عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

استكمالا للحديث الذى بدأناه الأسبوع قبل الماضى حول وضع العاصمة الإدارية، فإن المهم بعيدا عن الجدل الحاصل حولها، والذى لخصنا جانبًا منه، هو تحويلها إلى جزء حقيقى من البقعة العمرانية المصرية. فليس المهم الآن حجم ما تم إنفاقه عليها، قل أم كثر، وليس المهم ما إذا كانت الخيار الأمثل، أم غير الأمثل؟ فذلك كله مما قد يدخل إذا ما طال الحديث بشأنه فى عداد ما هو معروف بالجدل البيزنطى. وإنما المهم أن تتحول صورة العاصمة من تلك الأرض التى تقع فى الصحراء وتنفق عليها مصر بسخاء إلى تلك الأرض الملغمة بالبشر، وليتحقق جانب من الحلم أو الهدف من وراء إنشائها باستيعاب جانب من الزيادة السكانية فى مصر.

سبب هذا الكلام هو أن العاصمة هى جزء من كل، هى مصر الأخرى، وإذا كان الكل يعانى من مشاكل مختلفة ولأسباب متعددة، فإن ذلك لابد أن ينسحب على الجزء، وأن يعانى من ذات المشاكل واكثر. وللتدليل على ذلك فإن العاصمة كان من المفترض أن تكون الآن فى مرحلة من مراحل نضوجها، غير أنه للأسف ولظروف فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن أسباب أخرى، ألقت هذه التطورات بتأثيراتها السلبية عليها كما على مصر ككل وعلى العالم أجمع.

ولذلك حسنا فعلت الإدارة القائمة على العاصمة بوقف العمليات الخاصة بالتوسع والتركيز على ما تم البدء فيه بالفعل، تسريعا للإنجاز وتضييقا لدائرة العمل لتحسين معدل التنفيذ. وإذا كانت العاصمة قد أصبحت على خريطة اهتمام المصريين، بشكل تجاوز اقتصار الموجودين بها على العمالة الإنشائية، فإن الإنصاف يقتضى الإشارة إلى أن وضعها الحالى يمثل بشكل أو بآخر نوعًا من الفرص الضائعة، حيث يمكن للزائر للعاصمة أن يلمس حجم المشروعات المنجزة وغير المأهولة والتى من المتصور أنه لو تم سكناها لتغير وجه المنطقة تماما.

يؤكد ذلك أن الخطط الحكومية المعلنة عن الانتقال إلى العاصمة تأجلت أكثر من مرة وتم إبطاء معدل تنفيذها مرات أخرى. بصراحة، وليس أفضل من الصراحة فى مثل هذه القضايا بالغة الحيوية، فإن النهوض بالعاصمة يقتضى رؤى غير تقليدية من تلك التى يحلو للبعض توصيفها بأنها «خارج الصندوق»، ولعله كان على رأس هذه الرؤى القطار الكهربائى الذى لابد غيّر كثيرًا من سبل الوصول إلى العاصمة بعيدًا عن كلفته وسعر تذكرته وهو الأمر الذى تم تداركه بشكل موفق.

الحديث عن العاصمة يذكرنى بتجربة كنت قد عاصرتها فى دبى حيث تم إنشاء مدينة فى قلب الصحراء هناك تسمى مدينة التنين الصينى أو شيئًا من هذا القبيل كانت عبارة عن مركز تسوق صينى بالغ الضخامة ومساكن للعاملين فى المركز من أبناء الجالية الصينية. كانت المنطقة تتحول إلى خلية نحل من الصباح حتى منتصف الليل ثم تنقطع بها الحياة سويعات قليلة إلا من ساكنيها الصينيين وكانت تلك النواة التى تم بها تعمير المنطقة وأستطيع أن أتخيل شكلها الآن بعد كل هذه السنوات. شئ من هذا القبيل جاذب للحركة ويقرب فكرة العاصمة من عقل المواطن المصرى حتى لو لم يكن من أجل أن يقطنها. لو تم هذا إلى جانب مجموعة إجراءات أخرى تيسر السكن على حاجزى الوحدات المختلفة هناك مع مجموعة مدارس دولية إلى جانب الجامعة أو الجامعات التى بدأت هناك.. أتصور أن شكل الحياة فى العاصمة سيختلف كثيرًا.. مع خدمة باصات نقل جماعى من وسط القاهرة إلى هناك والعكس.. وقتها فعلا يمكن أن نجعل الكثيرين يعضون أصابع الندم على أنهم لم يقبلوا على التفكير فى بدء رحلة الانتقال إلى العاصمة الإدارية.

 

 

[email protected]