رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

الوعود الانتخابية غير المدروسة التى يدغدغ بها الناخب أحلام الناخبين، كارثية قد تؤدى انهيار دول كبيرة وعريقة. الازمات الاقتصادية التى يمر بها العالم لاتحل بمحاولة إرضاء الشعوب على حساب اقتصاديات البلاد ؛وإلا ستكون النتائج كارثية وهذا يفسر تراجع رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس التى خرجت من المشهد بعد 45 يوما من توليها المنصب عن وعودها غير المدروسة اقتصاديًا. والتى دفع ثمنها مستشار الخزانة كواسى كوارتنج الذى أقالته، فى محاولة يائسة للبقاء فى السلطة والنجاة من السوق والاضطرابات السياسية التى تجتاح البلاد. وتراجعها عن التخفيضات الضريبية البالغة ٢٠ مليار جنيه استرلينى (٢٢ مليار دولار)، الذى أشعل الأسواق المالية المحمومة.

واعترفت تراس بأنها ذهبت «أبعد وأسرع مما كانت تتوقعه الأسواق؛ وأنها تصرفت بشكل حاسم، لأن أولويتها هى ضمان الاستقرار الاقتصادى للبلد، وأن الوضع صعب.

تراس فازت بقيادة حزب المحافظين مـن خـلال وعدها بتخفيضات ضريبية واسعة وإلغاء الضوابط الاقتصادية، والسياسة المالية التى أعلن عنها كوارتنج كانت تهدف إلى تحقيق هذه الرؤية.

 

لكن استجابة الأسواق كانت شرسة لدرجة أن بنك إنجلترا اضطر إلى التدخل لمنع صناديق المعاشات التقاعدية من الوقوع فى الفوضى، حيث ارتفعت تكاليف الاقتراض والرهن العقارى؛ وهو ما يؤكد مدى تراجع سمعة بريطانيا فى الإدارة الاقتصادية السليمة والاستقرار المؤسسى.

هذا ما شدنى إلى رؤية قدمها «ويليام ديفيز» (عالم اجتماع وخبير اقتصادى سياسى) لما يحدث فى بريطانيا ؛ وهو بمثابة صورة طبق الأصل لما يحدث فى أى مكان من العالم الآن ؛ وهو محاولة بالنسبة لى ليفهم البعض أن الأزمة الاقتصادية التى نعيشها فى مصر،تعيشها العديد من الدول

الخلاصة الرئيسية من الأسابيع القليلة الماضية هى أنه لا يمكن لأى رئيس وزراء- أومستشار- أن يتجاهل آراء ومشاعر أولئك الذين يقرضـون الدولة أموالها. هذا ليس مفاجئا، على مر السنين للاعتراف بتفوق أسواق السندات. لم يكن بإمكان أحد أن يتوقع تمامًا كيف ستسير الأمور بين «الميزانية المصغرة» فى سبتمبر والسياسة المهينة وإقالة كواسى كوارتنج بعد ثلاثة أسابيع، ولكن حقيقة أن الأسواق ظهرت فى النهاية فى القمة تؤكد الافتراضات الأساسية لـ حقبة ما بعد السبعينيات.

لكن دراسة تجربة اختراق خطة الضرائب (تروس كوارتنج ) عن كثب، تظهر تفاصيل أخرى مختلفة حول الواقع السياسى والاقتصادى ؛ ما هى أنواع الخلل الاقتصادى المسموح به، وأيها غير مسموح به. تطلب إصدار هذه الأحكام خلال الأسابيع الأربعة الماضية بعض النفاق الملحوظ من جانب التكنوقراط والسياسيين المتنافسين والسياسيين السابقين، لكن ذلك لم يردعهم.

خذ بعين الاعتبار وجهة نظر النخبة حول «خرق» ترايس-كوارتنج. وتعامل صندوق النقد الدولى بريطانيا لأنها سمحت لسياستها النقدية وسياستها المالية بالسحب فى اتجاهات مختلفة. بينما كان بنك إنجلترا يحاول معالجة التضخم برفع أسعار الفائدة، كانت خزانة كوارتنج مذنبة بالمساهمة فى التضخم من خلال التخفيضات الضريبية.

ومع ذلك، كان الصراع بين السياسة النقدية والمالية هو السمة المركزية للعقد الكئيب الذى أعقب الأزمة المالية لعام ٢00٨. بينمـا حـرم جـورج أوزبورن(سیاسی واقتصادى ) الحكومة المحلية، ودولة الرفاهية ومشاريع البنية التحتية من الأموال، ضخ بنك إنجلترا كميات غير مسبوقة من الائتمان فى النظام المالى لمنع الكساد الكامل. كان التأثير المشترك مدمرا اجتماعيا (إلى حد ما أثر على متوسط العمر المتوقع ) ومربحًا ماليًا، حيث ارتفعت قيم الأصول. هل كان ذلك حقا «متماسكا»؟ أم أن الأمر يتعلق ببساطة بالأولويات الصحيحة مـن وجهـة نظـر صندوق النقد الدولى؟

ثم ضع فى اعتبارك الآلية الرئيسية التى أدى من خلالها الخراب الاقتصادى الذى أصاب تروس إلى ذعر حزب المحافظين وازمة قيادة أخرى: التكلفة الباهظة للرهون العقارية، التى ستتبعها أسعار المساكن فى وقت قريب. تشير الدلائل المستقاة من الثلاثين عاما الماضية إلى أن حكومات المحافظين يمكن أن تتغلب على مختلف الفضائح وكوارث السياسات، ولكن ليس سوء الإدارة المالية الذى يؤثر على مالكى المنازل. من المرجح أن يثبت ذلك مرة أخرى.

لكن لماذا هذا؟ بالنسبة لأولئك الذين تنتهى قروضهم العقارية ذات السعر الثابت، ويجدون أنفسهم ينتقلون من معدل فائدة 1,5% إلى 6%، فإن الصعوبات الاقتصادية ستكون كبيرة. قد يضطر البعض بلا شك إلى الانتقال من المنزل. لكن أزمة تكلفة المعيشة كانت قاتمة بالفعل قبل عدة أشهر من تولى تراس السلطة، فى حين تركت حكومة ديفيد كاميرون فقرا واسع النطاق فى أعقابها، حتى أنها أثارت انتقادات من اليونيسف وأوكسفام. « سقف « الرعاية الاجتماعية لأوزبورن، الذى منع العائلات التى لديها ثلاثة أطفال أوأكثر من تلقى مدفوعات إضافية، أضاف إلى الفقر المتزايد بالفعل، ولكن كان الدافع وراءه المصلحة الشخصية السياسية، وهى حيلة ساخرة لتقسيم حزب العمل.