عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قال أحد الفقراء: «كنت أبكى لأننى أمشى حافيا، لكنى توقفت عن البكاء عندما رأيت رجلا بلا قدمين».

الفقر وحش بأنياب، ولا يخلو أى زمان أو مجتمع من وجود الفقراء، والفقر هو نوع من نقص الإمكانيات والموارد لدى فئات معينة من الأفراد، ومن الممكن أن يكون فقرا ماديا أو معنويا، ولا يزال الفقر ظاهرة ريفية فى الغالب، فمعظم الفقراء فى العالم يعيشون فى المناطق الريفية.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود حوالى 1٫3 مليار شخص فى العالم يعيشون فى فقر متعدد الأبعاد، وهم غير قادرين على الوصول إلى الخدمات الأساسية، ويسعى البنك الدولى إلى تخفيف حدة الفقر فى العالم وإنهاء الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك، بعد ترشح أعداد الفقراء للزيادة فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتغير المناخ، ما أدى إلى ابطاء وتيرة الحد من الفقراء، وتسبب ذلك فى انخفاض الدخل، وفقدان البعض لوظائفهم، وتوقف العمل اثناء الجائحة، الأمر الذى أضر بالأسر الفقيرة، حيث ينفق الشخص العادى فى البلد المنخفض الدخل نحو ثلثى دخله على الغذاء، حيث يشكل هذا الرقم ما يقرب من 25٪ من دخل نظيره فى البلد مرتفع الدخل.

وتقوم الحكومات بالتخفيف من آثار ارتفاع معدلات التضخم على الأسر الفقيرة من خلال سياسات الحماية الاجتماعية مثل قيام مصر باطلاق مبادرة حياة كريمة لدعم ملايين الأسر المصرية فى الريف والمناطق القروية فى الصعيد، وتقديم حزمة من الدعم الاجتماعى للموظفين وأصحاب المعاشات والعمالة الموسمية غير المنتظمة، ودعم المرأة المعيلة، والمنتفعين من التضامن الاجتماعى، بهدف تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية، كما قامت مؤسسات الدولة بتوفير السلع فى الأسواق، ومنع الاحتكار، وإنشاء أسواق توفر السلع بأسعار فى متناول محدود الدخل، واستطاعت مصر تخفيض نسبة الفقر لأكثر من 2٪ منذ 20 عاما بفضل سياسة رعاية المهمشين.

وتشير البحوث إلى أن نيران الأزمات الاقتصادية ستظل تلاحق العالم حتى عام 2030، وفى ظل هذه الظروف، أصبح هدف العالم هو خفض معدل الفقر المطلق العالمى إلى أقل من 3٪ بحلول عام 2030، الأمر الذى كان بالفعل فى خطر قبل الجائحة، وبعيد المنال ما لم تتخذ البلدان تدابير سريعة ومهمة وملموسة على صعيد السياسات.

لقد أصبح القضاء على الفقر بجميع أشكاله هو من أولويات الأهداف الـ17 لخطة التنمية المستدامة 2030، عن طريق انشاء أطر سياسية سليمة على المستويين الوطنى والإقليمى، وتستند خطط القضاء على الفقر إلى استراتيجيات انمائية يتمتع بها الرجال والنساء ولا سيما الفقراء بنفس الحقوق فى الحصول على الموارد الاقتصادية والخدمات الأساسية وعلى حصر ملكية الأراضى والتصرف فيها وغيرها من الحقوق المتعلقة بأشكال الملكية والميراث، والحصول على الموارد الطبيعية، والوصول للتكنولوجيا الجديدة الملائمة والخدمات المالية بما فى ذلك تمويل المشاريع الصغيرة بحلول عام 2030.

وتعتبر الزيادة السكانية فى مصر أهم التحديات التى تواجه مسيرة التنمية والسبب الرئيسى لمشكلة الفقر، حيث تزداد نسبة الفقراء مع زيادة حجم الأسرة لأن زيادة حجم الأسرة سبب ونتيجة للفقر فى نفس الوقت، فهو نتيجة لأنه ليس لدى الأسر الفقيرة الحماية الاجتماعية الكافية، وبالتالى تلجأ الأسر إلى زيادة عدد الأطفال كنوع من الحماية الاجتماعية عند التقدم فى السن أو الإصابة بالمرض باعتبارهم مصدرا للدخل.

وتظل الزيادة السكانية من أبرز الملفات التى تخطى باهتمام الدولة المصرية، وتم ترجمة هذا الاهتمام فى صورة قرارات على أرض الواقع.

وذلك من خلال وضع استراتيجية السكان 2030 للتعامل مع هذا الملف، وتتضمن خارطة طريق مواجهة الزيادة السكانية فى مصر اطلاق حوار مجتمعى لبناء مساندة شعبية لتبنى السياسة القومية للسكان، ورسم سياسة للإعلام السكانى، تلتزم بها المؤسسات الإعلامية، ومراجعة الإطار المؤسسى للبرنامج المكانى المصرى وضع آلية محكمة للمتابعة والتقييم، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من أجل وضع المشكلة السكانية فى بؤرة الاهتمام، ورصد الموارد اللازمة للتعامل الفعال مع البرامج والأنشطة السكانية فى ضوء الوفر الذى يحققه خفض معدلات الانجاب على كل مجالات الخدمات فى مصر، واعداد المستهدفات الكمية للمتغيرات السكانية و وضع مستهدفات متوسطة وقصيرة الأجل تتم متابعتها بصفة دورية، ووضع تقديرات النمو السكانى وإعداد المواليد فى الاعتبار عند التخطيط للمرافق والخدمات المختلفة فى الدولة.

ولا يزال الفقر مشكلة عالمية ضخمة الأبعاد، وهو قضية من قضايا حقوق الإنسان، كما أنه ظاهرة عالمية تعيشها كل الدول بدرجات متفاوتة، ولا يقتصر على البلدان النامية.

يقول عباس بن الأحنف: يمشى الفقير وكل شيء ضده، والناس تغلق دونه أبوابها، وتراه مبغوضا وليس بمذنب، ويرى العداوة لا يرى أسبابها، حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة، خضعت لديه وحركت أذنابها، وإذا رأت فقيرا عابرا، نبحت عليه وكشرت أنيابها»!