رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بمقر الكلية الحربية حضر الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الخميس الماضى الثالث عشر من أكتوبر، الاحتفال بتخرج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية. قد يكون هذا الاحتفال تقليداً سنوياً معتاداً، ولكن ونحن على مشارف خمسينية حرب أكتوبر العام القادم، فإنها قد تكون مناسبة أكبر يتسع فيها مسرح الاحتفالية للكثير من الرموز والموضوعات التى تؤكد أن فكرة وضع الحدود الفاصلة بين ما هو مدنى وما هو عسكرى فكرة ليست صائبة خاصة فى بلد مثل مصر. مصر قد تكون حالة خاصة بين الدول سواء من حيث قدمها وبعدها الحضارى الممتد بعمق التاريخ كله، أو لسبب آخر يقول بأنها ككيان سياسى فقد تشكل به الجيش أولاً ثم ظهرت الدولة بمفهومها الحديث.. بداية التحاق العنصر الوطنى المصرى وبشكل رسمى بالجيش كان فى زمن محمد على، وحول فكرة جيش من أبناء مصر تكونت وكبرت فكرة الوطنية المصرية التى تجلت فى أبهى صورها مع أحمد عرابى كقائد مصرى ثائر ضد الاحتلال الإنجليزى وعسف الخديو توفيق.. ومن الثورة العرابية أطلت الملامح الحقيقية للهوية الوطنية المصرية متجلية فى صورة شعبية نادرة مع ثورة 1919، ثم عادت الراية للعسكرية المصرية فى 1952 لينتهى زمن طويل من الاغتراب بين محتلين وتبدأ مصر الجديدة بهويتها الوطنية الخالصة تاريخاً جديداً مثل العملة الذهبية التى أحد وجهيها الجيش والثانى الشعب وكلاهما خرج من ضلع الآخر فى توأمة تاريخية فريدة.

كان من دواعى الاعتزاز أن يتم الإعلان خلال الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من المعاهد والكليات العسكرية، أنه وتحقيقاً لرؤية «مصر 2030» حصلت الكلية الحربية على الاعتماد الأكاديمى من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد التابعة لمجلس الوزراء.

هذا الإعلان وبحضور الرئيس السيسى رئيس الدولة - القائد الأعلى للقوات المسلحة يحمل إشارة جميلة أن مؤسسة مدنية ممثلة فى الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد - التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، والتى تترأسها أستاذة فاضلة للعمارة، هى الدكتورة يوهانسن عيد - هذه الهيئة هى من منحت الكلية الحربية شهادة الجودة والاعتماد. المعنى الكبير وراء هذا الاعتماد الذى حصلت عليه مؤسسات عسكرية وشرطية أخرى يؤكد على اللحمة التاريخية للمصريين، وأن الهوية المصرية مركبة تركيباً نادراً يستوعب داخله فى عمل واحد نغمات مدنية وعسكرية تعزف لحناً للوطن يقول ويؤكد ويشدو ويفخر بأن «الكل فى واحد»، الكل من الوطن وللوطن.

اعتماد مؤسسات التعليم العسكرى من قبل هيئة مدنية خالصة هى هيئة الجودة والاعتماد، التى تستند فى عملها لمعايير اعتماد عالمية، مع الحفاظ على مواءمة تلك المعايير للهوية الوطنية - هو بالتأكيد نوع من المعاصرة الحقيقية لعالم جديد تسعى مصر، مع رئيسها وابنها عبدالفتاح السيسى أن توجد لنفسها بين جنباته مكاناً ومكانة لائقة بدولة هى الأولى فى التاريخ، وقلب ميزان الجغرافيا كما يراها العلامة د. جمال حمدان.. هنيئاً للكلية الحربية وكل مؤسسة عسكرية تحصل على اعتماد هيئة الجودة والاعتماد، وهنيئاً لهيئة الجودة شرف الانخراط فى عمل يرتبط بكرامة الأوطان ورفعتها.

وكما يفيض المجتمع بمؤسساته وأفراده على الحياة العسكرية بمؤسساتها ومجالات عملها، فإن هذه الحياة العسكرية قد فاضت بالكثير من إبداعات أبنائها على المجتمع وفنونه وآدابه.. بين كبار المبدعين نجد رجالاً حملوا شرف الانتماء للحياة العسكرية، بدءاً من وزير الحربية والشاعر محمود سامى البارودى (1840)، مروراً برائد التعليم على مبارك الذى كان أحد قادة القوة المصرية فى حرب القرم ضد روسيا، ولحساب الدولة العثمانية آنذاك (1854).. وفى العصر الحديث سنجد أحد أكبر وأهم رموز الثقافة والإعلام بعد ثورة 1952 الأستاذ الدكتور ثروت عكاشة- أحد من الضباط الأحرار- والأديب والوزير الأسبق الأستاذ يوسف السباعى خريج الكلية الحربية 1937، ومن سلاح الفرسان وتنظيم الضباط الأحرار للسينما المصرية أمتعنا بالكثير من الأعمال الفنان والفارس أحمد مظهر. الشقيقان عز الدين وصلاح، ذو الفقار، عز الدين من سلاح المدفعية للإخراج السينمائى، وصلاح ضابط الشرطة والفنان الكبير، ومن ضباط الشرطة أيضاً الأستاذ ممدوح الليثى بتاريخه الكبير فى الكتابة للسينما وإدارة المؤسسات الفنية والثقافية، أيضاً الأستاذ سعد الدين وهبة أحد أشهر كتاب المسرح وضابط الشرطة السابق.

الهوية المصرية هوية جامعة لكل المصريين، من يحملون شرف البناء، ومن يحملون أمانة الدفاع عن الوطن وصون حريته وكرامته.. مصر أكبر بكثير مما نتخيل، وعندما نستعيد الوعى الكامل بالتاريخ، ونتصالح مع حقائقه سنحقق لأنفسنا ولمصر أكثر مما نتصور ونحلم.