عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

خلال حرب أكتوبر - رمضان 1973 ميلادية 1393 هجرية، كان رئيس الوزراء المصرى فى ذلك الوقت الدكتور عزيز صدقى، ووزير المالية الدكتور عبدالعزيز حجازى، وتم تسيير الاقتصاد المصرى فى اتجاهين، أحدهما توفير متطلبات الحرب، والثانى تدبير احتياجات الحياة المدنية اليومية، وكان لابد من تخطيط اقتصادى يهدف إلى ترشيد الإنفاق الحكومى لتدبير الأموال اللازمة لصالح القوات المسلحة.

خلال فترة الاستعداد للحرب أعلن الدكتور عزيز صدقى رئيس الوزراء، أمام مجلس الشعب، ما أسماه بـ«ميزانية المعركة» وهى اجراءات التعبئة الاقتصادية التى سيتم تطبيقها فى حال نشوب الحرب، وتتمثل فى تحويل الموازنة العامة إلى موازنة المعركة لتوفير جميع طلبات القوات المسلحة خلال الحرب، مع الحفاظ على سرية البيانات الخاصة بالجيش، وتمويل كل المتطلبات الناتجة عن الحرب، مثل المتطلبات الصحية، والتهجير، والأمن، والنقل، والمواصلات، كذلك إعادة النظر في خطة التصدير والاستيراد لتوفير النقد الأجنبى، مع العمل على احلال المنتجات المحلية بديلا للمستوردة، وتخفيض الاستثمارات مع تأجيل تنفيذ المشروعات التنموية الطويلة الأجل التى ليس لها مردود فى العام نفسه، أو لا علاقة لها بالمعركة، كذلك اجراء تخفيض جديد فى أنواع الإنفاق بالمصالح الحكومية والقطاع العام، ويشمل خفض اعتمادات السفر والانتقالات، ومصروفات الأعياد والمواسم، ومصروفات الأوسمة والجوائز.

كما تم خفض الاعتمادات المخصصة للمياه والإنارة، والانتقالات، سواء بالسكك الحديدية أو بوسائل النقل الأخرى بنسبة 10٪، وخفض اعتمادات الدعاية والإعلان والحفلات بنسبة 75٪، وتشمل خطة ترشيد الانفاق أيضا مراجعة اعتمادات الصيانة للمرافق التابعة لوزارات الرى والاسكان والبترول وهيئة البريد، على أن  تلتزم تلك الجهات بتحقيق خفض اضافى فى المصروفات الخاصة بمستلزمات الشراء 2٪، 5٪ لمستلزمات التشغيل، مع مراجعة جميع المشروعات الاستثمارية المذكورة بالموازنة المالية لعام 1973.

وبعد الانتصار فى الحرب على العدو الإسرائيلى طرحت الحكومة سندات الجهاد وهى عبارة عن شهادات استثمارية من أجل المشاركة المجتمعية فى الحرب ماليا تحت شعار «شارك فى ملحمة النضال الوطنى» وتم الطرح فى البنك المركزى وفروعه وجميع البنوك التجارية المصرية، وتضمنت الفئات المالية 25 قرشا، جنيها واحدا، 5 جنيهات، 10 جنيهات، 100 جنيه بفائدة 4٫5٪ سنويا ومعفاة من الضرائب، كما لا يجوز الحجز عليها، وبلغت حصيلة تلك السندات بعد شهر واحد فقط، من بدء الحرب 7 ملايين جنيه.

وفى وقت لاحق من العام نفسه أعلنت الحكومة أن الاكتتاب فى «سندات الجهاد» اجبارى، باستثناء محدودى الدخل من المواطنين، ولم تكن «سندات الجهاد» هى المشاركة الوحيدة للمواطنين فى دعم القوات المسلحة، حيث أعلنت وزارة المالية فى 18 نوفمبر زيادة الايرادات الضريبية بواقع 23٫5 مليون جنيه على عام 1972، ليصل اجمالى الحصيلة الضريبية 150 مليون جنيه، وهو ما أرجعته الوزارة إلى اقبال المواطنين على دفع المستحقات الضريبية الخاصة بهم بدافع الوطنية.

وبنهاية عام 1973 وتحديدا فى 20 ديسمبر، أعلن الدكتور عبدالعزيز حجازى نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، فى بيان له أمام مجلس الشعب، أن الدولة دعمت القوات المسلحة بالموازنات المالية منذ عام 1967 وحتى عام 1973 بحوالى 5 مليارات جنيه.

رغم الأعباء الاقتصادية التى واجهت مصر خلال الحرب، إلا أن الانتصار على العدو الإسرائيلى حقق العديد من المكاسب الاقتصادية تمثل أهمها في عائدات البترول الموجودة فى البحر الأحمر وسيناء وحصول مصر على ايراداتها مرة أخرى منذ الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، كما زادت عائدات السياحة نتيجة لانتهاء الحرب بالاضافة إلى الاستقرار السياسى واهتمام الدولة بالسياحة وخصوصا فى جنوب سيناء بالاضافة إلى استرداد الموانئ البحرية وانتعاش حركة التجارة الداخلية والخارجية إلى جانب انتعاش حركة الصيد نتيجة استرداد السواحل المصرية.

كما تم إعادة افتتاح قناة السويس عام 1975 للملاحة الدولية، وإعادة عائدات ايرادات قناة السويس للدولة المصرية إذ سجلت العائدات 5 مليارات و728 مليون دولار فى عام 2018 كما سجل عام 2017 عبور 17 ألفا و550 سفينة، كل هذا ساهم فى تطوير قناة السويس وفتح الأبواب أمام مشروعات استثمارية جديدة فى القناة.

كما تم اعادة توطين وتنمية مدن القناة وسيناء بجانب تشجيع الاستثمارات الأجنبية والصناعات الوطنية وفتح فرص أمام بناء مدن صناعية جديدة ما كانت لتبنى على طريق الإسماعيلية مثل العاشر مر رمضان وفتح فرص لبناء مجتمعات عمرانية جديدة، فلولا حرب أكتوبر لتغيرت الخريطة الاستثمارية فى مصر، فالصناعات الوطنية ساهمت فى زيادة التصدير والاكتفاء الذاتى من المنتجات، وساهمت فى خفض نسبة البطالة وارتفاع مستوى المعيشة وبانتهاء الحرب حافظت مصر على الموارد البشرية.