عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أدين بالاعتذار للدكتور مصطفى كمال حلمى رئيس مجلس الشورى الأسبق رحمة الله عليه، لأنه لم يكن رئيساً للمجلس الذى شهد فى اجتماعه المشترك مع مجلس الشعب خطاب «مبارك» بمناسبة بدء دور الانعقاد الجديد لبرلمان 2010 المزور، والذى قال فيه «مبارك» على القوى السياسية والحزبية التى أنشأت برلماناً موازياً رداً على مجلس الشعب المزور لصالح الحزب الوطنى: «خليهم يتسلوا» فقد كان رئيس مجلس الشورى الذى شهد هذا الاجتماع هو صفوت الشريف الذى تولى رئاسة المجلس بعد إقصاء الدكتور مصطفى كمال حلمى، وكان الشريف قد ترك وزارة الإعلام عام 2004 ليخلف «حلمى» فى رئاسة الشورى.

استبعاد الدكتور حلمى من رئاسة مجلس الشورى لخمس دورات كان بمثابة مؤامرة حزبية عليه رغم أنه قضى حوالى 15 عاماً رئيساً للمجلس منذ عام 1989 حتى عام 2004، إلا أن عملية استبعاده من رئاسة المجلس كانت مدبرة من قيادات الحزب الوطنى، حيث خاض «حلمى» انتخابات مجلس الشورى الأخيرة عن دائرة مصر الجديدة، ولم يكن يعتقد أنه سيتم تغييره فى الفصل التشريعى الذى تلا الانتخابات، ولكن تم إسناد مهمة رئاسة المجلس إلى صفوت الشريف الذى أقصى من وزارة الإعلام عن طريق الحرس الجديد فى الحزب الوطنى، وتمت ترضيته برئاسة مجلس الشورى على حساب الدكتور حلمى الذى أصبح نائباً عادياً فى المجلس، ولو كانوا أخبروه بعدم استمراره فى رئاسة المجلس لكان اكتفى بما قدمه فى الفترة السابقة.

فبعد حوالى ثلاثة فصول تشريعية، جلس «حلمى» فى مقاعد النواب، وأصبح المترددون عليه من القلائل، وانقض الذين كانوا يتحلقون حوله وحول الكرسى، إلا من سكرتيره الخاص ومدير مكتبه، والتف الجميع حول الشريف الذى كان فى ذلك الوقت يجمع بين رئاسة المجلس وأمين عام الحزب الوطنى، مما ساعده على إحكام سيطرته على المجلس من أول جلسة، كما جذب جميع وزراء الحكومة إلى حضور الجلسات، واستطاع فى أول تعديل للدستور فى عهده عام 2005 أن يحصل على اختصاصات قوية لمجلس الشورى ليكون غرفة ثانية مؤثرة فى التشريع إلى جانب مجلس الشعب عن طريق استغلال نفوذه.

مدة عضوية الدكتور مصطفى كمال حلمى كنائب عادى فى مجلس الشورى والذى كان ثالث رئيس للمجلس بعد استحداثه فى دستور 71 فى تعديل عام 80، وسبقه كأول رئيس للمجلس الدكتور صبحى عبدالحكيم ثم الدكتور على لطفى، لم تزد عن 4 سنوات، فقد توفى الدكتور حلمى فى يوليو عام 2008، أى قبل شهر من حريق مجلس الشورى الخطير الذى اندلع فى أغسطس من نفس العام، وأتى تقريباً على المجلس بالكامل، والتهم العديد من القاعات والمضابط المهمة والمبني المشترك بين مجلسي الشوري والشعب الذي كانت تشغله وزارة الري في السابق، كما التهم قاعة مجلس الشورى وقاعة الدستور، وواجه الشريف الأزمة مع الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، وأنقذهما المهندس إبراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب فى ذلك الوقت والذى تولى رئاسة مجلس الوزراء بعد ثورة 30 يونيو، بأن تولت «المقاولون العرب» مهمة ترميم المبانى المحترقة، واستطاع محلب أن يقدم خدمة وطنية على مستوى عالٍ أنقذ بها الشريف وسرور من غضب مبارك، لأن الدورة البرلمانية الجديدة كانت على مشارف الانعقاد، وكان من المتوقع عدم عقد الدورة فى موعدها، أو عقدها فى مكان آخر، فى حالة عدم إجراء عمليات الترميم، واستحق «محلب» تقدير المجلس أثناء خطاب مبارك الذى افتتح فيه الدورة التى تلت حريق المجلس، وصفق له جميع الأعضاء، وتمت مكافأته بتعيينه عضواً فى الشورى ضمن الثلث المعينين بقرار جمهورى.

مرت حياة الدكتور مصطفى كمال حلمى بمحطات عديدة، امتزج فيها العمل السياسى التنفيذى بالعمل النقابى والبرلمانى، وتميزت كلها بالهدوء الشديد والأدب الجم الذى وصل إلى حد احترام «الجماد» مثلما كان يروى عنه الكاتب صلاح عيسى بأنه كان يستأذن درج مكتبه قبل قيامه بفتحه دليلاً على الأدب والاحترام الشديد.

ترأس الدكتور حلمى المجلس الأعلى للصحافة طوال فترة رئاسته لمجلس الشورى بحكم منصبه، حيث كان المجلس الأعلى يتبع مجلس الشورى في ذلك الوقت، وكانت الصحافة تتبع مجلس الشورى، وخاصة الصحف القومية التى كانت تتبعه ويديرها نيابة عن الحكومة، وحالياً أصبحت تتبع الهيئة الوطنية للصحافة، كما كان نقيباً للمعلمين لعدة دورات، وحصل على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، ووشاح النيل، ووشاح التربية من الأردن، ووسام النيلين من السودان، والوسام العلوى بدرجة ضابط كبير من المملكة المغربية.

وتوفى الدكتور حلمى عليه رحمة الله فى سن 86 عاماً بمستشفى كليوباترا بمصر الجديدة، بعد حياة حافلة بالعطاء والاحترام وعفة اليد واللسان، بعد أن انتقل من الحياة العلمية إلى صخب السياسة عقب تخرجه فى كلية العلوم عام 1943، وحصوله على دكتوراه الفلسفة فى العلوم، وتولى وزارة التعليم العالى والبحث العلمى.