الناصية
استبدال نجوم الكآبة بنجوم الترفيه مهمة ليست سهلة.. ومن يعتقد أنها بسيطة فليراجع نفسه وينظر حوله ليرى كيف يطاردونه نجوم فرضوا وصاية على عقله، ويخرجون له من وراء الشاشات ومن ميكروفونات الإذاعة وقنوات السوشيال ميديا.. وحتى من تحت عقب بابه من راديو الجيران.. ولا مهمة لهم سوى خداعه بانه لن يستطيع التفكير بدونهم، ولن يفهم شيئا من غير عقولهم.. مع أنه لو استفتى قلبه لاستغنى عنهم جميعاً!
والعاصمة السعودية الرياض شهدت مؤخرًا حفلًا تكريميًا غنائيًا اقامته هيئة الترفيه لتكريم رموز الفن العربى.. وبالطبع الحفل مبهر ويليق بالمركم والمكرمين، وشخصيًا أتمنى أن أرى العشرات من هذه الحفلات والمهرجانات.. ثقافية وفنية وترفيهية فى كل البلاد العربية فقد عانت الشعوب من الكثير والكثير من ويلات الحروب والخلافات والخصومات.. وأجيال بعد أجيال عانت الأمرين من تراكم المشاكل فوق المشاكل ولم يكن لديها وقت للفرح أو الاحتفال أو الترفيه حتى صارت كلمة الترفيه عيبا فى حياتنا!
سنوات طويلة من طويلة من الكآبة عاشها الناس فى بلادنا لم يكن فيها سوى الفن هو المنقذ الوحيد والمنفذ الأوحد للخلاص من ركام المشاكل والهموم.. وكان الفنانون فى كل المجالات هم طوق النجاة للناس من حصار الهموم اليومية والاحتياجات الحياتية التى يعانى منها الفقراء والاغنياء.. ولا أحد يستطيع أن يقول بأن الفقراء وحدهم أو الأغنياء وحدهم الذين يستمتعون بالفن.. الجميع سواسية ويحصلون على نفس المتعة وبنفس الدرجة ولهذا يظل الفن هو الملاذ الآمن لكل الناس للراحة من عناء يوم صعب!
شجعوا أولادكم على مشاهدة الفن وممارسة الفن والتمتع بالفن.. فالفن يحسن الاخلاق ويربى ويعلم ويثقف ويجعل الفرد انسانا بمعنى الكلمة.. وعلموا أولادكم القراءة والاستماع للأغانى ومشاهدة الأفلام وتأمل اللوحات التشكيلية.. كل ذلك يجعلهم متخصصين فى علم الجمال بدون جامعة أو تعليم.. والجمال يجعل الانسان جميلًا وتفكيره سليمًا وحياته أفضل!
والحقيقة إننا عشنا سنوات طويلة تحت ضغط آراء متطرفة تنظم لنا شئون حياتنا، ووجهات نظر عنيفة تعلمنا كيف نعيش دنيانا وحولت كل شىء إلى عيب، وكل شىء غير أخلاقى.. ووصل الناس إلى حد الخوف من الترفيه، والرعب من التمتع باى شىء مهما كان بسيطا.. واعتقد فى ظل الازمات التى تطال الجميع مع أحوجنا إلى الترفيه.. ومن يقول غير ذلك فهو أول الناس حاجة إلى الترفيه!