عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المهن الشاقة تدمر أرواحهم وأجسادهم

عمالة الأطفال.. اغتيال البراءة!

الشقاء مصير كثير
الشقاء مصير كثير من الأطفال الأيتام

ليسوا كغيرهم من الأطفال يقضون أوقاتًا فى اللهو وسط أحضان الأسرة.. أجبرتهم الحياة على معايشة قسوة الواقع لتزيد على أعمارهم سنوات من الشقاء.. منهم من يعمل فى مهن شاقة، ومنهم من يقضى يومه على الأرصفة مع طلوع الفجر حتى غروب الشمس على أمل أن يحصلوا على بضعة جنيهات.

حياة صعبة يعيشها كثير من الأطفال، تعلمهم دروسًا مؤلمة، وتضيف مفردات عنيفة إلى قاموس يومهم تكسبهم شخصية عنيفة أكبر من أعمارهم حتى يواجهوا ألاعيب غيرهم من شياطين الإنس.

بعض هؤلاء الأطفال وقعوا تحت جشع الآباء والأمهات فأجبروهم على انتهاك حياتهم الخاصة وضياع مستقبلهم التعليمى مقابل تصوير بعض الفيديوهات «اللايف» من داخل منازلهم، بغرض الربح الرخيص من ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعى.

أرقام وإحصائيات صادمة خرجت بها الجهات المختصة بشأن عمل الأطفال استوقفت الجميع ودفعت البعض لتقديم طلبات إحاطة فى مجلس النواب ضد وزارة العمل، وحذر المتخصصون فى الطب النفسى والقانونيين من استمرار مثل هذه الممارسات التى تقضى على الطفولة سواء أكانت لظروف حياتية دفعتهم إلى العمل أو بسبب جشع أولياء أمورهم، الذين يهدفون للكسب من عملهم دون الحفاظ على مستقبلهم أو طفولتهم.

هذا الملف يناقش اغتيال براءة شريحة واسعة من الأطفال، ويبحث عن طرق العلاج.

حكايات مؤلمة.. عن ضحايا الشوارع

 

على بعد خطوات من شارع الوحدة بمنطقة إمبابة بالجيزة تجد الطفل «زياد» قابضًا بيديه على عربته الحديدية وعليها بعض بقايا الروبابيكيا، على الرغم من ضعف جسده، إلا أن شقاء الحياة أعطاه قوة تفوق عمره الذى لم يتجاوز 12 عاما.

«أبويا وأمى ماتوا وأنا عايش مع عمى وبصرف على نفسى».. قالها الطفل بحسرة شديدة، وتابع: «مش عايز أتكلم.. ويعنى لو اتكلمت إيه الفايدة؟».

«استحالة يحسوا بطفل اتيتم بدرى واتكتب عليه يعيش مع ناس بياكلوا فى لحمه».. يستكمل الطفل الحزين حديثه ويقول إنه مثل غيره من الأطفال قرروا أن يعيشوا الحياة ومتاعبها منذ صغرهم لظروف خاصة.

50 جنيهًا هى محصلة يوم «زياد» الذى يبدأ من السادسة صباحًا حتى الخامسة بعد العصر، بعدما يقوم بجمع الروبابيكا وتسليمها للتاجر.

حال الطفل «زياد» لا يختلف كثيرًا عن أحوال مئات من الأطفال، بحسب ما أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، موضحا أن أعلى نسبة لعمالة الأطفال كانت فى الوجه القبلى حيث بلغت 7.4% فى حين أقل نسبة فى المحافظات الحدودية والحضرية حيث سجلت بين 2.6% إلى 2.7% على التوالى، وبمقارنة نسبة عمالة الأطفال بين الحضر والريف اتضح أن نسبة عمالة الأطفال فى الريف هى الأعلى حيث بلغت 8.4% فى ريف الوجه القبلى و5.7% فى ريف الوجه البحرى.

وفى مؤشرات أخرى للجهاز، فإن عدد الأطفال فى مصر وصل إلى 41.5 مليون طفل (21.4 مليون ذكر بنسبة 51.6%، و20 مليون أنثى بنسبة 48.4%)، وذلك فى منتصف 2022، وبلغ إجمالى عدد الأطفال فى الريف 25.3 مليون طفل (13.1 مليون ذكر بنسبة 51.8%، و12.2 مليون أنثى بنسبة 48.2%)، وبلغ إجمالى عدد الأطفال فى الحضر 16.2 مليون طفل (8.3 مليون ذكر بنسبة 51.4%، و7.9 مليون أنثى بنسبة 48.6%).

