رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أعلن الرئيس جمال عبدالناصر فى خطابه التاريخى فى مدينة الإسكندرية فى 26 يوليو 1956 قرار تأميم قناة السويس. ونصت المادة الأولى من القرار على «تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية (شركة مساهمة مصرية) وتنقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات وتحل الهيئات واللجان القائمة على إدارتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكون من أسهم وحصص بقيمتها مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بهذا القانون فى بورصة الأوراق المالية لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.

وبالفعل أوفت الدولة المصرية بكافة التزاماتها، فمع حلول الأول من يناير 1963 كانت قد سددت التعويضات التى أعلنت عن عزمها على دفعها لمساهميها تعويضًا لهم عما يملكونه من أسهم وحصص مقدرة وفقًا لسعر الإقفال، فى اليوم السابق للتأميم فى بورصة الأوراق المالية بباريس، وبلغت جملة التعويضات 28 مليونًا و300 ألف جنيه قيمة 800 ألف سهم سددت جميعها بالعملة الصعبة، قبل استحقاقها بسنة كاملة.

وإذا كان قرار تأميم قناة السويس قد جاء ردًا مباشرًا على مواقف الدول الكبرى والبنك الدولى فى مسألة تمويل السد العالى، إلا أن القرار فى حقيقة الأمر كان كاشفًا وليس منشئًا للحقوق المصرية وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسيادة المصرية على كامل التراب الوطنى بعد ثورة 23 يوليو.

وبعد قرار التأميم تعرضت مصر لهجمة استعمارية شرسة بدأت بمحاولة خنق الاقتصاد المصرى عندما انسحب المرشدون والفنيون الأجانب الذين يعملون فى القناة لتعطيل الملاحة وعرقلة دولاب العمل ومن ثم إحراج الدولة المصرية بعدم قدرة أبنائها على إدارة القناة.

بيد أن روح التحدى التى تحلى بها المصريون دومًا فى أحلك الأوقات ساعدت على تجاوز الأزمة حيث نجح المرشدون المصريون بمعاونة بعض المرشدين من الدول الصديقة فى تسيير الملاحة بانتظام بعد يومين فقط من انسحاب المرشدين الأجانب، حيث عبرت القناة فى 16 سبتمبر 36 سفينة وفى 17 سبتمبر 35 سفينة وفى 18 سبتمبر 32 سفينة وفى 19 سبتمبر 34 سفينة.

كان لخطاب عبد الناصر فى المنشية الذى أعلن فيه تأميم قناة السويس خصوصية كبيرة مصريًا وعربيًا وعالميًا خاصة أنه أعاد الحق لأصحابه وصارت قناة السويس مصرية، كما سبق الخطاب إعداد محكم لاسترداد القناة وكان أول خطاب يتضمن كلمة سر ما إن سمعها الفريق المكلف باسترداد القناة عمليًا حتى بدأوا مهمتهم، وهى كلمة «ديليسبس»، ومن اللافت أن كل خطابات عبدالناصر كان يعقبها رد فعل ومردود جماهيرى واسع النطاق.

لم يستغرق عبدالناصر الكثير من الوقت لاتخاذ قراره التاريخى بتأميم قناة السويس، فكان ظهيرة يوم السبت الموافق 21 يوليو 1956 ثالث أيام الأضحى المبارك، فى ذلك الوقت شاهدا على هذه اللحظة التاريخية التى سطر التاريخ بعدها فصلاً من فصول العزة والكرامة المصرية.

وقع اختيار الرئيس عبدالناصر على المهندس محمود يونس، رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول ليكون هو المسئول الأول عن عملية تأميم القناة وخول له كافة السلطات والصلاحيات وحرية اختيار رجاله والمعاونين له ووضع خطة التأميم خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 55 ساعة. بدأ المهندس محمود يونس فى اختيار رجال التأميم من دائرة الثقة المحيطة به من زملاء السلاح والكفاح أقرانه من ضباط سلاح المهندسين والعاملين المدنيين بهيئة البترول، وذلك بالتوازى مع وضع الإطار العام لخطة التأميم والتصديق عليها خلال اجتماعه مع الرئيس عبدالناصر بمجلس قيادة الثورة.

وشرع يونس فى التواصل مع رجال التأميم والاجتماع بهم لإبلاغهم بالمهام المطلوبة منهم دون إبداء معلومات واضحة عن طبيعة العملية ذاتها مع التأكيد على الالتزام بالسرية التامة وتنفيذ التعليمات بحذافيرها.

تعتبر بريطانيا أكثر الدول تضررًا من تأميم شركة القناة؛ لأنها كانت تملك 45٪ من أسهم القناة، إضافة إلى أن ثلاثة أرباع البترول البريطانى يمر بالقناة، وكانت السفن البريطانية المستخدمة للقناة تمثل ثلث السفن العابرة، وقامت بريطانيا بفرض عقوبات اقتصادية على مصر، ومنها تجميد الأرصدة المصرية لديها والتى بلغت فى ذلك الوقت 113 مليون جنيه استرلينى، ومنعت شحن البضائع لمصر، وفرضت الرقابة على جميع حسابات البنوك المصرية فيها، ومنعت تسليم ذهب وودائع شركة قناة السويس لمصر إلا بترخيص من وزارة المالية البريطانية، وامتنعت فرنسا وبريطانيا عن دفع رسوم عبور القناة لمصر، وحظرت بريطانيا تصدير الأسلحة والمعدات إلى مصر، وجمدت الولايات المتحدة أيضًا أرصدة مصر لديها.

ولم يؤثر التأميم بأى حال من الأحوال على الملاحة فى قناة السويس، وفى 29 يوليو 1956 كتب المندوب السامى البريطانى فى مصر سابقًا مقالاً يطالب فيه باحتلال مصر بواسطة انجلترا وفرنسا وأمريكا.