فى قلب التاريخ، هناك رجال لم يكتفوا بالوجود، بل صنعوا الفعل والموقف. لم يكتبوا أسماءهم بالحبر وحده، بل بأفعالهم التى تلهم الأجيال، وبعزم لا يلين، وبإيمان لا يعرف الانكسار. هؤلاء هم زعماء حزب الوفد، الذين حملوا على أكتافهم أمانة الوطن، وجعلوا من الحرية والمواطنة شعلة لا تنطفئ، من سعد زغلول قائد الثورة وصوت الأمة، إلى مصطفى النحاس حارس الدستور وصاحب الرؤية، وصولًا إلى فؤاد سراج الدين الذى حمى البيت الكبير وصان الهوية الوطنية وسط العواصف.
لقد كانوا قناديل مضيئة، لا يطفئ نورها الزمن، ينيرون دروب مصر، ويرسمون معانى الوطنية فى القلوب قبل الورق. لم يعرفوا الخوف، قاوموا الاستبداد، تحدوا الاحتلال، وأثبتوا أن إرادة الشعب أقوى من كل قوة، وأن الحرية حق لا يُمنح، بل يُنتزع بالعزيمة والصبر والتضحيات الصامتة.
تاريخهم ليس مجرد ذكريات عابرة، بل رسالة تتجدد: الزعامة مسئولية، والحرية لا تُعطى، والوطن فوق كل اعتبار. لقد صنعوا الديمقراطية، وحموا المؤسسات، وفتحوا أبواب المشاركة، مؤكدين أن الوفد كان وسيظل بيت الأمة، ومنارة النضال، ودرع الحرية.
إرثهم أعمق من الكلمات، وأسمى من أى منصب أو لقب، إنه تاريخ من الشجاعة والوفاء، يعلّم كل من يسعى لبناء وطن أن الحب الحقيقى للأرض يتطلب التزامًا، والدفاع عن القيم يتطلب عزيمة، وأن الأمة الحقيقية تبقى حيّة فى قلوب من حملوا رسالتها بشجاعة.
فى ذكرى هؤلاء العظماء، نتذكر أنهم لم يغادروا، بل ظلوا حاضرين فى كل خطوة نخطوها نحو مصر أقوى، أكثر حرية، وأكثر عطاء.
سكرتير عام حزب الوفد