رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

الأخبار هى أول جريدة قرأتها فى حياتى، وكان عمرى وقتها ١٠ سنوات، وكان والدى رحمة الله عليه يحرص على شرائها يوميًا، وكنت أقرأ جميع مقالات كبار الكتاب، عندما كنت بالصف السادس الابتدائى، وكنت أستمتع وأنا أقرأ مقالاً، «فكرة» لأستاذ الأجيال وعميد الصحافة المصرية والعربية مصطفى أمين، وكنت أعشق جميع كتاباته وقمة متعتى كانت فى انتظاره فى مدخل جريدة الأخبار القديم لمصافحته، وتأثرت بصفحة ليلة القدر التى كان كاتبنا العظيم صاحب فكرتها، والمشرف عليها، لدرجة أننى لم أمل إلى أية أقسام بـ«الوفد»، إلا إلى قسم عيادة «الوفد»، وباب متاعب الناس الذى أشرف عليه منذ ما يقرب من عشرين عامًا، نظرًا لاهتمامهما بالجانب الإنسانى والاجتماعى، وكنت أتمنى أن تستمر الصحافة بكامل قوتها، وشدة تأثيرها، وتظل الشغل الشاغل الأول والأخير فى حياتى، وحياة كل صحفى، يبحث عن التميز والمهنية. وكم كنت أتمنى ألا يكون هناك شركاء لصاحبة الجلالة فى حياتى، وحياة الكثير من الزملاء المهنيين، الذين أفنوا أعمارهم فى بلاطها ولا يزاحمون موظفى الإعلانات فى عملهم، ولا يبتزون المصادر أو رجال الأعمال، للحصول على منفعة شخصية أو الحصول على أوامر نشر اتقاء لشرور البعض منهم، أو العمل فى السمسرة وتخليص المصالح.

ورغم الأزمة الاقتصادية التى أثقلت كاهل الطبقة المتوسطة، بعد أن حلت مكانها الطبقة الغنية، فى نفس الوقت الذى اندثرت فيه الطبقة التى كانت متوسطة، والتى ينتمى أغلبنا إليها، وما زلنا نقاوم العواصف العاتية، والأزمات الاقتصادية، والغلاء الفاحش، الذى جعل معظم الزملاء يبحثون عن فرص عمل، خارج بلاط صاحبة الجلالة، وأيضاً خارج غرف كنترول المحطات الفضائية، بعد أن لحقها الكساد هى الأخرى، وباتت تبحث عن ثقب إبرة يأتى من خلاله بصيص أمل أو فرصة عمل.

ويبقى الاستفهام الاستنكارى الذى وضعناه فى عنوان المقال، وهو شركاء صاحبة الجلالة فى الحياة العملية، والتى تهدد مستقبل الصحافة والأجيال القادمة، التى لم تمارس الصحافة الحقيقية التى تربينا عليها فى قلعة «الوفد»، والقلاع الأخرى فى الصحافة الخاصة والحزبية وبعض الصحف القومية، وقد أتى اليوم الذى وجدنا فيه الصحفى السائق والصحفى السمسار، والصحفى البقال، وسأكرر السؤال أو الاستفهام مرة أخرى، وهو هل سيحيا الصحفى الذى يضع صاحبة الجلالة بين ضرائرها حياة طيبة وحيادية، أم أن الصحافة ستكون فى المرتبة الثانية والثالثة وربما لا تأتى الصحافة ضمن اهتماماته أو أولوياته بالمرة، لأنها لم تسمُ به وبأسرته فى ظل هذا الغلاء الفاحش، ولم توفر له ولأسرته مستلزمات حياته الأساسية، ولم يكتفِ البعض بتحويل أوراق أبنائه من مدارس خاصة إلى مدارس عامة، ولم تشفع وظيفة صحفى لتأجيل سداد إيجار الشقة عدة أشهر، ولم تمثل وظيفة كاتب صحفى أى شىء لأبنائه المتعثرين فى دفع قيمة الدروس الخصوصية، سوى الإحراج والخجل أمام أبناء زملائه فى الدراسة، فى نفس السناتر الذين يعملون فى شركات البترول، والغاز، والكهرباء، والخارجية، والسلك القضائى، والبنوك، والضرائب، والكثير من الوظائف التى فاز بها أصحابها، وكأنهم فى إعارة داخلية، رغم أننا فى نفس البلد ونعيش نفس الظروف وربما نفس طبيعة العمل، ولكن الفجوة شديدة الاتساع، وكادت تبتلع أصحاب الفكر والإبداع الذين كان يشار إليهم بالبنان فى عهود سابقة، والذين لم يعرفوا لمهنتهم شركاء يومًا ما.