رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

شاهدت مؤخراً، المسلسل البريطانى الأمريكى «كاترين العظيمة» وهو قصير فى أربع حلقات، ُعرض لأول مرة عام 2019. وهو ليس المسلسل الأول الذى يحكى قصة الإمبراطورة الروسية «كاترين العظيمة» التى صعدت إلى عرش الإمبراطورية الروسية، فقد سبقه مسلسل روسي عام 2014 عن هذه الامبراطورة فى ثلاثة مواسم (40) حلقة، وفى عام 2020 عرض مسلسل كوميدى أمريكى عن نفس الإمبراطورة فى عشر حلقات مستوحى جزئياً عن قصة كاترين الثانية!

وقد سبق وتزامن مع هذه المسلسلات أفلام سينمائية تحى قصة «كاترين العظيمة» ربما لأن شخصيتها مركبة ومن الصعب تفسيرها والحكم عليها بسهولة.. فهى حالمة رومانسية عاشقة وفى نفس الوقت مسيطرة وقوية ومتهمة بانها انقلبت على زوجها بيتر الثالث وقتلته وتولت الحكم بدلًا عنه من عام 1762 إلى عام 1796 وتمكنت خلال فترة حكمها المحافظة على إمبراطورتيها لمدة (43) عاماً!

وأعتقد أن المسلسل البريطانى الأمريكى إنتاج عام 2019 بطولة هيلين ميرين وجيسون كلارك هو الأفضل والأنضج من حيث المضمون، ربما لأنه مكثف ونجح فى تناول السيرة الذاتية لأعظم قيصرية فى التاريخ، مع عدم إغفال أهم الأحداث الحربية والمصاعب التى واجهتها فى الحكم وفى صراعها الدولى مع الإمبراطورية العثمانية فى كل دول العالم حتى فى مصر فقد قادت سلسلة من الحروب والمعارك اشتهرت باسم الحروب الروسية العثمانية، وتمكنت من هزمها، كما شجعت الحركات الثورية فى البلقان ضد العثمانيين ودعمت بعض الولاة العاصين فى المشرق مثل على بك الكبير والى مصر للاستحواذ على السلطة من العثمانيين!

كما واجهت المؤامرات داخل القصر الإمبراطورى نفسه حتى من أقرب الناس إليها ابنها الوحيد، حيث كانت بينهما علاقة معقدة بسبب اعتقاده أن أمه الامبراطورة هى التى قتلت أبيه واستولت على الحكم وإنه الأحق بتولى العرش فى حين هى كانت تراه شخصية ضعيفة، ولذلك كتبت وصية بتولى حفيدها من هذا الابن الحكم من بعدها ولكنه لم يعترف بالوصية واتهم أمه الامبراطورة علانية بأن ليس لها الحق فى العرش أساساً واعتبر نفسه هو الوريث الشرعى عن ابيه الامبراطور بيتر الثالث!

وأهمية هذا المسلسل أنه لم يكتف بالحكاية التاريخية المشوقة التى كان من الممكن أن تتحول على الطريقة المصرية والعربية عموماً إلى مجرد صراع على السلطة وتراجيديا إنسانية مأساوية كلها صراخ ونواح عن علاقة زوجة بزوجها وأم مع ابنها.. ولكن المسلسل كان أعمق من ذلك وتناول مسألة الصراع على السلطة فى إطار صراع الفلاسفة والمفكرين فى ذلك الوقت ضد السلطات الدينية والسياسية التى تعطى الشرعية لعائلات وراثة الشعوب مع وراثة العروش.. هذا الصراع الذى قاده فلاسفة ومفكرون وأدباء فى أوروبا وتحديداً فى فرنسا مثل مارى أرويه المعروف باسم فولتير، وجان جاك روسو وجون لوك وغيرهم الذين قادوا ثورة فكرية ضد سلطات الكنيسة والحكم وشجعت أفكارهم الشعب الفرنسى على القتال ضد امتيازات وهيمنة الكنيسة والملوك، وألهموا الشعب الفرنسى للقيام بالثورة فى القرن الـ18، وإعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته مارى انطوانيت!

كل ذلك لم يغفله مسلسل « كاترين العظيمة» وواجهت هذه الأفكار الأوربية وأمرت بمنع تداول وقراءة كتب فولتير وروسو واحراقها فى ساحة القصر رغم أنها كانت تدعم المثل التنويريَة العليا بقوة، حتى عرفت بأنها حاكمة مطلقة مستنيرة وقامت بتأسيس أول معهد دراسات عليا لتعليم النساء فى أوروبا.. هذه شخصية مهمة والمسلسل يستحق المشاهدة مرات!

 

[email protected]