رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قناة السويس ملك الشعب المصرى بالكامل فوض الدستور الدولة فى حمايتها وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها، كما تلتزم «طبقا للمادة 43 من الدستور» بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزا اقتصاديا متميزا.

وفى الواقع أن قناة السويس ليس مجرد ممر مائى استراتيجى محفور على أرض مصر.. بل هى تاريخ من النضال محفور فى ذاكرة المصريين على مدى أكثر من 150 عاما.. تاريخ من «التحدى والاستجابة».. تحدى قوى الطبيعة وقوى الشر والعدوان.. واستجابة شعب مصر بقيادته ورجاله وعلمائه وعزيمته الجبارة. فقد اختلطت مياه القناة مرارا بدماء الشهداء من خيرة أبناء الشعب.. شهداء حفر القناة على مدى عشر سنوات «1859 - 1869» وشهداء مقاومة الغزاة والمحتلين فى 1948، 1956، 1967، 1973، وشهداء الدفاع المستمر عن أمن واستقرار مصر على مر السنين، وعلى رمال القناة انسكب عرق المصريين الذين حفروها، والذين أبهروا العالم بإدارتها وصيانتها وتطويرها الدائم منذ استعادة ملكيتها إلى شعبها بقرار التأميم التاريخى فى عام 1956.

وبنفس الروح والعزيمة، كان إنشاء قناة السويس الجديدة عام 2016، رمزا جديدا على عبقرية القيادة وقوة الإرادة، وكفاءة الإدارة، التى حققت هذا الإنجاز بأعلى معدلات ومعايير القرن الواحد والعشرين وفى زمن قياسى غير مسبوق. إن إنجاز قناة السويس الجديدة كان ملحمة لا تقل عن الملاحم الكبرى فى تاريخ القناة.. بل كان افتتاحها إيذانا بانتقال مصر من حالة اليأس والارتباك التى تعرضت لها منذ عام 2011، إلى استعادة الثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز.

إن مصر على مدى تاريخها الطويل لم تكن بمنأى عما يدور فى العالم البعيد عنها، وشاءت أقدارها أن تكون همزة الوصل بين أوروبا والعالم الشمالى بدول العالم الجنوبى، عندما حفرت قناة السويس لتكون شريان حياة لدول كثيرة فى عالمنا اليوم.. وبداية لبزوغ فجر جديد لاتصال الشمال بالجنوب والشرق بالغرب وبداية لعصر التكامل بينهما، حيث تعد بمثابة التفعيل الأول لموقع مصر الاستراتيجى. أما التفعيل الثانى لموقع مصر الاستراتيجى الذى تبناه الرئيس عبدالفتاح السيسى هو مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بما يحمله من قيم مضافة ترتكز على قناة السويس القديمة والجديدة ويعتمد فى المقام الأول على قوة مصر فى البحر، ويعود تاريخ مصر البحرى إلى آلاف السنين إلى ما قبل حتشبسوت ورحلتها الشهيرة لبلاد بونت وللفرعون نخاو ذلك الفرعون المصرى الذى قام بالرحلات البحرية الطويلة، ويكفى حاليا أن ما يقرب من 95٪ من حجم التجارة العالمية يتم نقلها بحرا.

ومنذ أن افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى قناة السويس الجديدة رسميا فى أغسطس 2015، ووقع وثيقة التشغيل الفعلى للقناة، وهو يأمل فى أن تسهم فى تحسين الاقتصاد المصرى من خلال رفع الدخل القومى وتوفير فرص عمل جديدة وخلق مجتمعات حضارية جديدة وتعزيز أرباح العملة الصعبة، وتحدث الرئيس بهذه المناسبة عن آفاق تشغيل هذه القناة وعائداتها على الاقتصاد والشعب المصرى، كما شكر كل من ساهم وعمل على إنجاح هذا المشروع الوطنى الذى أنجز فى فترة قياسية. كان افتتاح هذا المشروع الذى حضره زعماء ورؤساء وأمراء العديد من الدول العربية والأجنبية يمثل انطلاقة لمشروعات جديدة من بينها مشروع تنمية منطقة قناة السويس وتوسعة ميناء شرق بورسعيد.

الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد تحدث عن فكرة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، ومدى أهمية أن يكون هناك ملاءة مالية ضخمة لهذا الصرح العملاق، وذلك فى كلمته خلال المؤتمر الاقتصادى الذى عقد مؤخرا.

الرئيس قال إن الهيئة اعتادت أن توجه دخلها إلى الموازنة العامة للدولة، موضحا أنه سأل رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس عما تملكه الهيئة فى ذلك الوقت من أموال، فأجاب: «لا يوجد».

وأضاف الرئيس: «قلت له إزاى مؤسسة عملاقة زى دى ميكنش لها ملاءة مالية بـ300 أو 400 مليار، موضحا أنه أبلغ رئيس الهيئة بإنشاء صندوق إيرادات الهيئة مع العمل على تنميتها، وعدم إنفاق أى شيء إلا بالعودة إليه أى إلى الرئيس. ونوه بأن الصندوق به نحو 80 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يصل إلى 300 أو 400 مليار خلال 4 سنوات، وبالتالى تكون الملاءة المالية كبيرة».

وفى تصريحاته، استذكر الرئيس واقعة مشابهة مع وزير الإسكان، حيث سأل الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، وقت أن كان وزيرا للإسكان عن أموال هيئة المجتمعات العمرانية فأجاب بأنه يوجد بها 750 مليون جنيه.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء فى تلك الفترة الدكتور شريف إسماعيل ووزير المالية آنذاك الدكتور هانى قدرى، طالبا بالحصول على أموال هيئة المجتمعات العمرانية مع توفير أى استثمارات ترغب الهيئة فى إبرامها. ولفت الرئيس إلى أنه رفض هذا الطلب، وأصر على أن تظل الأموال مع هيئة المجتمعات العمرانية على أن تتم متابعتها، ويكون وزير الإسكان مسئولاً عن كل مشروعات البنية الأساسية لوزارة الإسكان. ونوه بأنه مع تنفيذ مشروعات مبادرة حياة كريمة، تتولى المسئولية هيئة المجتمعات العمرانية، موضحا أن الأموال إذا ما كان قد تم تحويلها إلى وزارة المالية كان من الممكن إعادة تخصيصها، لكن هذا المسار لا يحقق النجاح، على حد وصف الرئيس متابعا: «أنا بسيب كل مسئول يطحن نفسه علشان يشتغل».

صندوق هيئة قناة السويس الذى تحدث عنه الرئيس السيسى كان لا بد أن يصدر من خلال قانون يناقشه مجلس النواب، وتم عرضه بالفعل فى جلسة الاثنين الماضى والهدف من المشروع هو زيادة قدرة الهيئة على المساهمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله، وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها، وتمكين هيئة قناة السويس من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التى تحدث نتيجة أى ظروف استثنائية. كما يساهم الصندوق الذى تم إنشاؤه بموجب، مشروع القانون بمفرده أو مع الغير فى تأسيس الشركات أو فى زيادة رؤوس أموالها والاستثمار فى الأوراق المالية وشراء وبيع وتأجير واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة.

الصندوق ليس لبيع قناة السويس إنما سينميها ويحصل الإيرادات ويعظمها ويستثمرها وينفقها على القناة، وستظل قناة السويس وإدارتها مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين.

من حق الشعب ونوابه أن يقلقوا، ويغضبوا، ويستفسروا، ومن حق الحكومة أن توضح وترد بالحقائق لأن قناة السويس من أهم ما تملك مصر، وخاصة أنها أنشئت بدماء وأموال هذا الشعب منذ أجداده عيسى وعويس حتى اليوم.

ومن حقه أن يطمئن بأن قناة السويس ليست للبيع وهو ما يحافظ عليه الرئيس السيسى عندما وجه بضرورة تنميتها، وأكده مجلس النوب على لسان رئيسه المستشار الدكتور حنفى جبالى.