عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

دستور 1971 هو الذى سمح بأن أوجه السؤال إلى عضو مجلس الشعب: أنت حالياً مراقب بضم الميم، وفتح الراء وكسر القاف، أم مراقب بضم الميم، وفتح الراء ونصب القاف، والفرق بين الكلمتين كبير جداً، مراقب بكسر القاف هو الذى يقوم بأعمال الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، يسأل رئيس الوزراء ويقدم إليهم طلبات الإحاطة والاستجوابات، ويوجه إليهم الاتهامات إذا اكتشف أى تقصير فى أداء أي منهم.

أما مراقب بفتح القاف، فهو الذى يعمل موظفاً عند الوزير فى وزارته، يأخذ منه التعليمات، ويجنى الاستحسان والتأنيب، والعقوبات والمكافآت، رغم أنه نائب فى البرلمان إلا أنه موظف أيضاً يجمع بين العملين التنفيذى والنيابى وكان دستور «71» يسمح بذلك، واستمر هذا النظام لمدة 40 عاماً.

أضف إلى ذلك أن المادة 134 من دستور «71» كانت تجيز لرئيس الوزراء والوزراء أن يكونوا أعضاء فى مجلس الشعب، مما خلق ازدواجاً بين عمل الوزير التنفيذى وعمله التشريعى رغم أن الدستور يأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات. فجلس تحت القبة وزراء نواب فى نفس الوقت، يرفعون أيديهم مع الحكومة، ويرفعون أيديهم مع البرلمان، ويحصلون على مكافآت العضوية البرلمانية ومرتب للوزير من الحكومة.

بالصدفة كان يجلس خلف رئيس الوزراء فى جلسة مجلس النواب، نائب عن إحدى دوائر القليوبية، وكان دائماً يقوم بدس كلمات لرئيس الوزراء فى أذنه، ويقدم له بعض الأوراق، ويترك الجلسة، ويعود يرد على رئيس الوزراء، ويستدعيه رئيس الوزراء ويوجه إليه تعليمات ويقوم بتنفيذها، هذا الوضع الغريب الذى لا يليق بقيمة وكرامة عضوية البرلمان جعلنى أسأل عن العلاقة الوظيفية بين النائب ورئيس الوزراء، اكتشفت أنه مدير مكتبه، شيء غريب أن يكون مدير مكتب رئيس الحكومة عضواً فى السلطة التشريعية! هذا الأمر شجع العديد من الوزراء أن يختاروا بعض النواب العاملين فى وزاراتهم للقيام بأعمال السكرتارية لهم فى المجلس، مثل جمع الطلبات من النواب داخل الجلسة، أو اللجان، وعرضها على الوزير لتوقيعها فى مكتبه بالوزارة، ويقوم النائب بتوزيعها على زملائه.

التآنس بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أو الاستئناس، أدى إلى ظهور علاقة زواج محرمة بين الحكومة والبرلمان، كما أدى إلى ظهور فئات فئوية فى مجلس الشعب منها طبقة رجال الأعمال التى ذهبت إلى القبة للدفاع عن مصالحها عن طريق تأمين موقفها فى حزب الأغلبية الذى كان يدير الانتخابات بطريقة حادى بادى، سألت الأمين العام لمجلس الشعب فى ذلك الوقت عن أسباب تكالب رجال الأعمال للحصول على عضوية البرلمان، فقال: لهم مصالح يدافعون عنها، كما أنهم يملكون الأموال ويبحثون عن منصب سياسى ووضع اجتماعى، ثم الحصانة، قلت له: هى الحصانة مفيش غيرها.

كان بعض الوزراء يفوزون بعضوية مجلس الشعب عن طريق إخلاء الدوائر لهم، وبعضهم فى مجلس الشورى، خلاف الوزراء الذين يتم تعيينهم فى مجلس الشورى ضمن نسبة الثلث المحددة للتعيين لمنحهم الحصانة التى تحميهم من التقاضى.

الوزير الذى سألته عن المُرَاقِب والمُراقَب غضب من سؤالى، ووضحت له أنه هو الذى قام أمام لجنة الإسكان رغم أنه وكيل اللجنة: يا جماعة أنا اليوم آتى إليكم موظفاً ولست نائباً، أنتم عارفين أننى أعمل فى وزارة الإسكان، والوزير حالاً قادم فى الطريق، وسأعمل على معاونته، وكان الوزير هو محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان وفى نفس الوقت نائباً فى مجلس الشعب عن باب الشعرية.

حاجة آخر لخبطة قام دستور 2014 بحلها، وإعادة الوضع إلى الشكل الصحيح وهو عدم السماح بترشح الوزراء لعضوية البرلمان، وعدم جمع النائب بين الوظيفة والعضوية فى البرلمان.