رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فواكه اللحوم أكلة الغلابة في العيد

فواكه اللحوم
فواكه اللحوم

يجلسن تحت حرارة الشمس من أجل لقمة العيش والكسب الحلال، يتساقط العرق من جبهاهن كحبات المطر، بالرغم من كبر سنهن إلا إنهن ما زلن يعملن في مهنة أضعن فيها العمر حتى لا يمدون يد العون لأحد، يكافحن منذ نعومة أظافرهن، نساء لا يعرفن طعم الراحة، أقل ما يقال في حقن أنهن مكافحات ومحاربات للظروف الصعبة من أجل تمهيد طريق أبنائهن.

نساء حفرن في الصخر من أجل محاربة الفقر سطّرن قصص نجاح للنهوض بعائلاتهن وتربية أولادهن، عندما تقترب منهن  تفوح رائحة المثابرة والسعي نحو النجاح، لم يخترن الشقاء إلا أنه فُرض عليهن، الشيء الوحيد الذي اخترنه هو التخلي عن أنوثتهن من أجل تحقيق أحلامهن البسيطة وهي "العيشة المستورة".

ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك قامت محررة "الوفد" بجولة داخل سوق "المدينة" بمدينة البدرشين التابعة لمحافظة الجيزة والتقت من خلالها بعدد من بائعات فواكه اللحوم، أو كما يطلقون عليها حلويات اللحوم لرصد أسعار "أكلة الغلابة" قبل عيد الأضحى والوقوف على حركة البيع والشراء في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. 

 

في بداية سوق مدينة البدرشين تجلس الحاجه أم أيمن موسى وشهرتها "نوسه بتلو"، البالغة من العمر سبعون عامًا بجوار محطة القطار وبجانبها عدد من الأواني التي تحوي " الكوارع والكرشة والفشة والممبار" وتنادي "الكرشه ياعشاق الكرشه".

لمشاهدة الفيديو من هنا

وخلال حديثها تروي أم أيمن قصتها بابتسامة تملؤها البهجة والفخر والاعتزاز بمهنتها وتقول: أعمل في تلك المهنة منذ الصغر وأرث المهنة أبًا عن جد وزوجي أيضًا يعمل بها وحرصت على توريثها أيضًا لأبنائي.

وعن أسباب اختيارها مهنة بائعة فواكه اللحوم توضح أم أيمن "حبيت اني أساعد جوزي بعد الجواز ونزلت واشتغلت معاه وساعدته عشان أربي ولادي، وباجي كل يوم من الحوامدية للبدرشين عشان أكل عيشي واكل لقمة بالحلال، ببدأ شغلي من الساعة 8 وحسب تساهيل ربنا لما بخلص الشغل".

وبسؤالها عن أسعار منتجاتها قالت أم أيمن أنها تبيع لحمة الرأس بمائة وعشرون جنيهًا والكرشة بـخمسون جنيهًا والممبار بسبعون جنيهًا والكوارع بـمائة وثمانون جنيهًا، مضيفة " الناس بقت تعبانه من غلاء الأسعار وكله دلوقتي بيشتري فواكه اللحوم بدل من اللحمة والناس برضو بتشتري محدش هيبطل ياكل".

أكلة الغلابة

وعلى الجانب الآخر من محطة القطار  تجلس الحاجة أم وليد على أطراف متجرها بوجهها البشوش وابتسامتها الرقيقة المنطبعة على وجنتيها وعند الاقتراب منها تجد ترحيبًا ليس له مثيل وكأنك تعرفها منذ زمن بعيد.

تحكي الحاجه أم وليد سيد خليل، البالغة من العمر أثنان وسبعون عامًا والتي تقيم في مركز البدرشين التابع لمحافظة الجيزة، قصتها مع مهنتها وهي بيع "فواكه اللحوم" أو كما يطلقون عليها "حلويات اللحوم" التي ورثتها من أبويها وعملت بها وهي في سن الثامنة من عمرها.

" اتولدت لقيت أبويا وأمي بيبعوا حلويات اللحوم وعشت حياتي كلها في الشغلانة دي" بتلك الكلمات بدأت الحاجة أم وليد حديثها عن مهنتها التي تعمل بها منذ أكثر من ستون عامًا.

فمع آذان الفجر يبدء يوم "أم وليد" وبالرغم من مشقة العمل لاسيما في فصل الصيف  وكبر سنها إلا أنها لا تستطيع الاستغناء عنه والسبب أنها ولدت في أعماقه وأفنت عمرها به من أجل تربية أبنائها وتعليمهم ومساعدة زوجها في المعيشة. 

وتستكمل الحاجة أم وليد في حديثها "اشتغلت وأنا طفلة عندي 8 سنين ولما كبرت واتجوزت كانت حالتنا بسيطة وقررت إني أساعد جوزي في المعيشة، ورجعت تاني اشتغل مع والدتي وبعد فترة قدرت إني اشتغل واجيب بضاعة لوحدي وربنا كرمني واشتريت محل من حوالي 35 سنه".

