رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سحر ودجل وأعمال مخلة بالآداب:

البيضة والحجر.. داخل المقابر

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

مواطنون يؤكدون: شاهدنا دخانًا يخرج من المقابر وعدسة الوفد تكشف السحر المدفون

خبير قانوني: عقوبات غير رادعة ومطلوب تعديل القانون فورا

د. آمنة نصير: اللجوء للسحرة شرك وكفر بالله

أعمال سفلية نهارًا وعربدة ليلاً

 

 

 

طرق خاوية.. مشاهد القبور تثير الرُعب مع حالة من الصمت الرهيب.. كُلما سرت بين المقابر تجد أشلاء من الأقمشة المحترقة تظهر أجزاء منها فوق السطح، والباقى مدفون بالأسفل.

داخل مقابر التونسى بالسيدة عائشة عالم أشبه بأفلام الرُعب رصده محرر «الوفد» خلال جولته بالمنطقة، بعدما ورد إلينا العديد من الشكاوى بشأن قيام بعض السحرة بأعمال السحر والشعوذة داخل المقابر، حتى أصبحت بقايا تلك العمليات المحرمة دينيا وقانونيًا مصدر رعب للعديد من الأهالى المقيمين بجوار المقابر. 

بخطى بطيئة ترجلنا داخل المقابر للكشف عن صحة ما وصلنا من معلومات، ساعات طويلة قضيناها فى البحث لنجد ملابس داخلية وأوراقًا محترقة مبعثرة أسفل الأشجار بجوار بعض الغرف داخل المقابر، وبالاقتراب منها وجدنا بعض الكلمات المكتوبة بالحبر الأحمر والأسود وبعض الطلاسم الخاصة بأعمال السحر. 

 

استكملنا جولتنا الميدانية داخل المنطقة لنرى بعض العشش والغرف المهجورة وبداخلها قطع ملابس ممزقة بشكل عشوائى، وبسؤال الأهالى أكدوا أن هذه الغرف يأتى إليها شياطين الإنس مصطحبين معهم رجالا وسيدات للقيام بأعمال السحر هنا، وأكدوا أنهم يسمعون أصواتًا من هذه الغرف التى تثير الرعب  ليلاً فضلاً عن تصاعد الأدخنة منها دون معرفة مصدرها. 

تهديد بالقتل

حكايات سردها بعض المواطنين المقيمين بجوار مقابر السيدة عائشة كشفت عن العديد من الممارسات التى يقوم بها بعض الدجالين داخل المقابر، وأكدت إحدى السيدات أنها كثيرًا ما تسمع أصواتًا مرعبة فى ساعات الليل تصدر من داخل المقابر مما يثير رعبها هى وأطفالها. 

وأشارت السيدة الخمسينية إلى أنها مع كل صباح ترى تصاعد الأدخنة من داخل المقابر وبالبحث عن مصدرها تجد بعض الأوراق أو الأقمشة المحترقة، وأضافت أن نجلها شاهد أحد الرجال مع سيدة داخل غرفة يمارسان أفعالا مشينة، وعندما حكى لها ما شاهد هرعت الأم إلى المكان لتتأكد من الواقعة لتجد الدجال يمارس أفعالا مخلة مع السيدة وسط الدخان، وعندما تبين أنها اكتشفت أمره قام الدجال بتهديدها بالقتل. 

الأمر نفسه أكده مسن يقطن داخل المقابر منذ ما يقرب من 15 عامًا وقال إنه كثيرًا ما تعرض للإساءة من قبل بعض السحرة حينما حاول التعرض لهم لحماية أبنائه من المخاطر التى تحاصرهم. 

روايات عديدة سردتها بعض السيدات المقيمات بشأن الأعمال المحرمة التى تتم داخل الغرف المغلقة بالمقابر بمقابل مادى يدفع لأصحاب هذه الغرف نظير أعمال السحر الأسود الذى يكتب بالشهوات. 

عقارب الساعة تشير إلى الرابعة عصرًا.. أصوات عالية تدوى في أرجاء المكان.. كلمات غير مفهومة يتمتم بها شخص مجهول، وهمهمة لسيدة تعلو كلما اقتربت من المكان، هكذا تتذكر إحدى السيدات المقيمات فى المقابر، مشهدا رأته لإحدى السيدات مع رجل فى الأربعين من عمره ومعه بعض الحقائب يخرج منها بعض البخور والمعدات الخاصة لتحضير الجن على حد قولها، وبمجرد أن رأتهما تلقت تهديدًا بالقتل إذا حكت ما رأت.

كثير من السيدات وقعن فى أفخاخ هؤلاء الدجالين بحجة فك السحر لهن، وقالت إحداهن وتدعى «شيماء.ف»، من مدينة ههيا، إنها كانت تعانى بسبب تأخر زواجها خاصة وأنها بلغت سن الثلاثين. 

