رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

لا يوجد نظام انتخابى مثالى يخلو تمامًا من الانتقادات فى مواجهة النظام الآخر، فلكل نظام مزاياه وعيوبه، والاختيار بين نظام وآخر ليس اختيارًا بين نظام صالح وآخر فاسد، بقدر ما هو ترجيح للنظام الأكثر ملاءمة لتاريخ كل بلد وتقاليده وظروفه.

لم يفرض الدستور المصرى (2014) نظامًا لإجراء الانتخابات فى مصر، وترك تحديد النظام للقانون، حيث جاء فى الفقرة الثانية من المادة «102» من الدستور «يبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات. ويجوز الأخذ بالنظام الفردى، أو القائمة أو الجمع بأى نسبة بينهما. والنظام الفردى أو القائمة هما أشهر أنظمة الانتخابات التى تجرى بها الانتخابات فى مصر، كما أن هناك عشرات الأنظمة من الانتخابات، ولكن الفردى أو القائمة أو الجمع بينهما لكل منهما مزاياه وعيوبه، ولكن هناك ملاءمات تفرض النظام الانتخابى الذى يتفق مع تمثيل الفئات التى حددها الدستور، منها أن يكون هناك تمثيل مناسب للمرأة فى المجالس النيابية، وتمثيل للعمال والفلاحين، والشباب، والمسيحيين، والأشخاص ذوى الإعاقة، والمصريين المقيمين فى الخارج، مما جعل اختيار النظام الانتخابى الملائم عملية صعبة لتفادى الوقوع فى عدم الدستورية، مما يؤدى إلى بطلان العملية الانتخابية التى تبطل البرلمان، كما حدث فى عدة مجالس سابقة قبل ثورة 25 يناير.

ولقد أتاح الحوار الوطنى للأحزاب السياسية وللمجتمع المدنى، عملية البحث عن نظام جديد للانتخابات تستعد به القوى السياسية للانتخابات القادمة وتتم مناقشته وإقراره ورفعه إلى القيادة السياسية مع التوصيات الأخرى لتطبيقها فى المرحلة القادمة، تقريبًا جميع الأحزاب حددت مطالبها من نظام الانتخابات وهناك تأييد كبير للقائمة النسبية من قبل العديد من الأحزاب، والبعض يطالب بالجمع بين الفردى والقائمة المغلقة، كما حدث فى الانتخابات البرلمانية السابقة، ولكن هناك عيوباً فى القائمة المغلقة أدت إلى وجود برلمان شبه معين، لأن نجاح القائمة بالكامل أو سقوطها بالكامل يهدر الأصوات، ولا يحمل التزامات على النواب نحو الناخبين، ويجعلهم ملتصقين بالسلطة التنفيذية أكثر من قيامهم بالدور المستقل للبرلمان كممثل للسلطة التشريعية.

النظام الانتخابى يرسم ملامح المستقبل السياسى، النظام الفردى يحقق مزايا، لأنه يربط الناخب بالمرشح، ولكن عيوبه كثيرة حيث يستخدم فيه المال السياسى وشراء الأصوات واستغلال العصبيات والقبليات والبلطجة، وتقل فيه فرص الشباب لحاجتهم إلى الخبرة، حيث يتنافسون مع عناصر لها خبرة طويلة فى العمل السياسى والبرلمانى، كما يصعب الانتخاب الفردى من مهمة تمثيل الفئات التى أوصى بها الدستور كالمرأة والشباب والمسيحيين، والنظام الفردى يجعل النائب يتصرف وكأنه عضو فى مجلس محلى.

والقائمة النسبية يكون محور التنافس فيها هو البرامج والأفكار التى يطرحها كل حزب بأكثر من شخص المرشح نفسه المنتمى للحزب، مما يؤدى إلى تقوية الأحزاب السياسية ويتضاءل المال السياسى فى نظام الانتخاب بالقائمة النسبية، ويعود النائب من خلالها نائباً عن الأمة كلها ينشغل بالقضايا الكبرى تاركاً المطالب المحلية لأعضاء المجالس المحلية، لكن من عيوب الانتخاب بالقائمة النسبية أنه يحرم المستقلين من الترشح، مما يؤدى إلى الطعن بعدم الدستورية، كما أن هذا النظام تكثر فيه الطعون.

الحوار الوطنى سوف يتناول كل اقتراحات الأحزاب والقوى السياسية، وسوف ترجح المناقشات نظاماً يحوز توافق الجميع ويتفق مع الدستور، لأن نظام الانتخابات وتقسيم الدوائر عليهما دور كبير فى نجاح الانتخابات وإقناع الناخبين بالإدلاء بأصواتهم عندما تكون العملية سهلة وميسرة ومفهومة.

نحتاج فى المرحلة القادمة إلى حياة حزبية حقيقية تمكن الأحزاب من نشر أهدافها وبرامجها، والوصول من خلال الحوار الوطنى إلى نظام سياسى حقيقى يجعلنا أمام أحزاب ذات أيديولوجية وأهداف واضحة، وبناء كوادر سياسية حقيقية، وتفعيل قانون الأحزاب لتكون الأحزاب مدرسة سياسية لتخريج رجال دولة وسياسة، وأن يكون هناك تمثيل مناسب للأحزاب التى تجتهد فى الوصول إلى الجماهير وإقناعها ببرامجها التى تسعى لتحقيق تطلعاتهم.