ومن الطفل «زياد» إلى «مروان» الذى يعمل فى أحد أفران الخبز بأرض اللواء، منذ 5 سنوات حتى يتمكن من تحصيل مصاريفه الدراسية.

«أبويا قالى اعتمد على نفسك أنت مش صغير».. يستكمل الطفل الذى لا يزال فى المرحلة الابتدائية وقرر والده عدم دفع مصاريفه الدراسية بحجة قدرته على العمل رغم أن عمره لا يتعدى 10 أعوام.

يشير «مروان» إلى أنه اختار العمل فى «فرن عيش» لقربه من منزله، ومعرفته الشخصية بأصحاب الفرن وقال: «اللى تعرفه أحسن من اللى ماتعرفوش».

حرارة الفرن والعمل قرابة 10 ساعات يوميا أكبر التحديات التى تنهش جسد الطفل النحيل، وفى نهاية الشهر يتحصل على 600 جنيه، وخلال فترة الإجازة الصيفية يحاول الطفل أن يجمع مبلغا من المال يكفى مصروفاته الدراسية والملابس والمواصلات طوال شهور الدراسة.

سوق العمل وما به من صراعات لا تخفى عن عين الطفل «مروان» فاكتسب بعض المفردات التى لا تليق بسنه وبعض التصرفات التى تفوق عمره أضعافا وقال: «يومى فى الشغل بيخلينى أكبر عن سنى الحقيقى سنين طويلة».

النائب الدكتور أيمن محسب

من جانبه قدم النائب الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، طلب إحاطة إلى وزير العمل بشأن غياب الرقابة والتفتيش على عمالة الأطفال فى الأعمال والصناعات الخطرة ومن بينها الزجاج.

وأشار إلى أن عمل الطفل يعد انتهاكا للحقوق التى أقرها الدستور والقانون بحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر.

وقال «محسب» فى طلبه إنّ عمالة الأطفال إحدى الظواهر التى يعانى منها المجتمع المصرى لارتفاع معدلاتها بشكل ملحوظ، لافتا إلى أنه وفقا لتقرير صادر عن منظمة العمل الدولية فى نوفمبر 2017، يوجد فى مصر نحو 2.8 مليون طفل عامل فى الفئة العمرية من 12 إلى 17 عاما، يعملون فى قطاعات مختلفة. كما تبلغ نسبة الأطفال العاملين لعدد ساعات أكثر من المسموح بها أكثر من 6 ساعات يوميا حوالى 29.8% من جملة الأطفال العاملين، فضلًا عن كثرة تعرض 13% من الأطفال للكيماويات.

مواقع التواصل الاجتماعى.. أحدث صور الاستغلال

 

كغيرها من المهن تشهد عمالة الأطفال تطورًا ملحوظًا فلم يعد الأمر قاصرا على عمل الطفل داخل ورش حديد أو نجارة أو فى أى أعمال شاقة، بل هناك صورة أخرى من التجاوزات تجاه الأطفال تكمن فى استغلالهم «أون لاين» من داخل منازلهم، حيث يقوم بعض قبل أولياء الأمور بتصوير يوميات الطفل داخل المنزل منذ استيقاظه.

غادة الرملى

تقول غادة الرملى، ناشطة حقوقية، وممثل فى الحوار الوطنى عن القضية السكانية، إنها طرحت قضية عمالة الأطفال «أون لاين» أو ما يسمى بـ«العمالة التكنولوجية»، وهى استغلال الطفل ماديًا من خلال تصوير يومه بداية من استيقاظه حتى النوم مساءً، يقوم فيه أولياء الأمور بإجبار أطفالهم على تصوير فيديوهات معينة وعرضها على «يوتيوب» أو «تيك توك» حتى وإن دفع الأمر للغياب من المدرسة.

المفاجأة الكبرى فجرتها الناشطة الحقوقية، حينما قالت إن مثل هذه الممارسات من استغلال الأطفال وعملهم بالإجبار لا يحاسب عليه القانون، والذى اكتفى فقط بالأعمال الشاقة مثل الحدادة والنجارة والتسليح وغيرها التى تحتاج إلى جهد بدنى.