«الزن على الودان أمر من السحر» قالتها شيماء تعقيبًا على حديث والدتها معها ليلاً ونهارًا بضرورة الزواج حتى لا تنضم لطابور العانسات، وهو ما دفعها للجوء لأحد الدجالين الذى طالبها بدفع 1000 جنيه مقابل الاستماع لشكواها أولا، وبعد أول جلسة أخبرها بأنها تعرضت لسحر أسود حتى لا تتزوج، وطالبها ببعض الصور الخاصة لها فى غرفة النوم والحمام، ورغم فك السحر كما قال الدجال إلا أنها لم تتزوج حتى الآن. 

الأمر ازداد صعوبة مع «عزيزة» سيدة من إمبابة، والتى دفعت ثمن معاشرة ابنها «مصطفى» للسيدات بحجة فك السحر والأعمال، حيث كشفت تحريات المباحث أن السيدة قتلت على يد شاب وزوجته انتقاما من ابنها بسبب قيامه بمعاشرة زوجة المتهم على مدار عامين تحت تأثير السحر والتنويم المغناطيسى، بحجة البحث عن كنز أسفل منزلهما بإمبابة.

وفى الوادى الجديد، لقى دجال مصرعه على يد شاب ثلاثينى اعترف أمام جهات التحقيق بأنه قام بتقطيع جسد الدجال بمساعدة والده، وقال الشاب إنه قتله انتقامًا لشرفه بعدما تعدى الدجال على والدته جنسيا والتى كانت تعانى من حالة نفسية سيئة، واستعان به هو ووالده لفك السحر على حد قوله، وبعد أن اعترفت السيدة لزوجها بما حدث قرر الاثنان الانتقام منه ومزقوا رأسه بالفأس 4 أجزاء، ثم حرقوا جثته بـ«كاوتش» سيارة. 

وعلى صفحات السوشيال ميديا، نشرت بعض السيدات حوارًا على ماسنجر دار بينهن وبين بعض الدجالين الذين حاولوا اصطيادهن إلا أن السيدات اكتشفن اللعبة مبكرًا وقررن فضحهم على الملأ، وبحسب المنشور فى الدردشة طلب الدجال من إحداهن إرسال صور عارية لها لكتابة بعض الطلاسم عليها.

الإفتاء: الحماية بالمعوذتين

تحذيرات عديدة وجهتها دار الإفتاء خلال الفترة السابقة بشأن أعمال السحر بأنواعه وقالت فى منشور لها على «فيس بوك»، إن أسوأ ما فى الأمر هو الاستعانة بأفراد يدعون الولاية والصلاح ويقومون بالجلوس مع السيدات ويمارسون الدجل والشعوذة.

وأشار البيان إلى أن الحماية من أعمال السحر بكل أنواعه يحتاج إلى طريقتين الأولى هى قراءة المعوذتين، والأخرى المداومة على ترديد أذكار الصباح والمساء.

وتابع البيان: لو ذهب الشخص إلى أحد الصالحين لا هو ساحر ولا معه جن ولا غيره، يقوم بالدعاء أو قراءة القرآن على الشخص المسحور أو المحسود وما شابه، فلا يوجد مانع ما دام الشخص معروفاً بالصلاح والأمور واضحة تماماً لا يوجد طلاسم ولا شيء غامض.

كفر بالإسلام

وترى الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر، أنّ إتباع سلوكيات السحر والشعوذة يعد كفرا بالإسلام. 

 

وأضافت العميدة السابقة لكلية الدرسات الإنسانية بفرع جامعة الأزهر، أنّ فكرة القيام بعمل يختلف مع إرادة الله أمر مخالف لتعاليم الله، ومن هنا يأتى دور الإعلام سواء المرئى أو المسموع أو المقروء بضرورة التوعية والاستناد إلى أدلة منطقية لمخاطبة أصحاب المؤهلات وليس الجهلة فقط. 

وأشارت نصير إلى أنّ السحر موجود لكن استخدامه للضرر بالغير يعد شركا، وهناك الحسد النوعى ويعرف بكونه تمنى الحاسد أن تزول النعمة من صاحبها وتعود إليه، ولكن يجب عدم المغالاة فى كل شيء وإخراجها من مضامينها.

كما نوهت بدور الآئمة فى المساجد وضرورة التحذير من هذه الأعمال بشكل متكرر خاصة فى بعض محافظات الصعيد والوجه البحرى خاصة أن حملات الشباب لتطهير المقابر من الأعمال كشفت عن كوارث إنسانية.

استشارى علم النفس: القلق مفتاح اللعبة

قالت الدكتورة وسام منير، استشارى علم النفس، إن كثيرًا من المواطنين الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والانفعالات يلجأون إلى السحر ولديهم قناعة داخلية بأن هذا هو الحل الأمثل نظرًا لضعف شخصيتهم وفقدان توازنهم النفسى والعقلى وضعف ثقتهم فى الآخرين. 

