رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

(الدين أفيون الشعوب) عبارة شهيرة للفيلسوف الاقتصادى الألمانى كارل ماركس، فى القرن الثامن عشر أحدثت لغطًا كبيرًا، انتهت به مع آرائه الشيوعية الغريبة إلى سحب الجنسيه الألمانيه منه، وعاش بقية حياته بلندن حنى وفاته، وعندما اقتنص من ماركس شعاره الغريب لتطويعه داخل مقالى، لا يعنى أننى أعيد قراءة أفكاره الشاذة بخصوص الدين، ولكن ما يهمنى هو وظيفة الأفيون كما جاءت فى كتاباته، حيث أكد أن بعض الوظائف العملية فى المجتمع تشبه وظيفة الأفيون بالنسبة للمريض أو المصاب، فهو يقلل من معاناة الناس المباشرة ويزودهم بأوهام طيبة، ولكنه يقلل أيضاً من طاقتهم واستعدادهم لمواجهة الحياة الجائرة، عديمة القلب والروح التى أجبرتهم الرأسمالية أن يعيشوها. وإلى هنا تتوقف نظرية ماركس عن الدين، لتحل محلها قضية كرة القدم فى الشعوب النامية ودولنا العربية على وجه العموم، وفى مصرنا الغالية على وجه الخصوص.

‏فقد كنت فى فترة الشباب أعشق كرة القدم، وأهوى مشاهدتها ولعبها، وكنت وما زلت أهلاويًا، ولكن تبددت اهتماماتى بها شيئًا فشيئًا، حتى صرت لا أطيق المرور من أمام المقاهى، ولا أطيق سماع صرخات الشباب، عندما تضيع فرصة من قدم لاعب، أو يحرز لاعب آخر هدفًا فى مرمى الخصم، وغالبًا ما تصحب هذه الصرخات شتائم وألفاظ نابية، تخترق آذان سكان الأدوار التى تعلو هذه المقاهى أو الكافيهات بلغة العصر.

‏وكلما نظرت إلى الجماهير داخل المدرجات، وهم فى كامل استعدادهم لمساندة فرقهم، من حيث ارتداء الأقنعة والتيشرتات، وتلطيخ الوجوه بألوان زى الفريق، أحزن حزنًا شديدًا، خصوصًا إذا كان هذا المشجع عاطلًا، أو أن تذكرة الأستاد وشراء زى الفريق، والانتقالات تفوق طاقته، وطاقة أسرته البسيطة، أو التى تحولت من أسرة متوسطة الحال إلى أسرة فقيرة فى مدة زمنية قليلة للغاية، ودائمًا ما أعقد مقارنة بين التنظيم الرائع الذى تنظمه جماهير الفرق المشهورة، واستعدادات الجماهير وحشدها مدعومة من القنوات التى تغطى المباريات، أو التى تحمل اسم الفرق، وبين استعداداتنا للحشد الإعلامى على أرض الواقع لقضايانا المختلفه، الأكثر أهمية والأكثر إلحاحًا.

‏فلو أننا أطلقنا مبادرة بيئية لنظافة وزراعة الشوارع، وطلبنا من كل شاب زراعة شجرة على نفقته وبمجهوده لصرنا أنظف أوراقى بلد فى العالم، ولو طلبنا من المحللين والمنظرين الرياضيين، تنظيم مبادرات لترشيد مياه الشرب ومياه الرى أو زراعة القمح، يسهم فيها اللاعبون على غرار حملة نجم الكرة العالمى محمد صلاح فى محاربة المخدرات، لكان حالنا أفضل بكثير، ولما ظللنا ما يقرب من عشرة أعوام تحت رحمة السد الإثيوبى نستجدى إثيوبيا عدم الإضرار بنا، وثمة سؤال يطرح نفسه وهو: ما هو الدور الاجتماعى التى تقوم به أندية مشهوره تقترب ميزاتيتها من ميزانية بعض الدول، وأين هو الدور الخدمى أو الاجتماعى الذى يقوم به ناد فى حجم النادى الأهلى لمؤازرة جماهيره على مستوى المحافظات، فى الأزمات مثل أزمة كورونا، أو أزمة نقص السلع الغذائية أو أزمة المواصلات، ما دامت ميزانيته تسمح بإقامة فرع للنادى بالتجمع بتكلفة مليار ونصف المليار جنيه، هذا من باب مؤازرة المشجعين، ومشاركتهم همومهم وقضاياهم ونعود لتعريف ماركس للأفيون بأنه يقلل من طاقة المتعاطين واستعدادهم لمواجهة الحياة الجائرة، عديمة القلب، ونتفق معه فى أن المشجعين الذين يطوفون الشوارع بالألعاب النارية، واللافتات يبذلون قصارى جهدهم لخدمة النادى، ولكن لا يبذلون عشر هذا المجهود فى أعمالهم أو مستقبلهم الدراسى، الذى ينتهى باللجوء إلى الغش، وقبول أى معهد أو كلية طبقًا لمجموعة البسيط، فى حين أنه لا يقبل لناديه الا الدرجة الأولى محليًا وعالميًا فى حصد البطولات والأوسمة، لذلك تستحق كرة القدم لقب أفيون الشعوب الجديد.