«الطفل هنا مش بيعرف يعيش طفولته بيمسك الموبايل علشان يشتغل وملتزم بمواعيد وغيره ماسك الموبايل بيلعب ألعاب للترفيه».. تستكمل الناشطة الحقوقية حديثها وتشير إلى أن القانون كان يحظر عمالة الأطفال قبل سن الـ16 عامًا لأنه لا يعلم شيئًا عن الثقافة الجنسية فى حالة تعرضه للتحرش، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه إلا بعد سن البلوغ فهنا يستطيع الدفاع عن نفسه.

وقالت إن ضمن المقترحات التى قدمت فى الحوار الوطنى، إصدار وثيقة لحماية الأطفال، فمنذ عام 2010 لم يتم إصدار أى وثيقة لحماية الأطفال بما يتناسب التطور الجديد فى المجتمع، إضافة إلى وجود شرطة متخصصة معدة نفسيا وتربويا للتعامل مع الأطفال.

داليا فكرى

من جانبها قالت داليا فكرى، متحدث رئيسى فى لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى بالمحور الاجتماعى بالحوار الوطنى، إن عدد عمالة الأطفال وصل لـ218 مليون طفل حول العالم يعملون بحرف يومية وقتا كاملا مما يزيد من ظاهرة التسرب من التعليم ويُنتج مجتمعاً متخلفاً وجاهلاً، وزاد الأمر تفاقمًا مع ممارسات عمالة الأطفال تكنولوجيًا ومن هنا لا توجد إحصائية محددة لعدد الأطفال الذين تم الدفع بهم تحت إجباريا إلى العمل.

وأضافت «داليا»: نحن كمنظمات مجتمع مدنى ومؤسسات حقوقية نجاهد لكى نقضى على تلك الظاهرة ونطالب بتحقيق مبادئ الدستور المصرى والاتفاقيات الدولية، حيث تدعو الاتفاقية رقم 182 التى أعلنت عنها منظمة العمل الدولية إلى حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها، وتجريم فاعليها، مؤكدة أنه على الدولة أن تحقق ذلك بوصول التوعية لمستهدفيها واستخدام برامج إعلامية توعوية للحث على مناهضتها وتفعيل دور القوى الناعمة لخلق بيئة قابلة لاستقبال التوعية اللازمة بتجريم عمالة الأطفال.

وأشارت إلى أنه على الرغم أن الدولة تحاول مكافحة تفاقم الظاهرة إلا أنه حسب آخر إحصائية رسمية فى عام 2010 وصل عدد الأطفال العاملين فى مصر نحو 1.6 مليون طفل.

وأضافت أنه على الرغم من الإعلان عن الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال فى مصر 2025، وسَن العديد من القوانين، وإضافة وحدة جديدة باسم «إدارة التفتيش على عمل الأطفال» بوزارة العمل ووحدات رعاية الأطفال بمديرياتها، إلا أنه حتى الآن لا يوجد حصر رسمى ومعلومة مؤكدة عن تلك الظاهرة وعوامل نجاح التجارب الحكومية وذلك بسبب عدم وصول المعلومة للمستهدفين منها، وارتفاع نسبة الفقر والزيادة السكانية، وارتفاع نسبة الجهل، وكلها ظواهر تحتاج إلى تضافر الجهود للحد منها وتقليل نسبها.

رشا صبرى

من جانبها قالت رشا صبرى، خبيرة قانونية، إن ملف عمل الأطفال ليس حديث اليوم ولكن تتم مناقشة منذ سنوات، وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة زادت عمالة الأطفال ونجد هذا بشكل واضح فى المطاعم والمحلات والشوارع وجميعهم ينتمون إلى أسر متوسطة الحال.

وأشارت الخبيرة القانونية إلى أن فكرة الأب عن بناء ابنه ذاتيًا وأن يكون معتمدا على نفسه أمر مهم، ولكن له ضوابط بمعنى أن يكون السن لا يقل عن 15 سنة ومنها يبدأ الطفل فى اكتساب المهارات الاجتماعية دون مخاطر، وأن يعمل لكى يكسب قوت يومه لدفع مصاريف المدرسة وليعلم الطفل مدى المسئولية الواقعة على الأب ويعاونه عليها وتلك الثقافة عادة ما نجدها فى المحافظات، من منطق العرف وليس القانون، فالعرف بالنسبة للكثير من المحافظات أن الابن يساعد والده فى سن مبكرة حتى ولو بأعمال بسيطة وهنا لا نجد مسئولية قانونية طالما الطفل يعمل بكامل إرادته فى أعمال خفيفة تؤدى إلى عبء جسدى ونفسى.

