رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

ألف رحمة ونور على روح الكاتب الكبير علاء عريبى الذى أضاع من وقته الكثير وأنفق من أمواله القليلة التى لا تزيد على راتبه الشهرى لمطاردة حرامية التراث فى المحاكم الذين نسبوا لأنفسهم جهد الآخرين فى تحقيق مخطوطات ووثائق قديمة وحصلوا بها على الدكتوراه وأصدروها فى كتب.. ومات علاء وما زال اللصوص يسرقون!

 وكان من السهل على القاص والمترجم الكبير سمير عبد ربه أن يسرق عشرات القصص من الكتاب الإفريقيين ويصدرها فى مجموعات قصصية وقال إنها من تأليفه ولا يدرى أحد أنها مسروقة.. ولكنه أنفق راضياً مرضياً من عمره عشرات السنوات لترجمة نصوص مبدعى أفريقيا وتقديمهم للقارئ العربى.. وقت أن كان لا أحد يعرف عنهم شيئاً فى مصر والعالم العربى، ووقت أن كان الوسط الثقافى فى أوائل الثمانينات مبهوراً ومشدوها بموضة أدب أمريكا اللاتينية ممثلاً فى الكاتب جارسيا ماركيز.. ذهب سمير عبد ربه منفرداً بروحه وثقافته الأفريقية إلى أعماق القارة السوداء عبر الكتب وأخرج منها الألماس والذهب وترجم بكل سعادة أعمال كبار كتابها!

 والدافع المشترك بين الكاتبين «عريبى وعبد ربه» فى الحفاظ على حقوق الآخرين ليس دافعاً أخلاقياً ذاتياً ولا لأنهما أفضل من غيرهما ولكنه الإيمان بالمعرفة وأصول العلم والتعليم، والحرص على الحفاظ على ثقافتنا العربية والإفريقية ونشرها ولو كان ذلك ثمنه العمر كله.. والإيمان بأهمية البحث عن الحقيقة استكمالا لمسيرة الإنسان منذ أن نقش أولى رسوماته وخطوطه المتعرجة لمعرفة كينونته ووجوده بكل ما تمثله هذه المسيرة من محاولات للإجابة عن عشرات الأسئلة الحائرة للإنسان عن الحياة والموت!

 الآن.. شباب صغير السن لا يدرك من الثقافة والمعرفة سوى أنه تعلم فقط كيف يتكلم بالإنجليزية فى المدارس الأجنبية المصرية.. ولم يتعلم كيف يفكر بها أو يبدع من خلالها، واكتفى بأن ينطقها صح وبلكنة أمريكية.. وتعاملوا مع هذه اللغة المهمة بسطحية مخلة كما تعاملوا مع اللغة العربية باحتقار.. ولذلك ظلوا يجهلون كل شيء عن الثقافة والمعرفة.. ولو كانوا غير ذلك ما كان يستطيع واحد منهم مجرد التفكير فى سرقة لوحة فنية ويدعى أنها من إبداعه علانية وبدون خجل وبوجه مكشوف!

 الغريب.. أن سرقاتهم من الآخرين أصولها من الحضارة المصرية.. إلا أن الجهل بأصولهم وثقافتهم والكسل فى البحث عن المعرفة والعلوم والفنون التى بين أياديهم وتحت أقدامهم يستسهلون سرقة خطوط رسومات فنانين آخرين من الغرب والشرق فقط لأنهم كانوا أكثر وعياً ومعرفة واكتشفوا واستفادوا بدراساتهم من الحضارة المصرية!

 وشخصياً سعيد حقيقة بتكريم المركز القومى للترجمة برئاسة الدكتورة كرمة سامى للمترجم الكبير سمير عبد ربه، وذلك بمناقشة مجمل أعماله وإنجازه المهم فى نقل الثقافة الإفريقية إلى القارئ العربى.. وكنت أتمنى تكريم مماثل للكاتب الكبير علاء عريبى على ما بذله من جهد فى مطاردة لصوص التراث.. ولكن يكفيهم السيرة العطرة عن دورهم المعرفى.. بينما اللصوص يلاحقهم عار السرقة والسطو على جهد المبدعين!

[email protected]