

<< أكاديمية الأوقاف الدولية علامة عالمية مضيئة فى مجال تدريب الأئمة والواعظات، وهى تؤدى دورها بامتياز وطنى ودولى، وهناك برامج تأهيلية وتدريب للأئمة متنوعة ومتطورة وغير مسبوقة، فالتدريب النوعى التراكمى العصرى المستمر هو إحدى أهم وسائلنا لرفع مستوى الأئمة والواعظات والإداريين والأكاديمية، واكتسبت مكانة عالمية متفردة فى مجالها، فقد تم عقد 5 دورات دولية بالأكاديمية وتخريج الدفعة الخامسة من الأئمة والواعظات نظام الدورة المتكاملة وعقد أربع دورات متخصصة فى الدراسات الاستراتيجية وتحديات الأمن القوى وعقد 17 دورة بالتعاون من الجامعات المصرية، وقد نفذت الوزارة 281 برنامجًا تدريبًيا تأهيليًا متخصصًا لأكثر من 28037 إمامًا وواعظًا وإداريًا.

< ماذا عن طرحكم لقضية «الوطن» فى مؤلفكم «الكليات الست»؟

<< لعل من أهم المكاسب التى حققتها ثورة 30 يونيو أنها حافظت على الدولة قوية موحدة متماسكة، ونأت بها عن السقوط فى أيدى الجماعات المتطرفة التى كانت لا تعرف للوطن حقًا وتعده فى أدبياتها حفنة من تراب ولا قيمة له ولا يشكل عندها شيئًا يذكر، وعقيدتنا أن الحفاظ على الأوطان وأن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وحيث تكون مصالح البلاد والعباد معتبرة، فثمة شرع الله وبلا دولة وبلا وطن لا مجال لأمن ولا لأمان، والوطن تاج على رءوس الوطنيين الشرفاء، ومن لا خير فيه لوطنه لا خير فيه أصلًا، فالدولة لكل أبنائها، وهو ما رسخته ثورة (30) يونيه، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات، وقد أكدت فى كتابى «الكليات الست» أن الوطن أصل راسخ بين هذه الكليات التى يجب الحفاظ عليها وهى الدين والوطن والنفس والمال والعرض، والوطنية الحقيقية تقتضى أن نكون صفًا واحدًا ولا سيما عند الشدائد.

< المتابع لخطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العديد من المناسبات يرى تركيزه على قضية بناء الوعى باعتباره أخطر قضية تواجه المجتمعات فى العالم، فإلى أى مدى تكمن أهميته وهل ينحصر فى البعد الدينى والثقافى فقط؟

<< عملية بناء الوعى هى قضية محورية فى حياة المجتمعات والأمم والشعوب خاصة التى تعرضت ذاكرتها لمحاولات المحو والشطب أو التغيير أو التغييب، ناهيك عن محاولات الاختطاف وحالات الجمود والخمول والكسل التى يمكن أن تصيب الذاكرة الجمعية للمجتمعات، ولذلك فعملية بناء الوعى تحتاج إلى جهود مكثفة ودؤوبة ومضنية خاصة فى تلك المرحلة الراهنة الفارقة فى تاريخ منطقتنا والعالم كله، ولا يمكن أن نحصر قضية الوعى فى بعدها الدينى والثقافى فقط، فالوعى بالوطن يقتضى العمل على بنائه ورفعه شأنه فى جميع المجالات الاقتصادية والفكرية والثقافية والاجتماعية والإنسانية، وإن الوعى بالوطن يقتضى الإحاطة والإلمام يحاك له من مؤامرات تستهدف إنهاك الدولة وبخطورة الإرهابيين والعملاء والخونة والعمل على تخليص الوطن من شرورهم وآثامهم، كما يقتضى أيضًا إدراك عمليات البناء والتعمير التى تتم على أيدى أبناء الوطن المخلصين، ولاشك أن قضية الوعى بالوطن وبمشروعية الدولة الوطنية وضرورة دعم صمودها والعمل على تقدمها ورقيها أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السوية وأحد أهم دعائم الولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مقدراته.

د. محمد مختار جمعة وزير الاوقاف خلال حواره مع لـ «الوفد»

< من حين لآخر يحدث هجوم ضد الإسلام والمسلمين فى بعض الدول الأوروبية وعلى سبيل المثال السويد، ومؤخرًا التقيت فضيلتكم سفير دولة السويد بالقاهرة فما أهم النقاط التى أكدتم عليها خلال اللقاء؟