وأكدت رشا صبرى ضرورة أن يتحلى المواطنون بالإيجابية فى حال رؤية أى تجاوز تجاه طفل وإجباره على العمل فى مجال شاق.

خبراء: بوابة الإدمان والجرائم والانتحار

دخول الأطفال فى سوق العمل يعرض الكثير منهم لمآسٍ نفسية، والبعض منهم يخرج عدوانيًا تجاه المجتمع، وغيرهم تنتهى حياته بالموت حزنًا، أو قتلا أو عن طريق الانتحار.

آباء حاولوا الضغط على أبنائهم للعمل فى سوق يشوبه الكثير من الممارسات غير الأخلاقية والبدنية، البعض منهم كان يريد أن يبنى طفله بدنيا واجتماعيًا ويكون العمل بمثابة تجربة بناء الذات، وغيرهم مما أجبروا أبناءهم على العمل لاحتياجهم للمال.

الدكتورة منى حمدى

الدكتورة منى حمدى، استشارى علم النفس، تقول: إن عمالة الأطفال وخروجهم لسوق العمل وهم فى مرحلة الطفولة والمراهقة وقبل اكتمال جوانب نموهم المختلفة هو جريمة فى حق الطفل والمجتمع يرتكبها آباء وأمهات يتميزون بالأنانية وانخفاض الوعى، فخلف دوافع الأهل المزيفة وتبريراتهم تقبع دوافع خفية تتميز بالاستغلال والأنانية وعدم تقدير وتحمل المسئولية والاستهتار، وهى سمات تشير لتراجع الأبوة والأمومة لديهم كما تؤكد وجود فقر عقلى ونفسى وعاطفى بجانب الفقر المادى الذى دفعهم لقتل أطفالهم تحت مسمى العمل.

وأضافت الدكتورة «منى» أن الكثير من الآباء والأمهات من فئات اجتماعية معينة يعتبرون إنجاب الأطفال نوعا من أنواع الاستثمار بالغير، وهو ما يعد انحرافا عن الدور الأساسى للوالدين من رعاية أطفالهم إلى استغلالهم واستخدامهم كأنهم ممتلكات خاصة من أجل جنى المال.

وتابعت استشارى علم النفس قائلة: هم يطلقون شعارات جوفاء من قبيل «لكى يشتد عوده، من مصلحته يتعلم تحمل المسئولية منذ الصغر، لازم يتعلم يجيب قرش ويكسب من عرق جبينه من وهو صغير، عشان يعرف قيمة القرش، عشان يتعلم الدنيا، عشان مايطلعش عيل مدلع»، وجمل تبريرية تجميلية من هذا القبيل بهدف تحسين من قبح سلوكهم الاستغلالى غير الإنسانى، الخالى تماما من أى أمومة وأبوة نتيجة الفقر وعدم الوعى، وخلل بالشخصية وعقد طفولة خفية متراكمة.

واستكملت الدكتورة منى: تشغيل الأطفال هو قتل لطفولتهم وخنق لنموهم الطبيعى وإعاقة لتكوينهم السوى والصحى، فالطفل كى ينضج ويتحول لراشد بالغ سوى يمر بمراحل تدريجية محددة بميقات وعمر وكل مرحلة لها سمات ومتطلبات واستعداد للوصول لأقصى حد لنضج العمر والمرحلة، الذى لا يأتى إلا مترتباً على مرحلة سابقة ومهيئاً لمرحلة لاحقة، وجميع المراحل تعمل تحت مظلة عيش الطفولة وليس الإنضاج المبكر المدمر للشخصية والمهلك للعقل والنفس والروح.

وأشارت إلى أن عمل الأطفال يؤدى للتسرب من التعليم أو إهماله مما يعيق قدرتهم على الذهاب إلى المدرسة أو متابعة الدراسة بالشكل المطلوب، ويؤثر تأثيراً بالغاً على الطفل عقلياً ومعرفياً وعلى تطور قدراته ومهاراته الذهنية فى توقيت نموها واكتمالها وبشكل تدريجى وعبر مسارات محددة كالتعليم وممارسة الهوايات والرياضة واللعب والركون للراحة الطفولية.

