رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 ضوء فى آخر النفق

لا أظن أن من حق القطاع الخاص وفى القلب منهم رجال الأعمال الكبار وحتى من يلى هؤلاء من متوسطى القدرة الاقتصادية، ومنهم أصحاب مزارع دواجن ومواشى وتجار الجملة بكل فئاتهم المختلفة والمتنوعة، أن يحصلوا على السلعة أو المنتجات المدعومة من الدولة مثلهم مثل باقى أفراد الشعب. الموظفون وأصحاب المعاشات وعمال اليومية لا يحققون عوائد أو دخلًا ماليًا مثل هؤلاء. مطاعم الفول والفلافل الشهيرة التى يرتادها الآلاف يوميا وتحقق مكاسب هائلة لا يحق لها أن تزود بالكهرباء والماء والغاز والبنزين –بل والدقيق والأرز والمكرونة والزيت والسكر والسمن وبقية السلع الاساسية– بنفس أسعار الفئات المطحونة والكادحة. أصحاب «أچنسات» السيارات الذين يبيعون اليوم سيارات موديل العام الماضى بأسعار مضاعفة، وباختراع جديد اسمه «الأوفر برايس» -رغم أن السيارات مخبأة فى المخازن والسوق متعطش، ولكن الجشع هو الذى يحكم قواعد لعبة البيع– وملاك الكمباوندات والمنتجعات التى تباع الشقة فيها بالملايين، هؤلاء ومن كانوا يمتلكون مقدرة مالية عالية ولا يتأثرون بهذا التضخم الذى يعانى منه محدودو الدخل، لا يحق لهم أن يحصلوا على سلع مدعومة، أو بالأسعار العادية التى يدفعها عامة الشعب. رسوم الطريق يجب أن تكون مضاعفة، وسعر الخدمات والمرافق ومنتجاتها يجب أن يتغير.. لا يمكن أن يدفعوا فى ثمن متر المياه التى يروون بها حدائقهم مثلا، وميجاوات الكهرباء التى يضيئون بها كل ركن، ويدفئون بها كل حجرة، نفس الأسعار التى يدفعها صاحب الشقة الغلبان والموظف محدود الدخل ومستحق المعاش. صحيح أن الكهرباء تباع الآن بنظام الشرائح لكنها ماتزال بالنسبة لرجال الأعمال أقل مما يجب أن يدفعوه.. خصوصا أنهم لا يتوانون عن رفع أسعار بيع شققهم وفيلاتهم كلما شعروا بنهم أكثر للبيع بسعر أكبر! لا يحق لرجل الأعمال صاحب المطعم المعروف والماركة العالمية الشهيرة، كلما حدث تضخم فى أسعار الخامات والمكونات التى يشتريها، أن يرفع الاسعار ليعوض الزيادة فى اسعار ما يحتاجه من جيوب الفقراء ومحدودى الدخل. من غير المعقول أن يصل سعر ١٢ قطعة دجاج فى ذلك المحل الشهير ومن تلك الماركة المعروفة إلى ٣٨٠ جنيها! حرام أن تباع أقل من دجاجة بهذا السعر. هذا لا يحدث فى أغنى دول العالم.. ليس عادلا بأى معيار.. يصعب منع الناس من شراء مثل هذه الوجبة وما شابهها، لأنهم فى واقع الامر مجبورون على شرائها بقوة رغبات أبنائهم.. وإقبالهم عليها.. أولادنا يحبونها.. الاجيال الجديدة يفضلون مذاق الوجبات السريعة!

القانونيون والنواب والباحثون يستطيعون بلورة هذه الأفكار.. وإن كان منهم شرائح قد تتضرر من مثل هذه الأفكار وتطبيقاتها، لكننا اليوم أمام تحدٍ كبير يواجه المجتمع وهو غول التضخم.. الذى ينهش ميزانيات الأسر والدولة بلا هوادة. قد أكون مخطئا فى تصوراتى عن الحلول، ولكنه محض اجتهاد، يتطلب حوارًا مجتمعيًا واسعًا، وأن تتصدى مراكز الابحاث لبحث كيفية تحقيق سبل العدالة فى توزيع الأعباء. لست ضد الأغنياء.. مطلقًا.. ولكن فى لحظات التحدى نتذكر أن من مفاخرنا أن أغنياء مصر شيدوا المبرات والمستشفيات ودعموا الاقتصاد المنتج.. ووظفوا العمال وتركوا بصمات شاهدة على عصرها، وإن كانت محفورة اليوم فقط على جدران التاريخ وصفحاته.