<< لاشك أن الأديان كلها رحمة وعقلانية، وأن مصر بقيادتها السياسية ومؤسساتها الدينية والمسيحية رائدة فى صنع السلام واحترام الآخر، وترسيخ أسس العيش المشترك، فنحن نؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع، وقد حققنا مع أشقائنا المسيحيين بمصر أنموذجًا يحتذى فى العيش المشترك، فالدولة المصرية التى تبنى المساجد هى ذاتها التى تبنى الكنائس وتحافظ على المعابد وجددت على نفقتها المعبداليهودى بالإسكندرية احترامًا منها لكل الأماكن والمقدسات الدينية، وخلال لقائى بهوكان ايمسجورد سفير السويد بالقاهرة أكدت على عدة قضايا أولها: أن القرآن الكريم هو أقدس مقدساتنا والإساءة إليه أو إلى رسولنا الكريم أمر بشع لا يحتمل ولا يمكننا تجاوزه أو غض الطرف عنه أو التسامح فيه، ثانيا أن ما حدث من حرق للمصحف الشريف استفز جموع المسلمين فى مختلف دول العالم وأثار غضبهم، وهو أمر لا ينبغى الاستهانة به والخوف كل الخوف أن يفلت الأمر من يد العقلاء والحكماء فنصير إلى أمور لا تصب فى مصلحة أى طرف، فهذا التجاوز تجاه المقدسات إنما يغذى ويخدم قوى الشر وجماعات التطرف ويعطيها ذريعة لتجنيد عناصر غاضبة مما يحدث لديها، ثالثًا: أن القوة الحقيقية ليست فقط قوة السلاح ولا قوة الاقتصاد ولا الاستعلاء بهما ولا هى فى مظنة الاستغناء عن الآخرين، القوة الحقيقية التى تعظم شأن الدول هى القوة الحضارية التى يعم نفعها وقيمها للناس جميعًا، رابعًا أن ما حدث أضر ويضر بصورة دولة السويد فى العالمين العربى والإسلامى، ولا بديل عن تحرك سريع من الحكومة السويدية لرأب الصدع الذى حدث على المستوى القانونى والإعلامى والتوعوى لتجنب تكرار ما حدث. وخامسًا أن لدينا تحديات مشتركة كثيرة يمكن أن نعمل معًا عليها مثل التغيرات المناخية والطاقة المتجددة ودراسة أسباب وعلاج الهجرة غير الشرعية والتنمية الشاملة وتحقيق السلام العالمى وترسيخ وتجذير أسس العيش المشترك، وسادسًا أن أيدينا ستظل ممدودة بالسلام؛ لكن لمن يحترم ديننا وعقيدتنا ومقدساتنا، ويمكن لنا مجتمعين أن نبنى عالمًا أفضل يقوم على التسامح الدينى واحترام مشاعر الآخرين وعدم الإساءة إلى معتقداتهم، والعناية بالأبعاد الإنسانية والبحث عن المشترك الإنسانى بغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس.

< ماذا عن نقل وزارة الأوقاف المصرية إلى مقرها الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة؟

<< هذا يوم لا ينسى، فهو نقلة حضارية، فالعاصمة الإدارية أقوى مشروع قومى فى العصر الحديث، فالجمهورية الجديدة أصبحت واقعًا حقيقيًا.

< أخيرًا.. ماذا عن مؤلفكم «الفهم المقاصدى للسنة النبوية» ما أهم الخطوط العريضة التى يطرحها الكتاب؟

<< هذا الكتاب يهدف إلى إلقاء الضوء على أهمية فهم المقاصد الكلية للتشريع بصفة عامة، وضرورة فهم مقاصد السنة النبوية المشرفة بصفة خاصة، وفهم مقاصد كل نص أو مجموعة نصوص مترابطة فى ضوء غاياتها العليا مع ضرورة مراعاة ظروف الزمان والمكان وأحوال الناس وأعرافهم وعاداتهم عند قراءة النص وفهم معانيه أو استنباط بعض الأحكام الجزئية منه، كما يقدم الكتاب قراءة عصرية لنماذج مختارة من السنة النبوية المشرفة، بما يؤكد أننا فى حاجة ملحة إلى قراءات جديدة لمعظم نصوص السنة المشرفة المطهرة فى ضوء واقعنا الراهن ومتغيراته ومستجداته، ويكشف الكتاب أن بعض علمائنا الأوائل قد تنبهوا إلى أهمية التجديد ومراعاة متغيرات الزمان والمكان، وفرقوا بين الثابت والمتغير، وبين النص وشروحه، وكانوا أوضح رؤية وأكثر وعيًا وشجاعة وإقدامًا على التجديد من كثير من علماء عصرنا.

كما يؤكد الكتاب أن بعض الجماعات المتطرفة والمتشددة قد قامت بقراءات انتقائية مجتزأة للتراث، بما يخدم أيديولوجيتها متجاهلين كثيرًا من الآراء الواعية المستنيرة التى يتحتم علينا أن ننقب عنها وأن تقف عندها بأناة بما يكشف زيف هذه الجماعات المتطرفة وقراءاتها الانتقالية المغرضة من جهة ويضىء لنا طريق التجديد، ويفتح لنا جانبًا كبيرًا من آفاقه الواسعة من جهة أخرى.