رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

يقولون أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا! وحسنًا فعلت حكومة الدكتور مدبولى، وقرّ قرارها على إتاحة الفرصة للمغتربين للتمتع بإعفاء جمركى على السيارة التى يصطحبونها من الخارج، مقابل وديعة دولارية توضع بالبنوك.. ووفقًا للشروط التى حددها القرار. كان من أحلامى وأنا فى بداية حياتى بالكويت أن تتيح لنا الحكومة فرصة كهذه التى شارفت على التحقق الآن. انتظرت سنوات تلو الأخرى مثل هذا القرار الذى كان كفيلًا بأن يحل مشكلات كثيرة، فأنت فى الكويت–ودول الخليج– إذا امتلكت سيارة جديدة غير مستعملة فإنك تسعى للاحتفاظ بها وتكون بالنسبة لك «سيارة العمر»! هذا الـ «الوهم اللذيذ» يستبد بالمغتربين إلى حد أنهم يتابعون كل صغيرة وكبيرة فى هذا الإطار.. وذلك نابع من سهولة حصولهم فى الخارج على سيارات فاخرة بأقساط سهلة وبضمانات معقولة.. وصيانة معتبرة وتأمين شامل ضد الحوادث، وفوق هذا وذاك بـ«مواصفات خليجية»! كل هذه التسهيلات والمزايا لا يوفرها وكيل السيارات فى مصر.. بل إن بعضهم يتعامل مع العملاء على أنهم «لقطة» وربما لو وجد العميل نفسه «جنيه» سيسعى للحصول عليه، رغم أنهم متخمون ماليًا! لذلك كانت معضلة جلب سيارة من الخارج تصطدم بشروط الدولة، وأنواع الشرائح التى على أساسها يتم احتساب قيمتها الجمركية.. ومن هنا قد يكون لديك مثلا سيارة هوندا CRV أو بيجو 406 ولا تستطيع النزول بأيٍ منها ودفع جماركها التى تفوق ثمن السيارة نفسها البالغ 7 آلاف دينار تقريبًا! أى ما يعادل 420 ألف جنيه! فهذه الشريحة عالية جدًا.. فتحتسب وفقًا لسعة الموتور، بالاضافة إلى أن السيارة «فاضية» أى من دون كماليات كالراديو والتكييف والولاعة، تحاسب جمركيا بشكل مختلف، عن التى بها هذه الإضافات.

المغتربون كانوا حتى صدور القرار الاخير، يضيعون أموالهم بعد أن يضعوها فى سيارات لا يمكنهم استبقاءها بحوزتهم عند مغادرتهم النهائية.. كانوا يحلمون بالسيارات اليابانية القوية خاصة المتوقف انتاجها مثل «كريسيدا».. تطورت الاحلام إلى امتلاك سيارات الجيب ذات الدفع الرباعى.. المستحيل امتلاكهم لها فى مصر، وبالتالى فإنهم عند مغادرتهم النهائية–وأسوأها المفاجئة والقسرية– يضطرون إلى بيعها بأبخس الأسعار، فالمستعمل «مالوش سعر».. هذا من أكبر العيوب التى تصادف المغترب فى الدول الخليجية، إلى جانب طبعًا ندرة الميكانيكى الماهر، مثل المصرى الذى يستطيع أن يصنع سيارة جديدة من شاسيه خردة.

المغتربون عاشوا لسنوات عديدة فى وهم لذيذ اسمه امتلاك سيارة فى مصر، بمواصفات خليجية، حصلوا عليها بتسهيلات لم يحلموا بها من الوكيل المصرى. لكن ظلت الجمارك الباهظة عائقا يحول دون تحويل الوهم إلى واقع.. لقد أفنى كثيرون عمرهم وراء هذا الحلم.. حتى أننى أعرف أحدهم اشترى 10 سيارات فى الخارج على أمل أن يصدر قرار إما بتقسيط الجمارك، أو مقابل التزامه بإيداع وديعة دولارية فى البنوك المصرية. طرح هذا القرار قبل سنوات ولم يطبق أبدا.. وفى المقابل خسر كثيرون الحلم وخسرت الدولة الكثير من الدولارات.

هل القرار يعنى زوال دولة تجار السيارات الذين كانوا يضغطون لمنع المغتربين من اصطحاب سياراتهم من الخارج؟ هذا الإجراء وإن تأخر لكنه صحيح تماما.. أخيرًا الوهم اللذيذ سيصبح واقعًا!