عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أول مرة أشاهد بيانا عمليا عن «شر البلية»، جيراننا دعونى لحضور مقابلة لهم مع شاب تقدم لخطبة ابنتهم فى شقتهم المجاورة لى، الشاب كما نقول على ضيق ذات اليد «على باب الله»، ويحكى عن «جمعية» سوف يقبضها لتدبير جزء من حصته فى تأسيس شقة الزوجية، كما لا يوجد لديه شقة حاليا، ولا حتى مستقبلا، وأنه يسعى للحصول على شقة برضه بدعوات الوالدة، والدعاء الذى يرجو أن يستجاب!

الذى شغل الشاب هو ما يتردد حول فتوى «الكد والسعاية» التى يخشى أن تطبق فى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، كما كان يسأل عن أشياء أخرى فى مشروع القانون، وكان انشغاله بالكد والسعاية أكثر لدرجة أننى اعتقدت أنه سيسرع فى الزواج قبل تطبيق هذا الاقتراح وتعاملت معه على طريقة شر البلية ما يضحك، لأنه خاوى الجيوب، وخاوى العقل أيضا، ولا يملك من حطام الدنيا إلا الستر والرغبة فى أن يكون له بيت وزوجة، ويبحث عن 4 حيطان يمارس داخلها حياته الزوجية فى إنجاب أطفال، ويترك الباقى على الله، هذا حقه، لا أسخر من ظروفه، وكلمته من فتوى الكد والسعاية التى ليس له علاقة بها حاليا ولا مستقبلا إلا إذا هبطت عليه ثروة من السماء، حتى هذه الثروات زمنها انتهى، فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، كما كان يبرر الذين جمعوا الثروات، أقصد نهبوا الثروات فى الماضى.

ضربت مثلاً للشاب بمن تنطبق عليه «الكد والسعاية»، من أصحاب المليارات العابرة للحدود! لكن نعود إلى الكد والسعاية كما يتم فمهما من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، والتى ورد معناها فى البند «12» من ملامح المشروع وهى: «الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كل منهما فى الثروة المشتركة التى تكونت أثناء الزواج، هذه الثروة المشتركة هى «الكد والسعاية» وتطبيقها هو إعطاء الزوجة نصيبًا من ثروة الزوج عند الوفاة إلى جانب نصيبها الشرعى من الميراث لحفظ حقوق المرأة العاملة. وأيدها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حيث دعا إلى إحياء فتوى الكد والسعاية وهى فتوى قديمة تعود إلى عدة قرون من التراث الإسلامى، ويتم العودة إليها فى ظل المستجدات العصرية التى أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة.

الفتوى القديمة لـ«الكد والسعاية» تشير إلى حصول المرأة على نصف ثروة زوجها التى حققها أثناء ارتباطه بها، وأن تأخذ فى الوقت ذاته نصيبها من الميراث.

هناك اعتراض على فكرة الفتوى، يستند المغرضون على أنه لا يوجد فى الإسلام ما يسمى بحق الكد والسعاية، وأنه عندما قضى عمر بن الخطاب رضى الله عنه لزوجة بنصف تركة زوجها المتوفى فقد كانت الزوجة شريكة لزوجها فى تجارته وذلك من باب الديون المستحقة على صاحبها رجلا كان أو امرأة قبل تقسيم تركة الميت، ولكن المؤيدين لـ"الكد والسعاية" يرون أنها للحفاظ على حقوق المرأة العاملة التى بذلت جهدا فى تنمية ثروة زوجها، ودليل على أن المعاملات الاجتماعية والتنظيمية للشئون المالية والقانونية فى حياتنا يتم التعاطى معها والاتفاق عليها بما يتناسب مع ظروف العصر وبما ورد فى نصوص القدماء.

مبررات تطبيق حق الكد والسعاية فى مشروع القانون الجديد هو خروج الكثير من السيدات للعمل ومساهمتهن فى مصروفات المنزل مع أزواجهن، ويقضى حق الكد والسعاية تحرير عقود يكتب فيها للزوجة ما تنفقه فى الحياة الزوجية حفاظا على حقوقها.. هناك الكثير من الزوجات تشاركن أزواجهن فى الحياة الزوجية من خلال عملهن، وكتابة نسبة مشاركة كل منهما فى عقود، تضمن للزوجة حقها الذى أنفقته سواء تم الانفصال أو توفى الزوج. ولا ينص حق الكد والسعاية على كتابة نسبة معينة للزوجة فى العقود التى يتم تحريرها، وإنما توضع النسبة التى ساهمت بها مع زوجها ضمانا لحقوقها.

وفى حالة زواج الزوج على زوجته التى ساهمت معه فى كل شىء، فالكد والسعاية يضمن لها حقوقها. وإذا توفى الزوج وكانت الزوجة مشاركة معه فى كل شىء، وتم تحرير عقود وبموجب حق الكد والسعاية تحصل الزوجة على نصيبها أولاً وبعد ذلك يتم إنفاق مصروفات الجنازة، وتوزع التركة. و«الكد والسعاية» يمنع حصول الورثة على أموال الزوج المتوفى الذى لم ينجب ذكورا، كما كان يحدث فى السابق، حيث كان يتم توزيع التركة فتحصل الزوجة وبناتها على حقوقهن بعد وفاة الزوج ويذهب الباقى للورثة.

دعواتى للشاب المقبل على الزواج أن يجتهد ويكد وتكون له ثروة تقاسمه زوجة المستقبل فيها من بعد مشاركتها له بأموالها، لكن الشاب قال لى: يا سيدى خدوهم فقراء يغنيهم الله ولكن فقيراً على فقير صعب هذه الأيام.

ونصحته بأن يكد ويشقى، لأن الجميع رزقهم فى السماء وما يوعدون.