عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتجـــــــاه                                     

ليس لأن صندوق النقد هذا، كما وكأنه شخص مقيت، أو مخلوق تجتمع فيه سوءات الشياطين، لكن يكرهونه مؤسسة دولية، ما تدخر جهدا فى خراب دول، وجرها بشروطه الجهنمية، إلى حدود انهيار اقتصاداتها، ووضعها على لائحة الإفلاس، مثلما كان الحال، مع السودان والصومال والمكسيك، التى تحمل فقراؤها سداد فاتورة الانهيار، تحت ضغوط الصندوق، بحرمانهم من الدعم من ناحية، ورفع تكلفة المعيشة من ناحية أخرى، بسبب فرض الضرائب والتلاعب بقيمة العملة، وحتى التدخل فى إدارة السياسات الاقتصادية، وأحيانا فى الشئون السياسية، وبالتالى صارت «فوبيا» الصندوق، أكثر ما يرعب الفقراء.. ولذلك يكرهون مجرد الكلام عنه.

  ** وعندنا هنا فى مصر أيضا، شريحة واسعة من المواطنين، تشارك فقراء الدول النامية، الرغبة فى تجنب بلدانهم، التعامل مع هذا الصندوق- صندوق النقد الدولى- لكن وجه الاختلاف، أن المفاوض المصرى لم يستسلم لكل الشروط على علتها، فى حوالى 12 اتفاقا، من العام 1962 إلى اتفاق «ديسمبر» الجارى، بقرض 3 مليارات دولار، من دون تفريط فى أى مكتسبات اقتصادية، على عكس القبول بخصخصة شركات القطاع العام، وبيعها لمستثمرين من أى مكان، فى أسوأ اتفاق وقعته مصر مع الصندوق، فى العام1996، تحت عنوان «الإصلاح الاقتصادى»، الذى كانت نتائجه السريعة، تزايد معدلات البطالة، واتساع شريحة الفقراء.

  ** لكن على عكس دول، فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، اخترق الصندوق سيادتها فى حالات عديدة، أمكن لمصر تفادى لحظات الضعف أمام إغراءات الاقتراض، واحتفظت بـ«رأس الطاولة» فى المفاوضات الأخيرة لسببين.. الأول يتعلق بما يتمتع به الاقتصاد المصرى من مرونة، وقدرته على الصمود فى مواجهة الأزمات- كورونا وحرب أوكرانيا- وما اتخذته الدولة من إجراءات احترازية، كانت بمثابة نوافذ للتعافى، من أى تداعيات داخلية وخارجية.. والسبب الثانى، ربما بفضل الخبرة التراكمية، من خلال التعامل مع صندوق النقد، بإقرار حزم استثنائية لتحفيز الاقتصاد، وكذلك برامج حماية اجتماعية، لتخفيف آثار ضغوط الاقتراض.

  ** ورغم ما تخلفه قروض الصندوق، من موجات غلاء وأعباء على الأسر الفقيرة، غير أن مصر تظل عصية، على ما ألحقه صندوق النقد بدول انهارت وأعلنت إفلاسها، كما فى حالة المكسيك، عندما اقترضت 3.4 مليار دولار، فى أوائل الثمانينيات، وبدلا من نجاح خطة «بيكر» للإنقاذ، انتهت بتدمير اقتصادى كامل، ووضع الصندوق يده على الميزانية العامة، ما أدى لاتساع مساحة الفقر والهجرة القهرية، والأسوأ من المكسيك، كان السودان عام 1982، والصومال عام 1980، اللذين وضعهما الصندوق على سكة الدمار، انتهى فى الأولى- السودان- بأزمة سياسية، خسر بسببها نصفه الجنوبى، وفى الثاني - الصومال- إلى حرب أهلية وفقر يعم البلاد.

  ** ولأن لكل قاعدة استثناء، فإن دولا من بينها البرازيل وتركيا، ومعهما مصر بطبيعة ما يجرى، كانت لها تجارب مع صندوق النقد الدولى، يمكن أن تصنف على مقياس النجاح، تتقدمها البرازيل التى انتقلت خلال 5 سنوات، من دولة مفلسة عام 2002، إلى دولة منحت قروضا للصندوق، بفضل حزمة برامج اقتصادية واجتماعية، وضعت البرازيل فى صف الاقتصادات القوية، ومثلها تركيا، عندما نجحت فى سداد ديونها للصندوق عام 2015، بعد أزمة عام 2002، فى الموازنة العامة وسعر الليرة.. إلخ، وبلدنا مصر هى الأخرى، تبقى صاحبة تجارب جيدة مع الصندوق، لكن يظل رعب الأسعار وانهيار قيمة العملة، قاسما مشتركا فى عدم الرضا عن قروض الصندوق.

[email protected]