رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

تستمر ذكرياتى مع الدكتور «بطرس غالى» عبر اللقاءات التى أجريتها معه، إنه الأكاديمى اللامع الذى مارس العمل الأكاديمى على مدى ثلاثين عاماً، ولهذا كان من الصعب عليه القبول بالمنصب الوزارى عندما اختاره الرئيس السادات فى أكتوبر 77 ليشغل منصب وزير دولة للشئون الخارجية، يومها حاول أن يعتذر ولكن تعذر عليه ذلك. حاول التملص حتى لا يتخلى عن العمل الفكرى والشئون الدولية والبحث والدراسات والمؤتمرات من أجل منصب لا يدرك الغرض من ورائه. يبدو أنه اضطر فى النهاية إلى القبول به بعد إلحاح، وفى 26 أكتوبر 77 قام بأداء اليمين الدستورية، ويتطرق الدكتور «بطرس غالى» فى حديثى معه إلى العراقيل التى كان يحلو للدول الكبرى وضعها أمامه، فيعرض لما حدث له مع الرئيس الفرنسى «جاك شيراك» الذى تدخل بقوة لمنع إعادة انتخابه لدورة جديدة فى المنظمة الفرانكفونية ويردف قائلاً: كان هذا غريباً لا سيما وأن «جاك شيراك» هو الذى رشحنى لرئاسة منظمة الأمم المتحدة، وكان له دور بارز ومؤثر جداً فى أن أتولى منصب الأمين العام للمنظمة الدولية.

أما سبب الانقلاب عليه من القوى الكبرى، ومحاولة قطع الطريق عليه فهو اعتزازه بشخصه، وعدم الخوض لشروط الإذعان والإملاءات التى تفرضها هذه القوى رغم علمه بأنه قد يدفع منصبه ثمناً لمواقفه هذه، ولقد رأينا النموذج واضحاً عندما أصر على نشر تقرير حول «مجزرة قانا» التى ارتكبتها إسرائيل فى أبريل 96، فأثار غضب أمريكا التى رأت أن نشر التقرير من شأنه إحراج إسرائيل أمام الرأى العام العالمى، كما سيتسبب فى الضرر لحليفها «شيمون بيريز» فى الانتخابات الإسرائيلية آنذاك، ولهذا سارعت فعارضت التجديد للدكتور «بطرس غالى» فترة ثانية كأمين عام للأمم المتحدة.

إنه الدكتور «غالى» الذى نهض فى حياته بمسئوليات وأعباء جسام أكسبته شهرة ومكانة مرموقة سواء فى المجال الأكاديمى أو فى العمل السياسى أو فى منصبه كأمين عام للأمم المتحدة «91 - 96»، أو كأمين عام للمنظمة الفرانكفونية «97 -2002»، أو فى رئاسته للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، حيث كانت له إسهامات كبيرة فى مجالى القانون الدولى وحقوق الإنسان. كان للدكتور «غالى» دور بارز فى المباحثات التى أفضت إلى معاهدة «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل. وفى معرض تعقيبه على ذلك قال لى: «عندما قررت مصر أن تخوض معركة السلام فإنها صممت على أن يكون السلام بينها وبين إسرائيل هو الوسيلة للوصول إلى تحقيق السلام فى كل المنطقة، وأن تكون التسوية الشاملة هى الأساس، وأضاف قائلاً: إن الحرب فى الشرق الأوسط لن تكون فى العقود القادمة على السياسة بل على المياه.

كان مهموماً بالقضية الفلسطينية، وكثيراً ما أكد لى على وجوب التوصل إلى تسوية سلمية عادلة للمشكلة الفلسطينية كشرط ضرورى لاستقرار الأوضاع فى المنطقة، ولهذا يتعين على إسرائيل الانسحاب الكامل من الأراضى العربية التى احتلتها فى 67 بما فى ذلك القدس العربية، وإلى ضرورة احترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى وحقوق الإنسان، ويتعين عليها وقف بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، واحترام الهوية العربية للشعب الفلسطينى وحقه فى الحياة والأمن وفى ممارسة حقوقه المشروعة بما فى ذلك حقه فى تقرير مصيره وأن تكون له دولته المستقلة.

وللحديث بقية..