رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

الإدارة المحلية شكل من أشكال التنظيم المحلى، يتم بموجبه توزيع المهام الإدارية بين الحكومة المركزية وهيئات محلية منتخبة ومستقلة، تؤدى وظيفتها تحت إشراف الحكومة المركزية ورقابتها، وتكون مسئولة أمام سكان تلك الوحدات، وتقوم بمهام مكملة لمهمة الحكومة المركزية.

عرفت مصر الإدارة المحلية منذ تقسيم أرض الدلتا إلى قسمين رئيسيين: الريف والحضر فى أعقاب فتح مصر عام 641م، وكانت البدايات الأولى للنظام المحلى الحديث تعود إلى عهد الحملة الفرنسية، حيث قام نابليون بونابرت بإنشاء ديوان القاهرة ثم عمم الدواوين فى جميع مديريات القطر المصرى وفقاً للأمر الصادر فى 27 يوليو 1798، قُسمت البلاد إلى 16 مديرية، ومع تولى محمد على الحكم قسمت البلاد إلى 14 مديرية، وقسمت المديريات إلى مراكز.

كان تطبيق مصر لأول نظام للإدارة المحلية بمقتضى القانون 1883، حيث أسست مجالس المديريات كفروع للإدارة المركزية، وإن كانت هذه المجالس لم تتمتع بالشخصية المعنوية، فضلا عن أن اختصاصاتها كانت استشارية، وأعقبها العمل بنظام المجالس البلدية لأول مرة عندما تأسست بلدية الإسكندرية ومنحت الشخصية المعنوية فى 5 يناير 1890، الأمر الذى جعل لها شبه استقلال عن شخصية الحكومة ولها ميزانية مستقلة.

كان أول اعتراف دستورى بالنظام المحلى المصرى فى المادتين 132، 133 من دستور 1923 وفى تلك الفترة صدرت عدة قوانين بإنشاء المجالس البلدية مثل مجلس بلدى القاهرة، وبلدى الإسكندرية، وبلدى بورسعيد.

تطور نظام الإدارة المحلية فى مصر عبر الدساتير والقوانين، وخصص دستور 2014 الحالى 9 مواد للإدارة المحلية، تتضمن تقسيم الدولة لوحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وكفالة الدولة لدعم اللامركزية وتمكنت الوحدات المحلية ومعاونتها من تحقيق العدالة الاجتماعية واستقلاليتها المالية والإدارية، وانتخاب أو تعيين المحافظين، وتشكيل المجالس المحلية بالانتخاب بحيث تتضمن 25٪ من مقاعدها للشباب 25٪ للمرأة، 50٪ للعمال والفلاحين، وتمثيل المسيحيين وذوى الاحتياجات الخاصة تمثيلا مناسبا.

نص دستور 2014 على استمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم (بعد حل المحليات فى 2011) إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من نفاذ مواده، وبالتالى أصبح من الضرورى إصدار قانون جديد للإدارة المحلية يتوافق مع الدستورية من ناحية، ويستجيب للتطورات المعاصرة من ناحية أخرى. ولكن على الرغم من ذلك مازال مشروع قانون الإدارة المحلية يتعثر فى مناقشته منذ فبراير عام 2017، وقد أدى ذلك إلى إثارة العديد من التساؤلات والشكوك حول مدى الجدية فى أن يكون هناك قانون جديد للإدارة المحلية التى مضى على حلها حوالى 12 عاما، دون أن تكون هناك مجالس بديلة لها، أو حتى مجالس مؤقتة تتولى القيام بدورها إلى حين انتخاب مجالس جديدة.

التأخير فى إصدار قانون المحليات يدفع إلى السؤال هل هو الخوف من التوسع فى سلطات المجالس المحلية الذى يؤدى إلى إضعاف الحكومة المركزية، هذا الخوف مبالغ فيه، فنقل سلطات للمحليات وإعطاؤها الحق فى استجواب رؤساء الوحدات المحلية لا يعنى أنه دور الحكومة المركزية، كما أن اللامركزية لا تعنى الفيدرالية التى وإن كانت شكلا من أشكال اللامركزية، إلا أنها ليست الشكل الوحيد، فهناك أشكال أخرى للامركزية منها الحكم المحلى، والإدارة المحلية اللذان يناسبان الحكومة، كما أن مصر ليست فى حاجة إلى الفيدرالية التى تحتاج إليها الدول المتعددة القوميات واللغات والعرقيات، إن تطبيق اللامركزية والتوسع فيها لا يعنى غياب الحكومة المركزية التى تظل علاقتها قوية بالوحدات المحلية، من خلال مؤسسات وأدواتها الرقابية.

إصدار القانون وإجراء انتخابات المحليات مقدمة مهمة لإصلاح المحليات باعتبارها الضمان الحقيقى للتنفيذ الفعال للسياسات العامة للدولة، وبداية الطريق الحقيقى للتنمية لتحقيق إدارة محلية فعالة ذات كفاءة عالية تستجيب للمتطلبات الاجتماعية، وتؤدى إلى نمو حالة من الرضا الشعبى تجاه سياسات الحكومة فى معالجة قضايا المواطنين، وذلك فى إطار استراتيجية شاملة تنطلق من أهداف محددة، حيث إن التعامل بشكل جزئى أو فردى مع قضايا الإدارة المحلية سيؤدى إلى نتائج محدودة ومتواضعة وتشمل قضية إصلاح المحليات صياغة رؤية استراتيجية لإعادة إحياء دور المحليات بما يتوافق ويرضى حاجات المواطنين، فى مقدمتها تعديل التشريعات واللوائح التى تحمل عمل المحليات، بحيث يتم تفعيل الدور الرقابى للمجالس الشعبية المحلية وتوسيع اختصاصاتها، وتعديل شروط عضوية المجالس الشعبية المحلية، والعمل على تحقيق التوازن فى السلطات بين المجالس المنتخبة والمجالس التنفيذية المعنية مع إعطاء المجلس الشعبى المحلى حق استجواب المجلس التنفيذى بضوابط واضحة ومحددة لضمان الممارسة السليمة لحق الاستجواب. وتوفير نظام خدمة مدنية مستقل يراعى تلافى ازدواج تبعية الموظف وولائه بين الحكومة المركزية والسلطة المحلية، بحيث يكون ولاؤه بالكامل للسلطة المحلية، وإصلاح هياكل الأجور والرواتب لمكافحة الفساد، والمرونة فى نظام الحوافز لجذب الكفاءات للعمل بالوحدات المحلية، والأخذ بسياسة التدوير الوظيفى خاصة فى الجهات التى تعانى من ارتفاع معدلات الفساد ووضع مواثيق أخلاقية وسلوكية لمعالجة المشاكل واتخاذ القرارات الفعالة وتزويد الوحدات المحلية بآليات تسمح لها بالنفاذ إلى مصادر الإقراض المختلفة من أجل مساعدتها على تجاوز قيود الموازنة العامة، ومنحها قدرًا أكبر من الاستقلالية فى تحديد أولويات الانفاق، وتمويل نفسها بموارد محلية من خلال البحث عن مصادر جديدة للإيرادات.