رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

علاقتى بالاقتصاد مثل علاقتك بعلوم الفضاء بالضبط! ورغم أننى خريج كلية الاقتصاد، إلا أننى لا أشعر بأى حرج فى الإعلان عن أننى فررت من الالتحاق بقسم الاقتصاد فرار المجذوم من الأسد، ولذلك تجدنى بعد هذا العمر الطويل حينما تضرب بنا الأحوال أخماساً فى أسداس ألجأ لبعض الأصدقاء والزملاء ممن يعتبرون فى عداد خبراء الاقتصاد ليفتونا فى أمرنا.

هذه مقدمة أراها ضرورية ومهمة لكى أبرئ ساحتى من التهمة التى ستوجه لى سواء منك أو من غيرك بأننى أفتى بغير علم. فصحيح العلم نور، وبه تبنى الأمم وتنهض ولكن الله أعطانا أيضاً عقلاً يمكن به التمييز. ولذلك أيضاً لا أخفيك سراً أننى شعرت ببعض القلق وبفأر يلعب فى عبى عندما قرأت خبراً على أحد المواقع الإلكترونية يسعى لإضفاء السعادة على قلوبنا بتفاصيل تراجع سعر الدولار الأسبوع الماضى بعد أن كان قد وصل إلى ٣٢ جنيهاً. من هذه التفاصيل التى ينقلها الخبر عن البنك المركزى أن هناك زيادة كبيرة حدثت فى حصيلة البنوك من النقد الأجنبى، وأن ذلك تم عبر عدد من الطرق منها تدفقات من السوق المحلية، وأخرى حصيلة تحويلات المصريين بالخارج وثالثة تدفقات من قطاع السياحة ورابعة وتلك هى المهمة مبلغ ٩٢٥ مليون دولار من عمليات دخول المستثمرين الأجانب فى الاستثمار غير المباشر، يعنى تقريباً كده تستطيع أن تعتبر المبلغ مع شىء من التجاوز مليار دولار.

على مستواى الشخصى، فأنا سعيد وكنت سعيداً بذلك التراجع بعد القفزة المفاجئة والتى شعرت معها بغصة فى قلبى كادت أن تطيح بى من الحسرة. ولا أشك لحظة فى أن ذلك من المؤكد أنه جاء كما يقول الخبر «نتيجة حزمة قرارات متشابكة خاصة بعد اتباع البنك المركزى سياسة سعر صرف مرن للجنيه (وفقا للعرض والطلب) التى ساهمت فى تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب».

لكن لكى أكون صريحاً معك حتى النهاية، عزيزى القارئ، فإن تلك المفردتين الأخيرتين هما اللتان تشعرانى بالقلق والترقب. صحيح أن تلك العودة للمستثمرين الأجانب للدخول للسوق المصرية، كما ذكر خبير مصرفى بأحد البنوك الخليجية، للاستثمار فى أذون وسندات الخزانة تعد مؤشراً إيجابياً يعكس الثقة فى الاقتصاد المصرى وتراجع حجم المخاطر، ولكن أليست تلك العودة والتى تعد الأولى منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، تعتبر جزءاً من مجمل عملية الهروب التى تمت بمجرد بدء تلك الحرب، والتى أشار إليها رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، ووصفها بالأموال الساخنة وتقدر بـ٢٢ مليار دولار؟ لقد أفاض الكثيرون وقتذاك - منذ شهور مضت - فى التحدث عن عيوب مثل ذلك النوع من الاستثمار خاصة أنه يدخل اعتماداً على وجود سعر فائدة مرتفعة، يذكر الخبر الذى أتحدث عنه أنها - فى حالتنا - تعتبر الأعلى على مستوى الدول الناشئة. ولو أن الأمر كذلك، وصح أن ذلك المبلغ - مليار دولار - هو من ذات النوعية التى هربت مع أول طلقة فى الحرب، فهل يجوز - وأنا أسأل فقط وليست لدى إجابة من باب انتظار الإجابات من الخبراء - أن يتم اعتماد هذا النمط مرة ثانية؟ ألا تمثل ما يمكن وصفها بعملية «الهروب الكبير» لتلك الأموال درساً ينبغى أن يستفاد منه عملاً بالمثل القائل «لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين». أعلم مقدماً أن الرد تلك العبارة التى تقول بأنه فى بعض الأحيان يكون «لا بد مما ليس منه بد» وأن صانع السياسة لا يجلس على مقهى فى الشارع السياسى ويتخذ القرارات وإنما هو يتخذها ودونه الأهوال والصعاب التى ربما لا ندرى بها شيئاً نحن الشعب، وهو ما يعنى أن المؤمن ممكن يلدغ ليس مرة أو مرتين بل ثلاث وأكثر باعتبار أن للضرورة أحكاماً.

[email protected]