وأضافت الدكتورة وسام، أنّ الجهل وقله الإيمان بالله والطمع والجشع وقلة الوعى والحياء هى مفاتيح السحرة للعب على أوتار الضحايا، فهم يستخدمون الخداع للسيطرة عليهم خاصة الضحايا الذين يشعرون دائما بالقلق والذى يتحول بداخلهم إلى فوبيا. 

وأشارت استشارى علم النفس إلى أن الدجال عادة ما يدرس ضحاياه لكى يتعرف على دواخلهم ومنها يستطيع التلاعب بانفعالاتهم وعقلهم الباطن، مشيرة إلى أن هناك العديد من الآليات للسيطرة على هذه الهواجس الداخلية وأهمها: المداومة على الصلاة فى مواعيدها، والحرص على الأذكار، وتلاوة القرآن داخل المنزل والتقرب إلى الله، وتكوين قناعة داخل المريض بأن معتقداته بوجود السحر مجرد أوهام. 

وهناك علامات تؤكد أن هناك أشخاصًا يعانون من أمراض نفسية ولكنهم يعتقدون أنها سحر.. وأوضحت استشارى علم النفس أن أعراض الاكتئاب تبدأ بعدم الراحة فى النوم والشعور بآلام فى الظهر وضيق شديد فى الصدر وعدم القدرة على الصلاة أو سماع القرآن، والرغبة فى العزلة وعدم الخروج من المنزل والبعد عن الناس والعالم الخارجى.

وأوضحت استشارى علم النفس أن الكثير من هذه الحالات يهربون من الواقع، موضحة أن الكثير من الحالات تعانى من  اضطراب نفسى وسلوكيات وأفكار ومشاعر وتصرفات غير سوية نتيجةً لعدد من الأسباب يتم توزيعها على مجموعتين من العوامل هما: العوامل البيولوجية مثل الوراثة ومشاكل أثناء الحمل أو الولادة، والعوامل الشخصية وعلى رأسها  تعاطى المخدرات، والقلق والتوتر الذى يصيب الإنسان بسبب ضغوط الحياة اليومية أو التعرض لصدمة نفسية أو الثّقافة المجتمعية والخلفية الدينية والاجتماعية، أو التعرض للإساءة والظروف الاقتصادية بسبب الفقر، أو ظروف الحرب. 

مستشار قانونى: جريمة بلا عقاب

أكد المستشار القانونى مؤمن مرقص المدير التنفيذى لمكتب المؤمن للمحاماة أنّ القانون لا يوجد به نصوص صريحة بشأن ممارسة الدجل والشعوذة ولكن مثل هذه الممارسات تندرج تحت قانون النصب والاحتيال، فوفقا لنص المادة 336 من قانون العقوبات المصرى يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تقل عن 20 ألف جنيه كل من ارتكب أو لجأ لأعمال السحر والشعوذة سواء كان ذلك حقيقة أو عن طريق الخداع بمقابل مادى ودون مقابل، ويعد من أعمال السحر القول أو الفعل، إذا قصد به التأثير فى بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ موضحا أنه يجب التفريق بين من يقومون بالرقية الشرعية دون الحصول على مقابل مادى بشرط ألا تتخطى أعمالهم الرقية الشرعية، والسحرة والدجالين والمشعوذين الذين يقومون بإيذاء الناس والمساس بسلامتهم وأسرهم.

وأضاف المستشار القانونى أنّ العقوبة المنتظرة للقائمين بمثل هذه الممارسات هى: السجن 24 ساعة حتى 3 سنوات مع الشغل، مشيرا إلى أن هذه العقوبة غير كافية للتصدى لمثل هذه الممارسات غير الأخلاقية والتى تدمر حياة الآخرين، مؤكدا على ضرورة النظر إلى مثل هذه الممارسات من قبل المشرعين لتعريف معنى السحر وأفعاله بشكل واضح من خلال عقوبات واضحة ورادعة، حيث إن هذه الظاهرة تمس أمن المواطنين سواء أولئك الذين يلجأون للدجالين أو أولئك الذين يقيمون فى هذه المناطق.

وأشار المستشار القانونى إلى أنّ هناك العديد من الدول العربية قامت بسن تشريع خاص لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة أن عقوبة قانون النصب ليست رادعة، ولا تتناسب مع تزايد أعداد من يقومون بممارسة الدجل والسحر.

كما طالب المستشار القانونى بضرورة قيام المشرع المصرى بتوفير تشريع جديد يحتوى على عقوبات رادعة لهذه الجرائم، لافتا إلى أن القانون فى المغرب والإمارات به تشريع يحكم هذه العملية ويشتمل على عقوبات رادعة.