رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

يوما بعد آخر تتسارع وتيرة وحدة التنافس ما بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية؛ مع توسع مبادرة الحزام والطريق الصينية حول العالم، أصبحت القارة الأفريقية والمنطقة العربية واحدة من أحدث ساحات المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. لتصبح الصين أحد أكثر الفاعلين الدوليين تأثيراً وحركية ونفوذاً فى أفريقيا والشرق الأوسط. فى المقابل الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن الصين وروسيا تنخرطان فى ممارسات غير عادلة وغير شفافة فى المنطقة، وتواصل كل من موسكو وبكين توغلهما وتوسيع نفوذهما فى افريقيا حتى أصبح مصدر قلق متزايد لصانعى القرار فى واشنطن.

نتيجة لما تقدم؛ شهدت المنطقتين العربية والأفريقية؛ أعمال القمة الأمريكية الأفريقية التى عقدت بواشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكى جو بايدن. وهى ثانى قمة منذ 2014 تجمع رئيسًا أمريكيا برؤساء تسع وأربعين دولة أفريقية. وذلك بعد خمسة أيام على انتهاء قمة صينية عربية، هى الأولى من نوعها، استضافتها الرياض يومى 9 و10 من ديسمبر حضرها الرئيس الصينى وعدد من قادة الدول العربية. كان قد سبقها قمة الرياض العربية الأمريكية منتصف يوليو 2022. وهو ما يدلل على حدة التنافس بين كلتا القوتين، حيث تكتسب منطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة فى النظام الدولى خاصة على الصعيدين الجيوبوليتيكى والطاقوى، كما أن إقليم القرن الأفريقى الحاكم استراتيجياً بين الخليج العربى وأفريقيا هو الطريق الرئيسى لحركة التجارة العالمية، وانطلاقًا من هذه الأهمية فقد كانت ولا تزال هذه المنطقة محط اهتمام العديد من القوى الكبرى.

إفريقياً؛ أصبحت القارة مؤخرًا مسرحًا للمنافسة بين الصين والولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية والتجارية، والأمنية أيضاً. حتى مع اختلاف أدوات التغلغل والنفاذ؛ فالصين استخدمت الأسلوب الأكثر نجاعة وفاعلية ممثلاً فى الدبلوماسية الاقتصادية والقروض. فى المقابل تسعى الولايات المتحدة للعب دور فى اللحاق بالركب حيث تفوقت بكين منذ فترة طويلة على واشنطن باعتبارها أكبر شريك تجارى فى القارة. 

التنافس الصينى كان محور الاستراتيجية الجيوبوليتيكية – Geopolitics لإدارة بايدن الصادرة فى أغسطس 2022 التى أشارت إلى أن «حكومات ومؤسسات وشعوب إفريقيا جنوب الصحراء ستلعب دورًا حاسمًا فى حل التحديات العالمية» عند مناقشة المشاركة المتزايدة للدول الأخرى مع إفريقيا، تقيِّم الاستراتيجية بشكل صارم أن الصين تنظر إلى إفريقيا على أنها «ساحة مهمة لتحدى النظام الدولى القائم على القواعد، وتعزيز مصالحها التجارية والجيوسياسية الضيقة، وتقويض الشفافية والانفتاح، وإضعاف العلاقات الأمريكية مع الشعوب والحكومات الأفريقية». 

تعد الصين أكبر شريك تجارى ثنائى الاتجاه لإفريقيا، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين الصين والقارة السمراء ما قيمته 254 مليار دولار فى عام 2021، متجاوزة بذلك أربعة أضعاف التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا. كما تظل الصين إلى حد بعيد أكبر مقرض إلى الدول الأفريقية. هذا التفوق الصينى الكبير كانت له انعكاساته الكبيرة فى القمة الأفريقية الأمريكية الأخيرة؛ حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن التزامها بمبلغ 55 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة لأفريقيا يتجاوز التزام الصين البالغ 40 مليار دولار لإفريقيا خلال مؤتمر FOCAC 8 لعام 2021 ووعد روسيا بقيمة 12.5 مليار دولار فى الصفقات فى القمة الأولى بين روسيا وأفريقيا فى عام 2019.

ولكن ما الذى يريده كل من الأفارقة والعرب بالضبط من الولايات المتحدة ومن الصين من حيث الاقتصاد والتجارة، الأمن والطاقة؟

الشعوب والحكومات العربية والأفريقية تتذكر بقلق الحرب الباردة، عندما خاضت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى حروبًا بالوكالة فى إفريقيا، وما نتج عنها من تداعيات سلبية على الاقتصاديات والمجتمعات العربية والأفريقية حتى اليوم، يجعلهم قلقين من التنافس بين القوى العظمى. هنا ينظر البعض إلى الصين كنموذج إيجابى للتنمية. على العكس تتطلب المصالح الأمريكية الضغط على الكتلة العربية – الأفريقية للتوجيه والاختيار، كما حدث عندما ضغطت الولايات المتحدة على الدول الأفريقية والعربية للتصويت لإدانة الغزو الروسى لأوكرانيا فى الأمم المتحدة (امتنعت الصين عن التصويت).

وإذا كانت المنافسة الجيوسياسية مع الصين - وإلى حد ما روسيا - قد دفعت الولايات المتحدة إلى الاستماع إلى الاحتياجات التنموية لأفريقيا والعرب بشكل أكبر، فمن المؤكد أن هذه القمة يمكن تصنيفها على أنها فوز لأفريقيا. نفس الأمر بالنسبة للقمة الصينية – العربية، لكن حتى لو تم تصنيف كلا القمتين الأمريكية والصينية على أنهما فوز لأفريقيا والعرب، يجب أن تستند السياسة الأفريقية العربية إلى تقييم واقعى للتنافس الصينى الأمريكى فى المنطقة الأفروعربية، تقييم يقدر المنظور العربى الأفريقى ومصالحهما الوطنية. فقد وجب أن يبدأ العمل الفعلى الآن، من أجل جعل الالتزامات حقيقة واقعة على النحو الذى يلبى المصالح الأفريقية - العربية. لذا تبدو الحاجة ملحة لتعاون ومسعى عقلانى عربى – أفريقى يعضد مصفوفة المصالح الوطنية لدول المنطقة. مصر بما لها من ثقل عربى – أفريقى هى الفاعل الوحيد المتهيئ للعب دور رئيسي فى تنظيم منظومة المصالح باعتبارها حلقة الوصل والجمع عربيا وأفريقيا.