عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

عجباً لأمر إثيوبيا.. تمد مصر إليها يدها بالسلام فتردها بعنف، تدعوها القاهرة إلى التوافق بشأن تأثيرات سد النهضة، فتمارس كل ما يؤدى إلى الافتراق، تلجأ دولة المصب إلى المحافل الدولية للشكوى فتتبرم دولة المنبع وتدعى أن مواقف الأولى تعكس غياب حسن النية.

ليس دفاعاً عن أحد أو هجوم على أحد أن نقول إن مواقف السياسة المصرية تلقى الكثير من الانتقادات ومن الداخل بالذات بدعوى أن تلك السياسة تمارس أقصى درجات ضبط النفس بشأن ما يراه الكثير من المصريين كارثة يمثلها سد النهضة، ورغم كل ذلك فإن هذا الضبط للنفس ولغير النفس والذى يمكن وصفه بأنه يعكس درجة من درجات المهادنة لا يلقى أى قبول من أديس أبابا حتى إنك تحار.. ماذا تريد «الحبشية»؟ هل تسلمها مصر زمام قيادة السد تسليم أهالي؟ أما ماذا بالضبط؟

إن أديس أبابا راحت وقبل أن يجف حبر قرار الجامعة العربية بشأن قضية السد تصرخ فى الآفاق بأن هلموا وأنقذونى من مصر والادعاء أن القاهرة لا تترك شاردة ولا واردة إلا ولجأت إليها لممارسة الضغط عليها للحصول على المزيد من التنازلات منها فى قضية السد.

كيف؟ تأمل المشهد يثير الدهشة والعجب ويشير إلى كم المغالطات الإثيوبية ومساعيها لخلط الأوراق وتصدير الموقف على أنها تعانى من مظلومية كبرى فى الموقف من أزمة السد رغم أن العكس هو الصحيح. فقرار الجامعة العربية ليس ثورياً بأى معنى من المعانى والتأمل فى مضمونه رغم إيجابيته يشير إلى أنه جاء على غرار مواقف المنظمات الدولية والتى تلتزم لغة مواقفها بأقصى درجات الدبلوماسية والتى تحرص على ألا تغضب أحداً.

لقد أكد القرار الذى صدر فى ختام فعاليات القمة العربية فى الرياض على أن الأمن المائى لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن المائى العربي. السؤال ما الذى يغضب أديس أبابا من ذلك؟ قد يكون دعوته الأخيرة إلى التوقف عن الإجراءات الأحادية الجانب لملء وتشغيل السد وأن هذه الإجراءات تخالف قواعد القانون الدولي.

السؤال: ألا تقوم إثيوبيا بالفعل بذلك وأنها تفعل كل ما تفعله دون تنسيق مع دولتى المصب.. مصر والسودان؟ من الغريب أن البيان الإثيوبى رداً على موقف الجامعة العربية حوى ما يكشف الهدف الحقيقى منه وزيف بل وخطورة والنوايا الحقيقية لأديس أبابا والتى تخالف أبسط قواعد حسن النية التى تطالب بها القاهرة. فالبيان الإثيوبى يدعو ضمن ما يدعو إلى احترام مبدأ الاستخدام العادل والمعقول لمياه نهر النيل ويدعو مصر إلى التخلى عن مطالبتها غير القانونية باحتكار نهر النيل.

لن نناقش هنا صحة هذه الادعاءات من عدمها، وإنما سنناقش مدلولها والذى يشير إلى أن إثيوبيا تحاول تغيير وضع قائم ومستقر ترى أنه غير مواتٍ لها بفرض واقع آخر مواتٍ لها. ربما يكون ذلك الأمر فى عرف العلاقات الدولية قائماً، نقول ربما فى محاولة لتبسيط الأمور، غير أن محاولة تغييره – إذا صحت أحقية أحد الأطراف فى ذلك – إنما يجب أن تقوم أولاً على السعى للتوافق ثم البحث فى بقية الخيارات بعد ذلك حال فشل خيار التوافق، وهو ما لا يشير إليه الموقف الإثيوبي. إن خلاصة سياسة أديس أبابا هو محاولة فرض واقع جديد وليذهب الآخرون إلى الجحيم وهو ما تحاول مصر على مدى سنوات منذ ظهور أزمة السد الوصول إلى توافق بشأنه دون جدوى.. حتى الآن على الأقل!.

[email protected]