وبسبب جودة بضاعتها الخالية من الغش  ومعاملتها الحسنة مع الزبائن استطاعت "أم وليد" أن تكسب ثقة سكان مدينتها والقرى المجاورة لها وتقول "اشتغلت الشغلانة دي بالحلال والناس كلها عارفة عني كده وبحب أبيع الحاجه النظيفة لأن مهنتنا دي كلها غش، يعني تلاقي الفشة والممبار وحتى لحمة الراس بيحقنوهم مياه ويغشوا الزباين".

وتسترسل أم وليد " الكرشة دلوقتي بينظفوها بمياه نار لكن انا الحمد لله معنديش كده واللي عايز حاجته متنضفة عندي شعلة ومياه سخنه عشان مبحبش اغش الناس ولا اضرهم لأن السبوبة دي كرم من ربنا ليا عيشت واشتغلت فيها طول حياتي وبحب اراعي ربنا فيها، لأني الحمد لله عارفه ربنا وبصلي واصوم وحجيت بيت الله، وربنا ساترها معايا والحمد لله".

وعن ارتفاع أسعار اللحوم ومحتوياتها  تقول أم وليد " الحاجه كله غليت والبهايم من قلتها وارتفاع سعر الأعلاف أمهات البهايم بقت بتدبح وهو دا اللي رفع الأسعار واحنا خايفين على الثروة الحيوانية، لحمة الراس بـ 140 جنيه وكرشة العجل الصغير بـ 60 جنيه والكبير بـ 50 جنيه و5 جنيه تنضيف، والفشه بـ 70 جنيه والممبار بـ 80 جنيه وكوارع العجول الصغيرة بـ 180 جنيه".

وبسؤال الحاجة أم وليد عن حركة البيع والشراء تؤكد أنه بالرغم من أن الأسعار مرتفعة إلا إن هناك إقبال على شراء فواكه اللحوم بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، مضيفة "الناس بتشتري حلويات اللحوم بدل اللحمة لأنها في متناول الجميع لأن اللحم الجاموسي الصغير وصل لـ 280 جنيه والجاموسي الصغير بـ 240 جنيه أما بقى لحمة الراس بـ 140 جنيه وكله بقى بيشتريها وناس بتفرمها وتعملها كفتة لأنها رخيصة".

 

الربح القليل والبيع الكثير

التقط أطراف الحديث إبراهيم عاشور، ويبلغ من العمر اثنان وستون عامًا، صاحب محل جزارة داخل سوق المدينة بالبدرشين قائلًا "الحمد لله الناس بتشتري والحركة حلوة مش وحشة والناس مش هتبطل أكل لأن الأكل بالذات الناس مش هتقدر تستغنى عنه، مؤكدًا على أن الأسعار اختلفت كثيرًا عن العام حيث كان يسجل سعر كيلو اللحمة العام الماضي 100 و110 جنيه"، مسترسلًا "وفي كل الأحوال أحنا أحسن من غيرنا، البلاد برا خربانه والأسعار فيها عالية برضو  ومصر جميلة في كل حاجه أكل وشرب وكله، وانا مجبور إني أرخص السعر عن المحلات اللي برا لأني داخل سوق تجاري".

وأضاف الحاج إبراهيم عاشور: "أنا وارث مهنة الجزارة أبًا عن جد اتولدت لقيت أبويا شغال جزار وانا ورثتها منه وولادي برضو وارثينها مني وشغالين معايا لانهم لازم يتعلموا مني وكل سنة وانتوا طيبين".

 

من جانبه قال محمد شعبان وشهرته محمد ابو شروق بتلو، رجل أربعيني، صاحب أحد محلات بيع فواكه اللحوم بسوق المدينة بالبدرشين، نمتلك عدة محلات ومن كرم الله علينا لدينا أعلى بضاعة وأقل سعر مشيرًا إلى انخفاض سعر كيلو اللحمة لديه مقارنة بمحافظتي القاهرة وحلوان، والذي وصل إلى ثلاثمائة وخمسون جنيهًا بينما يبيعه هو بمائتين وأربعون جنيهًا فقط، معلنًا عن أسعار فواكه اللحوم لديه وهي  سعر كيلو لحمة الرأس بمائة وثلاثون جنيهًا و سعر الكوارع مائة وثمانون جنيهًا، بينما وصل سعر الكيلو من الكرشة إلى خمسون جنيهًا والممبار سبعون جنيهًا والفشة ستون جنيهًا والكبدة البلدي مائتان وعشرون جنيهًا و سعر اللسان  مائة وخمسون جنيهًا.

 

 

 

وبسؤاله عن مدى إقبال الأفراد على الشراء مع اقتراب عيد الأضحى أجاب "الناس كلها بتشتري لأن مفيش حد هيضحي السنادي زي كل سنة، أقل عجل النهاردة بـ 60 ألف جنيه، والناس الغلابة هي اللي بتشتري الفشه والكرشة والحلويات كتير بسبب ارتفاع اسعار اللحوم".