وأضافت أن العمل البدنى قد يؤثر على صحة الطفل ونموه الجسدى والتناسق الجسمى والعضلى والعظمى وكذلك قد يؤثر على البصر والسمع نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، وهذه التشوهات قد تؤثر على صورة الذات وقد يصاب الطفل باضطراب تشوه الجسد فيكره جسده وتشوهاته وأثار الجروح والكد والشقاء وقد يتعرض للوقوع من أماكن مرتفعة أو حتى منخفضة والإصابة نتيجة حركات خاطئة ومندفعة لعدم تهيئته ومناسبته للعمل وأحياناً يتعرض للاختناق وضيق التنفس أو النزيف نتيجة العمل المرشح لهؤلاء الأطفال كميكانيكا السيارات وأعمال البناء وأعمال تتطلب بنية جسدية قوية وليست فقط مكتملة وتحتاج إلى حواس وذهن مكتمل.

وقالت إن التطور المعرفى للطفل يتأثر نتيجة ترك المدرسة ويفقد فرصته فى نمو قدراته المعرفية والذهنية وتطوره العلمى التراكمى الذى مصدره الوحيد التعليم والدراسة واللعب واللهو وممارسة الهوايات وراحة الأطفال، كما تتأثر قدراته على القراءة والكتابة والحساب نتيجة انخفاض الممارسة المقتص من الدراسة لصالح العمل، كما يقتل فرص إبداعه وظهور مواهبه بجانب قصور فى التطور العاطفى والوجدانى، كما يقل التطور العاطفى ويعانى الاعتلال الجسدى والذبول والنحول وضعف البنية الجسدية نتيجة عمل غير مناسب لقدرته البدنية وقلة النوم أو اضطرابه واحتمالية تعرضه للعنف والإيذاء البدنى واللفظى والنفسى من قبل صاحب العمل أو زملائه بالعمل مما يخلق لديه ميولا عدوانية وغضباً مكبوتاً وعنفاً مؤجلاً ويهيئه للتحول إلى شخصية سيكوباتية مضادة للمجتمع وهى بذور القاتل والسارق والمغتصب والمتحرش الذى عانى صغيرا المذلة والإهانة والعنف والحرمان من الطفولة فيكره المجتمع وتتكون لديه ميول انتقامية لذاته الجريحة وطفولته المهدرة.

وتابعت: غالبية ضحايا الاعتداء الجسدى والنفسى والجنسى والمعنفين، هم الأطفال الذين خرجوا لسوق العمل وكل هذا يهدد توازنهم النفسى والاجتماعى ويقتل طفولتهم بمهدها بكل قسوة وقلب بارد.

وأشارت استشارى علم النفس إلى أن كثيراً من الأطفال العاملين يصابون بالشيخوخة النفسية والعقلية المبكرة ومعرضون أكثر من غيرهم لأمراض الاكتئاب والقلق والانطواء والوحدة والعزلة النفسية واضطراب الشخصية الحدية وغيرها من الاضطرابات النفسية والشخصية، والإدمان بكل أنواعه والسلوكيات الجنسية الشاذة المختلفة نتيجة لخروجهم لعالم الشارع بكل سلبياته بلا معين خبراتى وعقلى ونفسى وعاطفى يؤهلهم للمواجهة والفهم والتعامل.

وأوضحت أن استغلال الأطفال فى أى شكل من أشكال العمل يحرم الأطفال من طفولتهم هو عمل محظور فى جميع أنحاء العالم بموجب كل القوانين والتشريعات لأنه يهدد سلامة وصحة الطفل ويستفيد من ضعفه وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه والرفض وميله للخضوع لوالديه ونيل رضاهما، فى حين يستغلانه ويستخدمانه للكسب بدلا من بذلهما هما الجهد ويعرضانه كعمالة رخيصة بديلة عن عملهما ككبار، ويضع أعباء ثقيلة على عاتق الطفل بما لا يتناسب مع قدراته، ويمنع تنميته ويعيق نموه وتطوره ويغير حياته ومستقبله للأسوأ بحجة تعليمه تحمل المسئولية والاستقلالية وبناء شخصية قوية وتنمية مهاراته الحياتية زورا وباطلا، فأهل العلم والتربية يعرفان أن لتحمل المسئولية وتعليم الطفل الاستقلالية وتنمية مهاراته الحياتية وبناء شخصيته لها طرائق مختلفة ومحددة واستراتيجية تربوية ونفسية مختلفة تماما تتطلبها الطفولة والمرحلة وبشكل مقنن وممنهج.

