رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

اليوم عيد شم النسيم أو عيد الربيع، اعتاد المصريون الاحتفال بيوم شم النسيم من كل عام نظراً لما لهذا اليوم من طقوس وعادات قديمة موروثة منذ زمن القدماء المصرية، إذ يرجع أصل هذا اليوم إلى أكثر من 5 آلاف عام. كان المصريون القدماء يطلقون على هذا اليوم اسم «عيد شموس» وكان يرمز عند الفراعنة إلى يوم بعث الحياة، حيث كان يعتقد القدماء المصريون أن هذا اليوم يوافق بداية الزمان، وكانوا يتصورون أن يوم «عيد شموس» هو بداية الخلق للعالم، إلا أنه مع مرور السنين ومروراً بالعصر القبطى تحول هذا الاسم إلى «شم» ثم أضيفت إلى كلمة «النسيم» إشارة إلى نسمة الربيع وارتباط هذا اليوم بفصل الربيع الذى يتصف باعتدال الجو، وما يصاحبه من احتفال بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات العامة والاستمتاع بجمال الطبيعة.

كان المصريون القدماء يحتفلون بهذا اليوم بشكل رسمى، وكان يسمى آنذاك «الانقلاب الربيعى»  وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل بالنهار، وكان من طقوسه أن يتجمعوا مقابل الواجهة الشمالية، وحينها يظهر قرص الشمس وهو يتجه ناحية الغروب وهو يقترب من قمة الهرم بشكل تدريجى، حتى يشعر الحاضرون كأنهم جالسون فوق قمة الهرم.

وعلى مر السنين انتقل الاحتفال بيوم شم النسيم إلى أكثر من فئة مروراً بالأقباط حتى أصبح فى وقتنا الحالى عيداً شعبياً يحتفل به جميع المصريين على اختلاف أديانهم كل عام. فعامة الشعب ينتظرون هذا اليوم للاحتفال وتناول ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، ومن ضمن هذه الأطعمة الأساسية التى تحمل مدلولاً دينياً وفكرياً: (البيض - السمك المملح مثل الرنجة  والفسيخ - البصل - الحمص الأخضر والخس).

ولذلك فإن يوم شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شىء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأى معتقد ينافى الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعاً فى هذا الموسم بإهلال فصل الربيع، بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيادة المتنزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية، كتلوين البيض وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعاً، كما أكدت ذلك دار الإفتاء المصرية، التى أكدت أن الأصل فى موسم «شم النسيم» أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان، ولما كان الاعتدال الربيعى يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم، وذلك ترسيخاً لمعنى مهم، يتلخص فى أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة، وهذا معنى إنسانى واحد أفرزته التجربة المصرية فى التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعى الذى يقوى نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقيمها النبيلة السمحة.. وهو احتفال وطنى قومى بدخول الربيع، روعى فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوى الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد.

ويعتبر عيد شم النسيم الذى يوافق اليوم «17 أبريل» إجازة رسمية مدفوعة الأجر، للعاملين فى الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة، ووحدات الإدارة المحلية وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال، والقطاع الخاص، ويعد يوم شم النسيم احتفالاً شعبياً لجميع المصريين، لما يصاحبه من خروج الأسر إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.

باختصار: إن يوم شم النسيم أو عيد الربيع هو هدية مصر مهد الحضارات ومهبط الأديان إلى مختلف شعوب العالم القديم والحديث، يحتفل به المصريون يوم الاثنين التالى مباشرة ليوم الأحد الموافق عيد القيامة المجيد طبقاً لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، ويستمر الاحتفال به تقليداً متوارثاً تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التى لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.

لكن هناك ملحوظة مهمة جداً، أن يوم شم النسيم هذا العام يوافق صيام شهر رمضان عند المسلمين، حيث ستختفى تماماً مظاهر الأكل والشرب فى نهار رمضان، وسيكون الاحتفال رمزياً بهذه المناسبة، مع الالتزام بالصيام، الصوم المفروض على المسلمين يكون بالإمساك والامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، ولا مانع من تلوين البيض وأكل الفسيخ بعد الإفطار، ربنا يديم المناسبات الاجتماعية على المصريين.