رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

هاجمت مجلس الشورى، ودعوت إلى إلغائه، ثم دافعت عنه، وطالبت بعودته.. وعاد تحت اسم مجلس الشيوخ بعد تعديل الدستور عام 2019.

نشأ مجلس الشورى بعد موافقة مجلس الشعب على استفتاء 22 مايو 1980، متضمنا بابًا جديدًا يضاف إلى دستور عام 1971 خاصًا بمجلس الشورى، وكان أول دور اجتماع لـ«الشورى» فى أول نوفمبر عام 1980، حيث تقدم أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب بتاريخ 16 يوليو 1979 بثلاثة طلبات لتعديل الدستور، وكان من بين التعديلات المقترحة إضافة عدد من المواد للدستور، من بينها إنشاء مجلس الشورى وتحديد وتنظيم الصحافة كسلطة من سلطات الدولة.

أوضح مقدمو طلب إنشاء مجلس الشورى أن النظام السياسى يقوم على أساس الديمقراطية الحزبية وينظيم الدستور والقانون لمجلس الشعب، وانتخاب أعضائه على أساس حزبى وسياسى بحت، ويقتضى ذلك نشوء مجلس ثان يكون بمثابة مجلس العائلة المصرية كلها على اختلاف انتماءاتها الحزبية والسياسية، ويكون جامعًا للكفاءات والخبرات، التى تحتاج البلاد إلى مشاركتها فى الحياة السياسية، وضمانًا لحفظ مبادئ ثورتى 23 يوليو 1952، و15 مايو 1971، ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وتحالف القوى السياسية والمكاسب الاشتراكية وتحقيق النظام الاشتراكى الديمقراطى وتوسيع مجالاته.. فضلًا عن الإفادة برأى هذا المجلس فى الأمور العامة ذات الأهمية القومية التى تمس حياة المجتمع الأساسية.

وقال الأعضاء إنهم تقدموا بطلب إنشاء مجلس الشورى إيمانًا بمسئوليتهم وعمق إحساسهم بالمشاركة فى إعادت تنظيم وبناء الدولة.

رغم حصول مجلس الشورى على اختصاصات فى دستور 71 تمنحه وجوبية موافقته على الاقتراحات الخاصة بتعديل الدستور، ومشروعات القوانين المكملة للدستور، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة والتى تتعلق بحقوق السيادة، وتقديرًا لرأى مجلس الشورى الوجوبى فى هذه الاختصاصات حكمت المحكمة الدستورية العليا فى قضيته بعدم دستورية قانونى البلطجة والجمعيات الأهلية لعدم عرضهما على مجلس الشورى.

كما يؤخذ رأى المجلس فى مشروعات الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومشروعات القوانين التى يحيلها إليه رئيس الجمهورية.

وإذا كان الدستور المصرى 71 قد شاء أن يأخذ بنظام المجلسين فى عام 1980، وإن اختلفت اختصاصات وسلطات كل منهما، كما اختلفت شروط العضوية وعدد الأعضاء ونسبة تمثيلهم وهو أمر طبيعى ومنطقى، يتفق مع طبيعة الأخذ بنظام الازدواج البرلمانى وبمناسبة اتساع دائرة الديمقراطية، والأخذ بنظام التعددية الحزبية واعتبار الصحافة سلطة شعبية، فقد بدأ مجلس الشورى مغايرًا لمجلس الشعب، ومارس كل اختصاصاته وسلطاته، وقدم العديد من التقارير فى شتى قضايا المجتمع، ثم تراجع تدريجيًا بسبب رغبة النظام فى تحويل عضوية مجلس الشورى إلى مكافأة لرجاله، بدليل أن معظم أعضائه الذين جاءوا بالتعيين منذ أول اجتماع له عام 1980 استمروا أعضاء فيه حتى حله بعد ثورة 25 يناير، وكان هناك تغير طفيف يتم فى المعينين والمنتخبين أيضاً، وكانت الحصانة البرلمانية التى يتمتع بها أعضاء مجلس الشورى مثل أعضاء مجلس الشعب هى الهدية التى قدمها النظام لرجاله بجانب مكافأة سخية وبدلات سفر، وتربيطات مع الحكومة والنظام، تقهقر مجلس الشورى وتحمل انتقادات حادة، مثل أنه مجلس المصطبة، وأنه مجلس لا يهش ولا ينش، وكان هناك حماس شديد لإلغائه عند تعديل الدستور فى 2014 لتوفير النفقات التى كانت تتحملها خزانة الدولة على مجلس لا عائد من ورائه وهو يشبه المجالس القومية المتخصصة، ورأوا الاكتفاء بمؤسسة برلمانية واحدة هى مجلس الشعب، لتوفير تكاليف الانتخابات ومجهودات الأمن لمسئوليات أخرى.

التجربة العملية لوجود غرفة برلمانية واحدة أكدت الحاجة إلى غرفة برلمانية ثانية، بعد النظر إلى الدساتير الأخرى التى كشفت عن زيادة عدد الدول التى تأخذ بنظام الغرفتين، لما يقدمه ذلك النظام من مزايا أهمها تحسين صناعة التشريع، وزيادة فاعلية الرقابة البرلمانية، وكبح جماح غرفة واحدة عندما يتجه إلى التسلط أو الاستبداد، فضلًا عن تنوع الخبراء واختلاف الشروط والأحكام فى كل مجلس من المجلسين.

وأثناء تقديم التعديلات الدستورية عام 2019 تم رد اعتبار مجلس الشورى، وعاد باسم مجلس الشيوخ، وكانت هذه العودة إحياء للحياة البرلمانية والسياسية، لأن البرلمان الذى يقوم على جناح واحد، تعتبر حياته ناقصة تفتقد التوازن فى الحياة السياسية والبرلمانية، وعهد الدستور بتعديله الجديد إلى مجلس الشيوخ الدراسة والاقتراح وإبداء الرأى فى أمهات القضايا والموضوعات التى تهم البلاد والتى منها تعزيز دعائم الديمقراطية ودعم السلام الاجتماعى والحقوق والحريات.

وبما أن ما لا يدرك كله لا يترك كله فإن مجلس الشيوخ ليس له سلطة التشريع، كما أصبحت موافقته ليست وجوبية على تعديل الدستور والقوانين المكملة للدستور، لأن هناك هدفًا من وراء ذلك، ولكل من مجلس النواب والشيوخ فلسفة يقوم عليها ليتحقق بهما معًا التوازن فى الحياة السياسية والبرلمانية فى البلاد، والأمل مازال معقودًا على أعضاء الشيوخ على الإبداع والعطاء من خلال الاختصاصات الموكولة لهم وهى كثيرة.