رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

حقق المصريون القدماء الوحدة السياسية الأولى عام 4242 قبل الميلاد، حيث نجح أهل الوجه البحرى فى التوغل فى أقاليم الجنوب حتى أخضعوها جميعا ثم أقاموا أول حكومة مركزية تجمع شمال البلاد كلها، جعلوا عاصمتها «هليوبوليس» (مكان عين شمس الحالية) وعبد الناس الشمس.

قبل الوحدة السياسية بين الشمال والجنوب فى مصر مر المجتمع المصرى بعدة خطوات كان لها أكبر الأثر فى قيام الحضارة، وهى نشأة القرى والمدن، ونشأة الأقاليم المستقلة، فبعد نزول المصريين إلى وادى النيل واشتغالهم بالزراعة، استقرت كل جماعة منهم فى قرية يتعاونون معا فى زراعة الأراضى، وكانت القرى بداية العمران البشرى الذى أدى إلى ظهور المدن وأخذ الناس ينظمون حياتهم فى تلك القرى والمدن، كما ظهرت المعبودات المختلفة التى التف حولها أهل كل مدينة أو قرية، وكانت هذه المعبودات من بين القوى الطبيعية مثل الشمس أو النيل أو حيوان كالبقرة أو طائر من الطيور، وأيضاً بنيت المعابد وظهرت الأسواق، ونشطت الصناعات.

بمرور الوقت انضمت القرى والمدن بعضها إلى بعض لتكوين أقاليم أو مقاطعات كبيرة، وكان لكل إقليم حاكمه ومعبوده الخاص، وسمى باسم معبوده، مثل إقليم الصقر، إقليم الحية.. كما كان لكل إقليم عاصمة، وجيش للدفاع. وقد بلغ عدد تلك الأقاليم 22 فى الوجه القبلى، و20 فى الوجه البحرى.

فكر المصريون القدماء مرة أخرى.. هل يسكتون على انقسام بلادهم إلى أقاليم مستقلة؟ ولم يرض المصريون بذلك، واتجهوا نحو اتحاد أقوى وأكبر. وبمرور الزمن تحققت الوحدة السياسية الأولى لمصر عام 4242 قبل الميلاد، وهكذا تكون أول اتحاد تاريخى سياسى لمصر كلها.

لم تدم الوحدة طويلا فقد أصيبت البلاد فى أواخر أيام حكومة «هليوبوليس» بنكسة الانشقاق، فأصبحت أقاليمها مقسمة بين حكومتين، إحداهما فى الجنوب والأخرى فى الشمال. أصحاب الشمال أقاموا ملكهم فى الدلتا، وجعلوا عاصمتها مدينة «بوتو» ومكانها «تل الفراعين» شمال مدينة دسوق الحالية، وكانت آلهتها على شكل ثعبان الكوبرا، واتخذ أهلها نبات البردى شعارا لهم، ولبس ملكها التاج الأحمر. وأصحاب الجنوب أقاموا ملكهم فى الوجه القبلى، وجعلوا عاصمتهم مدينة «نخب» («الكاب» الحالية بالقرب من مدينة إدفو بمحافظة أسوان)، وكانت آلهتها على شكل أنثى النسر، واتخذ أهلها زهرة اللوتس شعارا لهم، ولبس ملكها التاج الأبيض.

من مدينة «طيبة» (مدينة الأقصر الحالية) خرج الرجل العظيم «مينا» الذى استطاع توحيد الوجهين البحرى والقبلى حوالى عام 3200 قبل الميلاد، وبذلك أتم مجهودات أسلافه، وكون لمصر كلها حكومة مركزية قوية، وأصبح أول حاكم يحمل عدة ألقاب، مثل: ملك الأرضين، صاحب التاجين، نسر الجنوب، ثعبان الشمال، كل ذلك تمجيدا لما قام به هذا البطل العظيم من أعمال.

أصبح الملك «مينا» مؤسس أول أسرة حاكمة فى تاريخ مصر الفرعونية، بل فى تاريخ العالم كله، ولبس التاج المزدوج.

ملأت أخبار الكفاح والنصر الذى تم للملك «مينا» وجهى لوحة تعرف باسم «لوحة نارمر» ويرجح المؤرخون أن «نارمر» هو «مينا»، وقد وجدت هذه اللوحة فى مدينة الكاب، وهى الآن محفوظة بمتحف القاهرة، وللوحة وجهان، الوجه الأول يصور الملك «مينا» وهو يقبض على أمير من أهل الشمال، وعلى رأسه التاج الأبيض، بينما يصور الوجه الآخر الملك «مينا» وهو يحتفل بانتصاره على مملكة الشمال، وهو يلبس التاج الأحمر.

أدرك الملك «مينا» ضرورة بناء مدينة متوسطة الموقع، يستطيع منها الإشراف على الوجهين القبلى والبحرى، فقام بتأسيس مدينة جديدة على الشاطئ الغربى للنيل مكان قرية «ميت رهينة» الحالية (بمحافظة الجيزة) وقد كانت أول أمرها قلعة حربية محاطة بسور أبيض، أراد بها صاحبها أن يحصن نصره ويحمى ظهره من غارات أصحاب الشمال، وفيما بعد سميت باسم «ممفيس» زمن اليونان، ثم سماها العرب «منف». وقد أصبحت مدينة «منف» عاصمة لمصر كلها فى عهد الدولة القديمة.. حتى نهاية الأسرة السادسة.