عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فى ثورة 25 يناير، لم تسقط مصر، لكن سقط نظام مبارك، وسقطت جماعة الإخوان بعد عام من وصولهم للسلطة، واستعادت مصر عافيتها، واستعاد 25 يناير وجهه التاريخى القديم، حين استبسلت قوات الشرطة فى الدفاع عن مواقعها بالإسماعيلية فى مواجهة قوات الاحتلال الانجليزى عام 1952.

على بعد أيام من الذكرى 71 لـ«عيد الشرطة» فى 25 يناير 1952 وفى مدينة الإسماعيلية بدأت معركة البطولة والكرامة، والشجاعة، التى جسد فيها رجال الشرطة بطولة لم ولن ينساها التاريخ أبد الدهر، بعد أن استشهد فى هذا اليوم نحو 50 بطلا من أبطال الشرطة المصرية، وأصيب نحو 80 آخرين، فى سبيل أداء واجبهم المقدس فى الحفاظ على أمن وأمان المواطنين، فكانوا مثالا وقدوة لزملائهم على مر الزمان فى التضحية والتفانى فى العمل.

انطلقت شرارة هذه المعركة بعد اتصال هاتفى بين وزير الداخلية حينها فؤاد باشا سراج الدين وقائد قوات الشرطة فى الإسماعيلية اللواء أحمد رائف تناول انذارا برحيل قوات البوليس المصرى عن مدينة الإسماعيلية، كما تناول الاتصال إصرار قوات البوليس المصرى على عدم الانسحاب حتى آخر نفس، واثنى «سراج الدين» على شجاعة الضباط المصريين قائلا: ربنا معاكم استمروا فى المقاومة.

لقد توهم الاحتلال البريطانى، أن رجال الشرطة سيخافون على حياتهم ويتركون سلاحهم ويهربون، حفاظا على أرواحهم، ولكنهم فوجئوا ببطولة وملحمة سطرت فى تاريخ مصر المشرق بأحرف من نور، حيث رفض اليوزباشى مصطفى رفعت الانسحاب وترك مبنى المحافظة لقائد قوات الاحتلال «إكس هاما»: «إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى.. سأبدأ أنا بالضرب، لأن تلك أرضى، وأنت الذى يجب أن ترحل منها ليس أنا.. وإذا أردتم المبنى.. فلن تدخلوه إلا ونحن جثث». ثم تركه ودخل مبنى المحافظة، وتحدث إلى جنوده وزميله اليوزباشى عبدالمسيح وقال لهم ما دار بينه وبين «إكس هاما»، فما كان منهم إلا وأيدوا قراره بعدم إخلاء المبنى وقرروا مواجهة قوات الاحتلال، على الرغم من عدم التكافؤ الواضح فى التسليح، حيث كانت قوات الاحتلال تحاصر المبنى بالدبابات وأسلحة متطورة ولا يملك رجال الشرطة سوى بنادق قديمة نوعا ما.

وبدأت المعركة من خلال قيام القوات البريطانية بإطلاق قذيفة دبابة كنوع من التخويف لقوات الشرطة، وأدت إلى تدمير غرفة الاتصال «السويتش» بالمبنى وأسفرت عن استشهاد عامل الهاتف لتبدأ بعدها المعركة بقوة، والتى شهدت فى بدايتها إصابة العشرات من رجال الشرطة واستشهاد آخرين، فخرج اليوزباشى مصطفى رفعت قائد قوات النظام المتواجد داخل مبنى المحافظة إلى ضابط الاحتلال البريطانى فى مشهد يعكس مدى جسارة وشجاعة رجل الشرطة المصرى، فتوقفت الاشتباكات ظنا من قوات الاحتلال بأن رجال الشرطة يستسلمون، ولكنهم فوجئوا بأن اليوزباشى مصطفى رفعت يطلب الاتيان بسيارات الإسعاف لعلاج المصابين واخلائهم قبل استكمال المعركة، وفقا لتقاليد الحرب الشريفة التى اعتاد عليها المصريون، ولكن قوة الاحتلال رفضت واشترطت خروج الجميع  أولا والاستسلام، وهو ما رفضه اليوزباشى مصطفى رفعت، وعاد إلى جنوده لاستكمال معركة الشرف والكرامة، والتى لم يغب عنها أيضا أهالى الإسماعيلية الشرفاء، حيث كانوا يتسللون إلى مبنى المحافظة، لتوفير الغذاء والذخيرة والسلاح لقوات الشرطة، رغم حصار قوات الاحتلال للمبنى.

بطولات رجال الشرطة مستمرة إلى اليوم لحفظ أمن واستقرار الوطن، ومحاربة الإرهاب البغيض، لتحقيق الغاية الأسمى للدولة وهى المحافظة على بقائها، وحفظ الأمن والأمان لمواطنيها من خلال جهاز شرطة وطنى، واع ومدرك لطبيعة مهمته جيدا، وسيبقى دور رجال الشرطة جنبا إلى جنب مع اشقائهم من رجال القوات المسلحة البواسل والذى يمثلون معا، الحصن المنيع، لحماية الوطن من كل شر.