وتابعت: تحمل المسؤولية منذ الصغر له أساليب وإجراءات يومية تقدم الدعم الكافى للطفل وليكون قادرا على تحمل المهام بشكل إيجابى وممتع ومناسب لطفولته وهذا ما تؤكده العديد من الدراسات والأبحاث، ومن هذه الاستراتيجيات تعويد الطفل تحمل نتائج تصرفاته بهدوء وبوعى ودون صراخ أو تعنيف، كتنظيف وترتيب مكان لعبه وطعامه، المساهمة والمشاركة فى أعمال المنزل أو خارج المنزل تحت رعاية وإشراف وتوجيه الوالدين أحدهما أو كلاهما، والمشاركة الذهنية والنفسية بأخذ رأيه والتشاور معه فى أمور تخصه أو تخص المنزل أو تخص حتى الوالدين بما يتناسب مع عمره، واختيار أمور مناسبة لطفولته مع الأخذ ببعضها وترك البعض حتى يتعلم تقبل عدم قبول آرائه بشكل مطلق وتنغرس فيه المرونة لتقبل آراء ورفض الآخرين وعدم تعظيم الأنا والسلطوية لديه، إضافة إلى القيام بالواجبات المنزلية وكأنها نشاطات ممتعة وتكون بالمشاركة ليشعر الطفل بما يشكل مصدر سعادة للطفل وليس عبئا عليه.

وأشارت إلى أن الأطفال يرغبون فى أن يكونوا محبوبين بأنهم مهمون ولهم دور فى الحياة، وأن وجودهم يترك أثرا، ولهذا فإن رفع حس المسؤولية لدى الأطفال منذ عمر صغير له تأثير إيجابى فى نفسية الطفل وعلاقاته الاجتماعية، وتنمية شخصيته وشعوره بالمسئولية والثقة بالنفس والاستقلالية.

وأوضحت أنه يجب تعليم الطفل أن يكون مسؤولاً عن تصرفاته وأخطائه وإمكانية إصلاحها بنفسه دون معاقبته، ترك مساحة له للتصرف فى المواقف الصعبة مع مراقبته وعدم التدخل السريع نيابة عنه، ضرب المثل والقدوة العملية للطفل فى تحمل المسئولية ومصداقية الكلمة والوعود وعدم خلف الوعد وإعطاء مبررات وأعذار، تشجيع الطفل بقدراته وعدم اتهامه بأنه غير مسئول أو عديم الجدوى، ومكافأته عند القيام بمهام على أن تتنوع المكافآت بين المالية والعينية والمعنوية وعدم النقد واللوم عند الخطأ ولكن مناقشته وتوعيته بهدوء، ومن المهم إعطاء مساحة للطفل للتعبير عن نفسه وطرح أفكاره وآرائه واقتراحاته وتقبلها وتشجيعه مهما كانت غير هامة ولا منطقية بحكم طفولته، لكن الهدف إعمال عقله وتنمية ثقته بنفسه وتقديره لذاته وقدرته على التصرف دون خوف.

بالأرقام.. «التضامن» تكافح الظاهرة

 

جهود كبيرة قامت بها وزارة التضامن لمحاربة عمل الأطفال، ودعم نظم الحماية الاجتماعية؛ لتعزيز وتمكين الأسر الأولى بالرعاية، وتشجيع الأطفال على الحضور بالمدارس ومتابعة ورصد حالتهم الصحية، وتقديم الدعم والرعاية لهم.

وبحسب آخر إحصائيات وزارة التضامن، فقد بلغ إجمالى عدد أطفال أسر برنامج «تكافل وكرامة» من حديثى الولادة إلى سن 18 سنة 6,238,190 طفلا، ووصلت نسبة الأطفال منهم فى المرحلة العمرية من حديثى الولادة إلى 6 سنوات 873,269 طفلا، بينما وصلت نسبة الأطفال فى المرحلة العمرية من 6 إلى 18 سنة إلى 5,364,921 طفلا.

