رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يترقب الشعب المصرى الانطلاق الفعلى لجلسات الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم 26 أبريل الماضى، لمناقشة خطوات العمل القادمة من خلال حوار وطنى حول مختلف القضايا السياسية، لإنشاء مجتمع سياسى يشمل جميع الأطياف والألوان كافة، وتعزيز مفهوم الجمهورية الجديدة التى تقوم على المساحات المشتركة وعلى وجود الجميع رغم اختلافاتهم.

لا إقصاء لأحد من الحوار إلا من بغى ورفع السلاح فى وجه الوطن وأراق الدماء البريئة ومازال ينفث سمومه لنشر التطرف والكراهية، والباغون معروفون وهم الجماعة الإرهابية التى تسعى للوقيعة بين الشعب والدولة وتشجع على الإرهاب، جميع المصريين شركاء فى الحوار الوطنى لرسم خريطة الجمهورية الجديدة.

لا شك أن الدعوة حركت المياة الراكدة فى الحياة السياسية، وجعلت الأنوار تضاء من جديد داخل غرف الأحزاب السياسية للخروج من حالة الجمود وشبه البيات الدائم الذى كان يشبه الظلام فى العديد من الأحزاب السياسية، والتى تراجعت أمام كثرة أعداد الأحزاب التى تخطت الـ105 أحزاب معظمها بدون عمل، وبدون برامج، واستسلمت لأن تستمر مجرد يافطة على واجهة مبنى متقوقع خلفها عائلة يتكون منها الحزب، ولا يريد أن يبارح موقعه الذى يذوب فى صيف الأيام، ويتجمد مع شتائها.

الأحزاب السياسية على مدار التاريخ تمثل دائما الضمان الوحيد للتصدى للديكتاتورية الفردية وحكم الأوتوقراطية، ولا شك يؤدى التنافس الحزبى إلى تطور وتقدم المجتمع ككل، فالدوافع الرئيسية التى تؤدى إلى نشأة الأحزاب السياسية هى اختلاف الناس فيما بينهم من حيث المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما تحمل تمايزًا واختلافًا فى الفكر والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ.

أعداد كثيرة من الأحزاب السياسية موجودة على الساحة، لكن المواطن لا يعرف أسماء ثلاثة أو أربعة أحزاب منها فى مقدمتها حزب الوفد التاريخى الذى ولد من رحم الحركة الوطنية منذ أكثر من مائة عام، وقاد استقلال مصر، من خلال ثورة 1919، ومازال اسمه حتى الآن يتصدر الحياة الحزبية ويمثل الوجه المضىء للديمقراطية، رغم كثرة الأحزاب فى ظل إنشائها بمجرد الإخطار، لكن وجودها فى النطاق الجغرافى قليل، وقدرتها على التواصل لا تظهر إلا فى المواسم وهى الانتخابات البرلمانية «نواب وشيوخ».

وأمام ضعف الأحزاب، وفى ظل الحوار الوطنى الذى استعدت له كافة القوى الحزبية والسياسية فإن هناك قضية لابد من تبنيها من خلال المناقشات السياسية فى الحوار وهى قانون الأحزاب السياسية الذى أصبح فى حاجة إلى تعديل لدمج الأحزاب الصغيرة، وإلغاء الأحزاب التى لا تحصل على مقعد فى الانتخابات البرلمانية، وعدم السماح بصدور أحزاب تكرر نفس برامج الأحزاب الحالية، إن عوامل نجاح أى حزب سياسى هى أن يكون له وجود بين المواطنين بمعنى أن يكون هناك تواصل بين قياداته وبين جمهور الناس، ولن يحدث ذلك إلا بقيام الحزب وأعضائه بالتعبير عن المواطن سواء فى رأيه السياسى مثلا أو مصالحه ومطالبه أمام الحكومة، أو تقديم خدمات عامة للمواطنين تزيد الترابط بين الحزب والمواطنين، وأن يكون هناك تمويل للحزب للقيام بنشاطاته الضرورية وأن تكون له استراتيجية عامة لا تهتم بالجانب السياسى فقط، ولكن يجب أن يكون له خطة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى والصحى والتعليمى وغيرها، وأن يكون للحزب امتداد شعبى، بأن يعمل على الترويج لمشروعه السياسى والاقتصادى والاجتماعى بين المواطنين بحيث يضمن استمرار زيادة المنتمين له، خصوصا فى أوساط الشباب، ولا يقتصر على فئة معينة، مثل كبار السن أو فئة معينة من السياسيين.

غياب العوامل السابقة التى تضمن نجاح الحزب السياسى عن معظم الأحزاب الحالية أدت إلى وجود عدد كبير من الأحزاب الكرتونية والتى أصبحت عبئا ثقيلا على الحياة الحزبية والسياسية، ومعطلا لإحدى مواد الدستور التى تتحدث عن تداول السلطة التى تقوم عليها الحياة السياسية والحزبية لأن تحقيق ما جاء فى هذه المادة «الخامسة» يحتاج إلى عدد قليل من الأحزاب تتنافس على المقاعد البرلمانية للحصول على الأغلبية، ويظهر منها حزب الأغلبية وحزب المعارضة القوى، وأحزاب الوسط. نحن فى حاجة إلى هذا التشكيل فى البرلمان القادم، لأن الحكومة فى حاجة إلى ظهير سياسى واضح فى البرلمان يساند مواقفها، كما أن البرلمان فى حاجة إلى جناح معارض قوى يمثل الشارع أمام حزب الحكومة ويثرى المناقشات.

لا نريد أحزابا ورقية مكممة عاطلة، نريد أن نسمع صوت الأحزاب السياسية المشاركة فى السياسة العامة للدولة، والتى تقف إلى جوار القيادة السياسية فى القضايا العامة والمصيرية والتى تحتاج إلى دعم الأحزاب الذى يستند إلى الوعى الجماهيرى، وقد أحسن حزب الوفد عندما أعلن عن إعادة حكومة الظل الوفدية، وقرر الدكتور عبدالسند يمامة رئيس الحزب أن تعمل حكومة الظل على وضع رؤى جديدة من خلال شخصيات وطنية مؤهلة للتصدى لأى سلبيات تظهر فى أداء الجهاز التنفيذى.

الشىء الإيجابى الذى تثاب عليه الأحزاب هى تحولها إلى خلية نحل منذ إعلان الرئيس السيسى عن دعوته للحوار الوطنى لوضع رؤيتها فى الحوار واقتراحاتها، ولكن أهم اقتراح هو إعادة تنظيم الأحزاب من خلال قانون ينظم الأحزاب السياسية والذى يساعدها على التخلص من التخمة التى تعيقها عن الحركة وأن يكون القانون نابعا من الأحزاب نفسها من خلال الحوار، للحفاظ على الحق الدستورى للأحزاب باعتبارها مكونا لا  غنى عنه من مكونات النظام الأساسى الديمقراطى وتساهم فى تكوين الإرادة السياسية للشعب.