رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يؤكد التاريخ أن مصر تعرضت لأزمات اقتصادية أيام حكم سلاطين المماليك، أثرت فى حياة المصريين خصوصاً البسطاء والفقراء، ما دفع بعض السلاطين لمد يد العون للأهالى فى محاولة لتخفيف شدة الفقر عليهم، واستعانوا فى سبيل تخفيف الأزمات عن كاهل المواطنين بوسائل عديدة.

عندما قل الخبز أيام حكم السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى فى ربيع الآخر سنة 622هـ، وارتفع سعر السلع، بدأ الناس يبحثون عن الطعام خارج أسوار مدينة القاهرة، فذهبوا إلى الأراضى الزراعية، وأكلوا ورق اللفت والكرنب وعروض الفول الأخضر من شدة الجوع، وعدم علم السلطان بيبرس، نزل إلى دار العدل، وألغى تسعير السلع، وأمر القائمين على مخازن الغلال ببيع 500 أردب يومياً لضعفاء الناس، على أن يسمح لكل فرد بشراء ويبتين فقط «ويقدر الأردب بـ6 ويبات» وذلك لمنع الوسطاء من شراء الغلاء وتخزينها. كما أمر بحصر عدد الفقراء بالقاهرة والمدن المصرية، ثم وزع مسئولية إطعامهم على رجال الدولة والأثرياء، وأمر بأن يصرف لكل فقير رطلان من الخبز لمدة 3 أشهر.

وعندما اشتدت أزمة ارتفاع الأسعار فى مصر عام 736هـ، ووصول سعر أردب القمح من 15 درهماً إلى 50 درهماً، وأردب الفول إلى 50 درهماً  وقيام ولى الأمر بالامتناع عن بيع الغلال لتحقيق أرباح أكثر مستقبلاً، قام السلطان الناصر محمد بن قلاوون باستيراد القمح والغلال من غزة والكرك والشوبك من الشام ثم أمر ببيع أردب القمح بسعر 30 درهماً ومن يبع بأكثر من هذا يسلب ماله، فلجأ الأمراء إلى بيع القمح سراً عن طريق السماسرة بسعر 60 درهماً للأردب، وهنا قرر السلطان، تعيين محتسب جديد هو ضياء الدين بن الخطيب، ومنحه سلطات واسعة، فذهب إلى مخازن الأمراء وحصر ما فيها من غلال ودونها فى سجلات، وأجبر الأمراء على عدم خروج الغلال إلا بموافقته أو بيعها إلا بالسعر المحدد بـ30 درهما للأردب، ومن رفض تعرضت أملاكه للسلب والنهب من قبل الحرافيش والسوقة، وأسهمت هذه الإجراءات فى توفير السلع وخصوصاً القمح، وعادت الأفران للعمل وتوفير الخبز لمن يطلبه، للتخفيف من المعاناة.

وكما تفاعل السلاطين مع الأزمات، بادر بعضهم بأعمال الخير مساهمة منهم فى تحسين حياة البسطاء، بداية من تخفيض أو إلغاء بعض الضرائب حتى تخصيص الأوقاف التى تم إنشاؤها خلال فترة جلوسهم على عرش مصر. منهم سلاطين بنوا المستشفيات لعلاج الفقراء بالمجان، وأشهرها بيمارستان قلاوون الموجودة حالياً فى شارع المعز، كما انشأوا الأسبلة لتوفير الماء للبشر والدواب، والمدارس المخصصة لتعليم الطلاب مثل مدرسة السلطان حسن.

لقد صنعت موجات الأوبئة والغلاء صوراً متنوعة من تفاعل السلاطين لمواجهة المجاعات، واستطاع بعضهم النجاح فى تخفيف الأزمات التى واجهها الناس، وبعضهم كانت موجة الغلاء أكبر منهم. كان الفقراء عندما كانت ترتفع الأسعار، يسعون للفت نظر السلاطين، لأنهم الأجدر على ضبط حالة الأسواق، وكان الفقراء فى هذه الفترة قد لجأوا إلى تناول أغذية غريبة بسبب المجاعة مثل خبز الذرة أو النخالة، ولجأوا إلى التسول، فكان يكثر الشحاذون فى طرق ودروب القاهرة، كما كانت تحدث الاضطرابات، أو الهجرة من الريف إلى المدينة، وكان السلاطين محبين لتخليد أسمائهم، كما كانوا محبين للخير، لذلك اهتموا ببناء مؤسسات دينية وخيرية تحمل أسماءهم، تقرباً لله ومساهمة منهم فى تخفيف المعاناة اليومية عن سكان القاهرة.