كما تسعى وزارة التضامن إلى دعم برنامج تكافؤ الفرص التعليمية بهدف حماية الأطفال من التسرب من التعليم بسبب الفقر، ودعمت قرابة 480 ألف طالب فى المراحل المدرسية المختلفة من خلال دفع مصروفاتهم المدرسية وتقديم المساعدات الاجتماعية لأسرهم، لعدم الدفع بأطفالهم إلى سوق العمل.

وتدعم الوزارة أيضاً مدارس التعليم المجتمعى بالشراكة مع جمعية «مصر الخير» وغيرها من الجمعيات الأهلية لتعزيز إلحاق الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس وتخطوا سن التعليم الرسمى، مع إعادة إلحاق الأطفال الذين تسربوا من التعليم وإعطائهم فرصة ثانية لاستكمال تعليمهم.

من جانبها قالت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى: إن مراكز التكوين المهنى، لعبت دورًا مهما فى الحد من عمل الأطفال حيث بلغ عددها 71 مركزًا على مستوى الجمهورية.

وتحرص المراكز على تدريب الأطفال مهنياً وفى سن العمل القانونى، فيقوم المركز بتدريب وتعليم الفئات المتسربة من التعليم الإلزامى من فتيات وبنين، ويتم تدريبهم على كافة أنواع الحرف والمهن.

وبلغ عدد الخريجين من آخر دفعة بتلك المراكز863  خريجًا، ويأتى ذلك من منطلق الحرص على تدريب الأطفال مهنياً وفى سن العمل القانونى، لضمان حمايتهم من التعرض لمخاطر العمل، وعدم تشغيلهم فى مهن شاقة.

وتتواصل جهود وزارة التضامن الاجتماعى فى مجال التصدى لعمل الأطفال عبر الخدمات المقدمة من مراكز الطفل فى 14 محافظة تستهدف تقديم الرعاية والحماية للأطفال فى أنواع خطيرة من الأعمال، وتسعى إلى حل المشكلات التى تواجه الأسر وتدفع أطفالها إلى الالتحاق بسوق العمل، وذلك من خلال تحسين الوضع الاقتصادى والاجتماعى للأسر، وتوفير الخدمات الاجتماعية والنفسية لإعلاء المصلحة الفضلى للأطفال وكفالة حقوقهم المتكاملة.

على جانب آخر قامت وزارة التضامن بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية، لتنفيذ «مشروع الإسراع بالقضاء على عمل الأطفال فى سلاسل التوريد فى أفريقيا» الممول من الحكومة الهولندية والتابع لمنظمة العمل الدولية.

ويركز المشروع على تحسين التشريعات والسياسات الوطنية من أجل تلبية الاحتياجات والحقوق الأساسية للأطفال العاملين أو المعرضين لخطر عمل الأطفال والتسرب من التعليم.

كما تتبنى وزارة التضامن الاجتماعى منهج برنامج «صرخة» SCREAM، حيث يتم تعليم وتشجيع الأطفال على استخدام الفنون والإعلام لنشر الوعى بحقوقهم وتعبئة مجتمعاتهم لمكافحة عمل الأطفال.

وتنفذ الوزارة أيضاً مشروع «تشغيل أمهات أطفال المدارس وعدم إلحاقهم بسوق العمل» من خلال إتاحة قرض ميسر ومتناهى الصغر للأمهات والآباء بما يحسن من المستوى الاقتصادى للأسر ويحمى أطفالها من التشغيل للحماية من العوز.

كانت الحكومة المصرية قد أطلقت فى يوليو 2018، مبادرة بدعم من منظمة العمل الدولية، تستهدف إجراء البحوث والدراسات اللازمة حول الفجوات التشريعية بقانون الطفل ذات الصلة بعمل الأطفال، كما أجرت الوزارة حوارًا وطنيا حول المواد المقترح تعديلها بقانون الطفل.

كما تجهز الوزارة حاليا معرضا فنيا من إعداد الأطفال العاملين بالأسمرات يعبر عن آراء الأطفال فى قضاياهم ومشكلاتهم فى العمل وأحلامهم وآمالهم، كما تم توزيع أدوات وحقائب مدرسية لدعم استمرار الأطفال بالتعليم.