بحكم تخصصى فى الشأن البرلمانى ووجودى داخل البرلمان لفترة تجاوزت ٢٢ عامًا تقريبًا، وبحكم تخصص التخصص فى الشأن الاقتصادى كنت أتابع بدقة وبتمحيص أرقام الموازنة والحسابات الختامية لأجهزة وقطاعات الدولة.
وعلى مدار السنوات الماضية كانت هناك توصية شبه ثابتة فى تقرير لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان عن الحسابات الختامية وهى وقف الانفاق الترفى ووقف تعيبن مستشارين وترشيد الاتفاق الحكومى.
ومنذ أيام قليلة أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بترشيد الانفاق فى كافة قطاعات ودواوبن الحكومة وكذلك وقف المشروعات التى يدخل فيها مكون دولارى.
والحقيقة أن هذا القرار من القرارات الممتازة نظرا للظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد خصوصا التراجع التاريخى للعملة الوطنية (الجنيه) أمام الدولار وما يتبع ذلك من تضخم وارتفاعات رهيبة فى أسعار السلع والخدمات، فضلا عن زيادة أعباء الديون وفوائدها وارتفاع معدل العجز فى الموازنة.
قرار مجلس الوزراء فى شكله ومضمونه صحيح وفى محله، ولكن هل سيتم التنفيذ أم سيكون القرار شأنه شأن ما سبقه من توصيات برلمانية وقرارات مماثلة.
الأقرب أن الحكومة قد تكون هذه المرة مضطرة لتنفيذ القرار ولو بشكل جزئى بسبب الأزمة الحالية، ولكن السؤال هل سيتم تسريح آلاف المستشارين الذين ينتشرون فى دواوين وإدارات وأجهزة الدولة المختلفة، وهل سيتم وقف البذخ فى الحفلات والاجتماعات، وهل سيتم ترشيد عدد السيارات التى تسير فى مواكب الوزراء والمحافظين، وهل سيتم النظر لرواتب الكبار فى قطاعات مثل البنوك والكهرباء والبترول ووزارة المالية.. أشك فى ذلك.
للأسف قد يطول ما يسمى بالترشيد بنود تمس حياة الناس ووقف مشروعات خدمية أو تقليل دعم للهيئات الأهلية وتراجع الانفاق على قطاعات مهمة، بدلا من اقتحام عش الدبابير المتمثل فى رواتب وبدلات القطط السمان، وبنود الدعاية ولوازم الفرفشة فى الحفلات والمؤتمرات والسفريات للخارج.
نتمنى أن يكون قرار ترشيد الانفاق نافذا ومركزا على كل ما هو ترفى وما أكثره والا يطول ما يمس حياة المواطنين وأولوياتهم أو بعض المشروعات الحيوية مثل المدارس والمستشفيات ومحطات الصرف الصحى ومياه الشرب والكهرباء وغيرها من الخدمات.
أوجه الانفاق الترفى يا سادة كثيرة وتحدث ليل نهار أمام أعين الجميع، ويمكن أن توفر مليارات الجنيهات التى بدورها تخفف الضغط على الموازنة والأسعار والتضخم.